( بقلم : ناهدة التميمي )
كان يعمل معنا احد الزملاء الوقورين وهو بالاصل طبيب كان يعمل في اوربا ومتزوج من اوربية .. ولكنه عندما عاد للعراق ووجد ان مهنة الطب في زمن صدام قد تفرض عليه اشياء ضد ضميره وانسانيته مثل قطع الالسن وجدع الانوف وقص الاذن ووسم الجبهة, آثر ان يتجه الى الصحافة ليمارس من خلالها شيئا من مبادئه وحريته .. وفي نقاش عام عن الفقراء واوضاعهم , قال: الا تعلمون ان الفقراء لايدخلون الجنة .. فاستغربنا من هذا الرد, وسالناه: ايعقل انهم اضافة الى فقرهم وحرمانهم ومعانتهم لايدخلون الجنة!! .. قال نعم .. لان الفقراء وبسبب ماذكرتموه من فقر وبؤس وحرمان وعدم اطمئنان للمستقبل وصراعهم مع الحياة فانهم كثيروا التذمر والشكوى .. فعندما يريدون ملبسا جديدا وغاليا, او علاجا محترما او قطعة اثاث غالية او كهربائيات تنقصهم ولايستطيعون, فانهم يتذمرون ... وهذا حسب الشرع ( كفران بالنعمة ) لان الانسان يجب ان يشكر في كل حال من الاحوال, وهذا ( الكفران بالنعم ) يحرمهم الجنة .
اما الغني الموسر المرتاح البال الامن المستقبل غير المحروم من شيء القادر على شراء كل ماتشتهيه نفسه فتراه حريصا ان تدوم عليه هذه النعم فيكثر من الشكر والثناء لله على نعمته عليه وهذا يدخله الجنة.....!!!! وهذا هو حال فقرائنا اليوم ممن حلموا بجنة التغيير بعد سنين من الحصار والحرمان والاعدامات الجماعية والتهم الجاهزة والترهيب .. حلم هؤلاء البسطاء بالمسكن الآمن والعيش الكريم خصوصا الارامل والايتام والعجزة والمرضى والمعوقين الذين كانوا حطب الحروب العبثية البعثية ومادة الارهاب العروبي البعثي الوهابي الطائفي الشوفيني اليوم .. فكان املهم كبيرا بالرعاية او الحماية الاجتماعية ان تنصفهم وتجلي عنهم ضيم السنين وتراكماتها من الفقر والعوز... فاذا بهذه الدائرة والمفترض انها انسانية تمنح رواتبها لمن ليس بحاجة لها لقاء بضعة اوراق خضراء ..
ففي منطقتنا التي يسكنها اناس موسرون, تسكن عائلة رب اسرتها من ملاك الكراجات ومعارض السيارات ولكنه اصيب بحادث اقعده .. وعندما زرناه فوجئنا بانه يستلم راتب الحماية الاجتماعية وقال انه دفع في وقتها مائتي دولار ليشدوا له الراتب اما الان فاصبح طلب الشمول براتب الحماية باربعة او خمسة اوراق . بينما الفقير الحقيقي مازال يعيش بين الخرائب والحفر وعلى اكوام المزابل ياكل منها وينام عليها لان هؤلاء الفقراء لا يملكون فلسا واحدا يدفعونه لعديمي الضمير المسؤولين, ليشملوهم بجنة الرعاية الاجتماعية.
كنت استمع الى برنامج الاسلام الحق على العراقية فاتصلت امرأة شابة من مدينة البصرة التي تزود الخزينة المركزية بحوالي عشرة مليارات شهريا من عوائد النفط وضرائب الكمارك والموانيء, اي ان دخل العراق تقريبا كله منها. هذه المرأة كانت تستغيث وتقول ياشيخ انجدوني انا واولادي الاربعة الصغار باي مبلغ قبل ان اضيع ويضيع الاطفال معي فانا ارملة قتل زوجي قبل اشهر وتركني مع هؤلاء الصغار دون اي دخل او معين .. وتقول اسعفونا باية مساعدة فقد كتبت للمحافظ والرعاية الاجتماعية وطرقت كل باب ولا فائدة. وان لم ندفع الايجار سنرمى في الشارع ونضيع...!! اسمعوا يااصحاب الميزانية الانفجارية..
اليوم يطلب اللهفويون والفرهوديون في دوائر الدولة خمسة اوراق من الخريج ليحصل على وظيفةّّ!! طبعا هذا اذا ( طلع عنده ضمير) وبعد ما اخذ المبلغ اوفى بوعده وعين الخريج المسكين, الذي يكون قد استدان هذا المبلغ او باع له اهله قطعة اثاث او شيئا ثمينا حتى يتم تعيينه .. لانه في حالات كثيرة يستلمون المبلغ ولايفون بوعدهم .. ثم السؤال كيف يمتلك خريج هذا المبلغ!! ولو كان يمتلكه ..فهل كان سيبحث عن وظيفة في ظل هذا الوضع المتردي ؟؟ او لكان هرب من العراق... ولكن الفقراء لايدخلون الجنة.
https://telegram.me/buratha