( بقلم : علي جاسم )
شاعت خلال الحقبة الصدامية المظلمة مفاهيم عديدة غطت على حقوق وحريات المواطن العراقي وكتمت انفاسه وحاولت ايادي تلك الحقبة السيطرة على عقول ابناء البلد وابداعاتهم وانجازاتهم فابتكرت وابتدعت آراء وعناوين سلطوية كان غرضها والهدف الوحيد منها هو اعاقة أي اعمال داخل الوزارات والمنشآت الحيوية تدفعها الى أمام وتعطي ثمارها ونتائجها للشعب.
ومن بين تلك المفاهيم مثلا ان بعض الوزارات ودوائرها تسمى بالوزارات والدوائر المنتجة أي انها باختصار تستطيع تحمل نفقات رواتب موظفيها والمصارف الاخرى، في حين تنعت وزارات اخرى تكون مصاريفها اكثر من وارداتها المالية بانها وزارة مستهلكة. ذلك النظام تلاعب بالمفاهيم والنظريات الاقتصادية لغايات سياسية واضحة ومعلومة و(لغاية في نفس يعقوب)، فمثلا وزارة الصناعة سابقا كونها تعتمد على نفسها(وان كانت الصناعة متدهورة ايضا) وتستطيع من خلال مصانعها ومعاملها ان تعود بفوائد مالية كبيرة تمكنها من دفع رواتب واجور موظفيها، اما وزارة التربية ولعدم وجود منافذ وطرق تستطيع بها الوزارة سد اجور منتسبيها فكانت انظمة(القائد الفذ) كثيرا ما تصف التربية بالوزارة المستهلكة وانها تستهلك اكثر مما تنتج امعانا في الحاق الذل والهوان بالمعلمين وجعلهم لا يتفانون في اداء واجباتهم بتربية الاجيال ولتنفيذ الخطة الصدامية بالقضاء على التعليم في العراق بطريقة غير مباشرة وبخطة مدروسة ولحجر الفكر العراقي والقضاء على أي ابداع يرفض الذل والجور. وعلى الرغم من زوال ذلك الصنم واياديه القمعية لكن يبدو ان افكاره و(مفاهيمه) لم تزل تطبق لدينا ونعمل بها من حيث لا نشعر وكأننا كنا نرفض(الصنم) لاسمه وشكله لا لجوره وظلمه وافكاره التعسفية وانظمته الديكتاتورية،
فما زال الراتب الشهري وملحقاته لموظفي الوزارات المنتجة كالكهرباء والنفط والصناعة يعادل اضعاف راتب المعلم الذي يعتبر سيد المنتجين واولهم فلولاه ما كانت تقوم للمهندسين والاطباء و(الكهربائيين والصناعيين والنفطيين) قائمة، ولو تم حساب الاجور بمقدار الانتاج فلا شك ان راتب المعلم سوف يمتلئ بالاصفار العديدة من جهة اليمين، كما ان الوزارة المنتجة ستعود بالنفع الوافر لوزيرها المنتج في حين ان الوزارة المستهلكة ستكون وبالا على وزيرها وكان الله بعونه حينما يغدو وزيرا مستهلكاً غير منتج! انها مفاهيم ونظريات تحمل الاخطاء والاغلاط وهي بحاجة ماسة الى التصحيح والتصويب.
https://telegram.me/buratha