( بقلم : امجد الحسيني )
ان القوى اللبنانية العاملة على الساحة اللبنانية اليوم كانت قبل اكثر من عشرين عاما قد شهدت حربا اهلية طاحنة وكانت هذه الاحزاب في غالبها هي المليشيات التي حاربت وقاتلت وكان الشعب اللبناني بكل اطيافه جزاء من المليشيات ووقودها وهي تعي ان الحرب الاهلية ستكون اكثر مرارة مما حدث في الماضي ولكن السؤال الذي يطرح نفسه قويا هو ان هذه القوى التي عاشت تلك الفترة بجزءياتها ومآسيها لماذا تريد اليوم الى الحرب الاهلية ؟والجواب على ذلك يعود الى الخارطة الجديدة للبلاد اللبنانية التي بدأت برسمها امريكا ودول ما يسمى بالاعتدال العربي وتحديدا بعد انتصارات حزب الله التي اعتبرها الزعماء العرب شوكة مؤلمة تُعيّرهم بها شعوبهم فالمقاومة التي يعتبر العسكريون اعدادها ضئيلة مقارنة بالجيوش العربية التي كانت تعيش حلم القومية المزعومة والشعارات الكاذبة اثبتت فشلها وفشل سياسة الاستسلام التي كانت تختفي وراءها بدعوى ان اسرائيل دولة نووية قوية لا تستطيع دول المنظومة العربية مجابهتها فكان على دول الاعتدال العربي ( السعودية ، مصر ، الاردن) واذنابها ( قطر ، الامارات ، عمان ، الكويت ، تونس ، السودان ، المغرب ، اليمن ) ان تفكر في انهاء حزب الله ، لكن لبنان كله يقف خلف حزب الله ؟
هنا فكرت الدول الغربية واسرائيل التي يشكل حزب الله بالنسبة لها الخنجر والممانع الوحيد لسياسات التطبيع في المنطقة ففكرت الدول الغربية في ان تنهي حزب الله ولكن ماهي الوسيلة ؟ فكانت الوسيلة هي مقايضة العربية االسعودية التي ذهب زعماء الحكم فيها الى واشنطن مطئطئي رؤسهم خانعين بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول يسترضون امريكا لان اغلب الارهابيين الذي فجروا برجي التجارة العالمية سعوديون او ممن تدرب وامتهن القتل والتكفير في السعودية ، هنا قررت امريكا ان تغفر للسعودية والغفران الامريكي غالي الثمن ؟قررت امريكا ان تفكر في المؤامرة فيما يقع التمويل على دول الاعتدال وعلى رأسها السعودية العربية التي عليه تقع 60% من ميزانية المؤامرات ورواتب تقني المتفجرات ومافيات القتل والمخططين لتخريب الوضع في لبنان وكان المكسب الوحيد للسعودية في هذه المؤامرات عدى رضى امريكا هو اخراج سوريا من لبنان مما يسمح للسعودية التمدد على الساحة الشامية التي طالما حلمت في ضمها للملكة السعودية بعد ان سيطرت على اغلب الاراضي اليمنية ؟
كان الطعم قتل ربيب السعودية الاول رفيق الحريري وسط بيروت لانه رفض ان يكون جزءا من المؤامرة واستخلاف الشيخ سعد الحريري ولا اعرف ان لقب الشيخ في لبنان من الالقاب التي يتداولها اللبنانيون ولكن ماذا تسمي السعودية سعد الحريري فهو عبد من عبيدها فهل تسميه " الامير " وهو لا يرقى الى هذا اللقب في نظر السعوديين فقررت السعودية اطلاق لفظ الشيخ سعد الحريري لتعطيه مسحة التبعية كما كان العثمانيون يهبون لقب الباكوية والباشوية على عبيدهم العرب المخلصين .
بعد مقتل الحريري كانت السعودية تفكر في ان تخرج سوريا من لبنان بعدها تهب الاموال للبنانيين فنجحت في خطتها فاشترت اصوات الناخبين ليتسنم مقاعد السياسية في لبنان انصارها الذين كتبوا صكا ابيضا لتجريد حزب الله من سلاحه لكن ممانعة حزب الله كانت اقوى فصارت الى الخطة (ب) والتي تقضي بدفع اسرائيل الى حرب كانت تتصور امريكا ودول الاعتدال العربي انها ستقضي على حزب الله ؛ لكن تجري الرياح بما لاتشتهي خيالات الغرب والاعتدال العربي وكان الفشل الاسرائلي الامريكي مريرا فكان على السعودية ان تدفع اضعاف ما اتفق عليه من الاموال لاستمرار اللعبة التي كانت تأمل انها لا تطول لكنها طالت رغم انفها ؟
هنا بدأت امريكا ودول الاعتدال العربي تفكر في الخطة (ج) بعد ان رأت جميع التخطيطات الاستراتيجية ضد حزب الله تبوء بالفشل وبعد ان امتلء الشارع اللبناني بمناصري حزب الله معارضيين للحكومة حتى عرف العالم ان الاغلبية الحقيقية هي اغلبية المعارضة وليست اغلبية المولاة الاكثرية الكاذبة ؟
الخطة (ج) تعتمد على تحشيد شارع المولاة وتصعيد اللهجة والتهديد من قبل سياسي المولاة (بالحرب الاهلية ) باستخدام السلاح الطائفي ولكن هذا التحشيد فشل ايضا عندما استشهد القيادي في حزب الله عماد مغنية او الشهيد الحاج رضوان الذي دفع محبيه لتشييعه وسط العاصمة بيروت شهد ساحتين الاولى ( الموالاة ) قصدت التحشيد ولم تجمع رغم ذلك الا القليل والثانية (المعارضة) التي لم تقصد التحشيد لكن استشاد الزعيم المجاهد دفع احبائه للتجمع وهنا فشلت المؤامرة الاخيرة لخونة لبنان من انصار المولاة فضاعت تجمعاتهم المدفوعة الامول سلفا امام السيل الجماهيري المحتفي باستشهاد المقاوم عماد مغنية .
هنا هل لا يزال سيناريو الحرب الطائفية التي تلوح به قوى الرابع عشر من اذار قائما ؟لا اعتقد ذلك لان اسرائيل بعد خطاب السيد حسن نصر الله صارت اكثر خوفا والتجاءا للجحور منها الى الظهور كما ان بوش الانجيلي الامريكي سيغادر البيت الابيض وهو حانق ان سيناريوهاته في لبنان فشلت الواحد تلو الاخر ولم يبق لدول الاعتدال الا القبول بالهزيمة المريرة الذليلة والانتحار السياسي ، وقريبا سيلجأون الى التفاوض او الهروب من لبنان للعيش في اوربا قرب ابنائهم وزوجاتهم متمتعين بالريال السعودي الذي لن يدوم طويلا .
https://telegram.me/buratha