المقالات

الرجل الذي نسي إسمه


حمزة مصطفى

 

لم أره سوى مرة واحدة, أبو مهدي المهندس رحمه الله الرجل الذي كان يضع الموت في راحة يده على مدى عقود. كان ذلك في ندوة أقامها إعلام الحشد الشعبي قبل نحو شهرين ونصف تقريبا حيث وجه لي الصديق صباح زنكنة دعوة كريمة للحضور. مع بدء الندوة طلب أن لايتحدث هو أولا, بل يسأله الحاضرون ويتولى  هو الإجابة بلا مقدمات طويلة. على ما أذكر كان مصابا في الزكام  في وقت كان مبكرا من الخريف. بدأت الأسئلة وبدا لعدد من السائلين أن يبدوأ  أسئلتهم قائلين ..حاج  جمال وهو إسمه في هوية الأحوال المدنية (جمال جعفر إبراهيم).  تكرر الأمر عدة مرات وكإن الحاضرين نسوا إسمه الذي إشتهر به (أبومهدي المهندس) حتى إبتسم قائلا .. (تره آني نسيت إسمي) لكثرة مابدا اللقب مشهورا لاسيما بعد أن إرتبط إسم المهندس بعمليات التحرير ضد تنظيم داعش خلال أعوام 2014 ـ 2017 حيث كان كثيرا مايشاهد الرجل وهو يفترش الأرض ويلتحف السماء في جبهات القتال.

ربما هذا يفسر الموقف شبه الموحد منه من قيادات وأبناء المناطق الغربية الذين عملوا معه أو شاهدوه وهو كيف يقاتل داعش أو كيف يتعامل مع الناس بعد عمليات التحرير سواء كان ذلك على المستوى السياسي أو سلسلة التداعيات أوالتبعات الإجتماعية لما بعد عمليات التحرير.

قبل الغارة الأميركية الأخيرة التي إستهدفته ورحل على إثرها عن دنيانا على طريق مطار بغداد الدولي مع صديقه الجنرال قاسم سليماني وأطلق عليها الأميركان "البرق الأزرق" كنت بالمصادفة على مسافة قريبة من الزمن لاتتعدى العشر دقائق بين مروري مع إبني العائد من دبي حيث كنت أستقبله في مطار بغداد وبين العملية التي إستهدفت المهندس ـ سليماني.

كان طريق المطار في تلك اللحظات خاليا وبدا موحشا, حيث لاسيارات حيث لم تعد ثمة طائرات تهبط في مطار بغداد. كان المفروض أكون مع إبني في المنزل قبل أكثر من ساعة ونصف من موعد التأخر في المطار بسبب إجراء طارئ يتعلق بمجريات التفتيش. الموت غالبا مايأتي فجأة وبلا أية مواعيد أو بروتوكولات. لا أحد يختار طريقة موته الإ قة من الناس ربما بينهم المهندس نفسه الذي كان وضع طريق  الموت خلفه لا أمامه. بمعنى إنه من النوع الذي لم ينس إسمه فقط, بل نسي الموت المتربص به في أية لحظة والمتوقع في كل اللحظات.

حين مررت بطريق المطار الموحش ماعدا إضاءاته التي بدت خافتتة تقريبا لم أكن أتخيل أن طائرة "مسيّرة" كانت تختفي في مكان ما بين السماء والأرض تنتظر سيارة أخرى غير سيارتي الوحيدة التي كانت تنهب طريق المطار الخالي بسرعة متوسطة حيث عادتي الدائمة وهي التأني في السياقة.  ما أن دخلت المنزل الذي لايبعد عن المطار كثيرا حتى سمعت دوي أصوات مختلطة بين صاروخ وطائرة.

في عصر السرعة لم نعد ننتظر ماهو مخفي أو بعيد. سرعان ماجاءت الأخبار عبر السوشيال ميديا. كانت الطائرة المسيرة تستهدف سيارتين بعدي بزمن لايبعد عن زمن مروري وفي نفس الشارع بعشر دقائق. كان في السيارة رجلان كلاهما كان يتوقع موته بدرون أو ببرق أزرق أو بدونه. كان أحدهما الرجل الذي نسي إسمه أبومهدي المهندس. بقي السؤال هل إختار الموت الإسم أم الكنية؟ لا فرق عند جمال جعفر لكن الموت قد يدوخ طويلا لكي يفرق بينهما.

ـــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك