بقلم: حسن الهاشمي
إن للمرأة مكانة ومنزلة ومقاماً في المجتمع، فهي نصف المجتمع وهي الأم التي تنجب شخصيات وعظماء وأبطالا وعباقرة، وهي التي تقف وراء كل رجل عظيم، وهي المدرسة المعطاء وهي السكن واللباس، وهي الأخت والزوجة والعمة والخالة.
فقد كان للمرأة في صدر الإسلام وأيام الدعوة الإسلامية دور مهم وبارز، فكانت تشارك الرجال في المصائب والنوائب، وفي السلم والحرب، فكانت تضمد الجرحى وتداويهم وتشجعهم وتحثهم على الجهاد والكفاح والنضال، وكانت زينب بنت أمير المؤمنين شريكة للامام الحسين في نهضته المباركة وثورته العملاقة، وقد تحملت مسؤولية التبليغ والإعلام للثورة ووقفت بكل شموخ وإباء مرفوعة الرأس، صابرة، متجلدة، تخاطب قتلة الإمام الحسين وتقول لهم: يا يزيد فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تمت وحينا. فكانت هي المكملة والمتممة لنهضة الحسين عليه السلام، وقد دخلت ساحة الصراع الدائر بين الحق والباطل غير مبالية بالحرب وبأسنة الرماح وقعقعة السلاح وهي التي حفظت عيال وأولاد ويتامى الحسين، وكانت تمرض ابن الإمام علي بن الحسين، وتكلم الرجال حول مصير الأسرى ومواضيع أخرى.فمن حياة زينب نعرف أن مسؤولية المرأة كبيرة لأنها بالإضافة إلى أعمالها المنزلية وتربية أولادها والقيام بواجباتها يجب عليها أن تدخل الساحة وتطالب بحقوقها وحقوق بنات المجتمع وتدافع عن الحق وتتصدى لنشر الإسلام الأصيل ويكون لها رأي في القضايا المطروحة على الساحة.
ونعود لنقول انه لولا دور المرأة البطلة زينب الكبرى في كربلاء لما كان لتلك الدماء الزكية الطاهرة تأثير في نفوس المسلمين، فقد بعثت فيهم روح الشهادة والجهاد والنصرة لدين الله والانتقام لدم سيد الشهداء وصحبه الأخيار، وخير دليل على ذلك ثورة التوابين وثورة البطل المختار بن أبي عبيده الثقفي وثورة زيد بن علي وغيرها من الثورات ضد الباطل والمنحرفين والطغاة.
فالمرأة المسلمة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع وهي نصفه الأحلى المفعم بالعاطفة والحنو والمشاعر ولولاه لأضحت الحياة جافة ومعقدة لا حراك فيها ولا عطاء ولا تطور، يجب ان يكون لها دور في الأمور السياسية في البلد سواء من خلال الجمعيات النسائية او من خلال المشاركة في الانتخابات والتمثيل في مجلس النواب او المجلس البلدي او مجلس الوزراء، ومن خلال المشاركة في الندوات الثقافية والاجتماعية والسياسية أو من خلال التعليم والتدريس وغيرها من النشاطات، كل ذلك مع الالتزام الكامل بالحجاب الإسلامي والحشمة والعفة والحياء والابتعاد عن المحرمات والاختلاط غير المشروع.
المهم أن تؤدي دورها الريادي المطلوب في نشر الفضيلة وتربية الأجيال المؤمنة بالمسيرة الحسينية الرائدة التي تأبى الظلم والظالمين وتكرس القيم والأخلاق في المجتمع الإسلامي، فقيمة ومقام المرأة يكمن في الحفاظ على عفتها وكرامتها وتلبليغ الرسالة في أوساط الجماهير، ولولا هذه الأهداف التي تتدثر بها المرأة المسلمة لأصبحت ألعوبة بأيدي الطامعين أصحاب الغرائز الحيوانية الذين لا يهمهم من المرأة سوى جسدها والجنبة المادية فيها وهذا ما سيؤول بها إلى الإنحطاط والإسفاف وبالتالي ضياع المجتمع تحت حراب النظرة المادية المقيتة، فالحياة عقيدة وجهاد وموقف هذا ما أثبتته زينب الكبرى في كربلاء، وكل من يسير على هذا المنوال فإنه يرتقي لا محالة مدارج الكمال في الدنيا والآخرة...
https://telegram.me/buratha