المقالات

نبكيها في يوم عيدها !!  


عبد الزهرة محمد الهنداوي

 

كم كنت اتمنى , لو ان المتظاهرين المنتشرين في ارجاء  الوطن ، مطالبين بالإصلاح ، لو اضافوا الى مطالبهم الحقة والمشروعة ، طلبا ، بإصلاح واقع حال اللغة العربية في مؤسسات الدولة كافة ، بعد حالة الانهيار الفجيعة التي تعرضت لها ، في مؤسساتنا ، وحتى جامعاتنا التي من المفترض ان تكون عرينا مصانا ، يحمي لغة الضاد من حالة الاستخفاف بحالها ..

فهل من المنطق والمعقول ان يصل الحال بلغتنا الام ، الى ما وصلت اليه وهي  التي جاءت بالأسماء التي علمها اللهُ آدمَ ليخبر بها الملائكة أجمعين.. وهي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه ؟ .. وهي الكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم فأتمهن ليجعله للناس إماما ؟ .. أمن العدل ان تنهار لغتنا و هي لغة الأمة التي جعلها الله وسطا فكانت خير أمة أخرجت للناس ؟.. وهي كلمة  الله التي بشر  بها مريم ؟ .. وبها جاء أحسن القصص الذي أوحاه  الله لنبيه عن نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وداود ؟ .. وهي (أ. ل . م . ص ) ؟  هي  الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء ؟ .... هي (ك . ه . ي . ع . ص).. هي (ط . س . م).. هي (ا . ل . م) .. هي (ح . م . ر . ع . س . ق )

..هي (قاف والقران المجيد).. هي (الكتاب المسطور في رق منشور)  .. هي (نون والقلم وما يسطرون) ؟

هل من المروءة ان يتردى حال لغتنا وهي التي نزل بها القرآن العجب الذي استمعه نفر من الجن فآمنوا بربهم ؟ .. وهي المعجزة الكبرى التي بزً بها النبي محمد (ص) ماسبقه من الأنبياء والرسل (اقرأ باسم ربك الأكرم الذي علم بالقلم) وبها كان  العارف لما سبق والفاتح لما استقبل..  ؟

نعم انها ،  المعجزة الكبرى .. لانها  مداد كلمات الله التي لو كان البحر ومن خلفه سبعة أبحر لنفدت مياهها وأجدبت وما نفدت تلك الكلمات ..

نعم انها المعجزة الكبرى ،  فبحروفها نظم الشعراء قوافي وجدهم :(هل جادك الوجد والأشواق تحترق ... وأمعن السهد في عينيك والأرق ) .. وهي ترنيمة بوح العذارى .. هي صليل السيوف واشتباك الأسنة  ، تشحذ معنويات أبطال فتوح العرب .. هي هدهدة أم لوليدها وهو في المهد صبيا.. هي  همسة عاشق لحبيبته .. هي معين تاريخنا وأدبنا وتقوانا ونزقنا .. هي التي حفظها لنا الله في قرآنه الكريم .. هي روح البلاغة ونهجها ..  هي لغة العشق والوجد ..  هي المعلقات السبع  .. هي ميمية الفرزدق : (ما قال لا قط إلا في تشهده .. لولا التشهد كانت لاؤه نعم) ..  هي (بحور) الفراهيدي و(نقاط) أبي الأسود الدؤلي و(قواعد) سيبويه و(حر) السياب ونازك الملائكة و(قل ولا تقل) مصطفى جواد.. هي كلمات  ليست كالكلمات  ..  هي حضارة ..  هي تاريخ .. بحروفها عرفت الإنسانية الطب والهندسة والرياضيات والفلك ..  هي ذا وذا وغيرهما الكثير..- هي لغتنا العربية .. إن بقيت بقينا امة تشمخ بين الأمم .. وان تلاشت تلاشينا لنصبح أثرا بعد عين ..

لغتنا اليوم في خطر .. فالأدب الرفيع بدأ يتراجع ليسود بدلا منه أدب (الفيسبوك) ومفردات هجينة تغولت علينا فأضعنا لغتنا الأم !! .. ترنيمات العاشقين المغناة لم تعد تحمل روحا عذبا .. غابت لغة الشعر والمعلقات والملاحم  !!.. فمن ذا الذي يوقف التداعي الخطير الذي تتعرض له لغتنا العربية التي اعتمدتها الأمم المتحدة واحدة من اللغات العالمية الحية وجعلت لها يوما سنويا هو الثامن عشر من كانون الأول ؟؟ .. هل سنقف على اطلال امرؤ القيس لنبكي مجدا غابرا ، كانت فيه اللغة العربية  سيدة اللغات لينطبق علينا قول عبدالله البردوني (ماذا فعلنا ؟ غضبنا كالرجال ، ولم نصدق ، وقد صدق التنجيم والكتب) ؟

البكاء لايجدي نفعا ، والغضب الاجوف ، لايصلح حالا ، فلغة الضاد ليست بحاجة الى من يبكيها ، بقدر حاجتها الى تضميد جراحاتها الغائرة في مفرداتها الباهرة !!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك