المقالات

أعراس وحشية

1685 2019-12-01

هادي جلو مرعي

 

واحدة من روائع القصيد التي نسجت في وصف ماجرى في واقعة كربلاء الشهيرة التي قتل فيها سيد شباب الجنة الحسين بن علي وأهله، وبنو عمومته وأصحابه، وتصف حال شاب قريب للحسين أصر على نصرته، وقطعته سيوف الأعداء، وهو شاب كان مقبلا على الزواج، لكنه تلقى السهام بدلا من القبلات، ومطلعها:

يمه ذكريني من تمر زفة شباب

من العرس محروم ... حنتي دم المصاب

شمعة شبابي من يطفيها

حنتي دمي والكفن ذاري التراب

 هناك طيفان من البشر عبر تاريخ البشر، طيف منتفع يبرر للحاكم فعله، ويشاركه فيه، وطيف معترض رافض متمرد باحث عن الخلاص وعن التغيير، فيصدمان في القول، وفي الفعل، فيتجاذبان رداء الحقيقة، ولابد أن يكون الحق مع أحدهما دون الآخر. فليس معقولا أن يتناجز إثنان بالسيف، وكلاهما على الحق.

مرت بالعراق نوائب ومحن، وكان الناس يعترضون على ظلم الحاكم وفساد الحاشية، وكان الحاكم يبرر، ويريد منهم أن يستسلموا ويطيعوا، ولا يعترضوا على شيء لأن الحاكم يحكم بأمر الله، وهو رجل لا يأتيه الباطل لا من بين يديه، ولا من خلفه، وهو يرى مالا يراه الناس، وقد قالها الفرعون القديم لقومه: لا أريكم إلا ما أرى.

مثلما إعترض العراقيون على ظلم من سبق من الحكام هاهم يعترضون على فساد حكامهم في هذا الزمان، وهذا أمر ليس بالغريب، وإذا ماكان من حقيقة فهي إن الناس يعانون، وليسوا مدعين، ولا باحثين عن مناصب ومراتب، هم يتحدثون عن كرامة، وعن وطن ووجود ومستقبل، ولابد من رعاية مصالحهم وحمايتها من مؤسسات الدولة المسؤولة عن ذلك وفقا للقانون الدستوري والإنساني.

ما قدمته الناصرية من شهداء، وما سقط في النجف من نجوم، وفي مدن غيرها يشير الى إن الأمر ليس تحديا عابرا، بل هو رفض لواقع لا يلائم حياة الناس وكرامتهم، وهم يريدون واقعا مختلفا يتطلعون من خلاله الى غد مشرق يستحقونه لأنهم أهل للغد، ولا يتوسلون أحدا لذلك، بل هو حق، وعلى من يتصدى للمسؤولية أن يلبيه.

هولاء الشهداء في الغالب لم يتزوجوا، وما تزال أمهاتهم يأملن بأن يكون ذلك كابوسا عابرا، وأن يحتفلن بهم في أعراس لا تنتهي، ولكن شاء قدر الناصرية أن يكون عرسها وحشيا تسيل فيه الدماء، وتذرف الدموع.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك