المقالات

إنما  لـ "الديمقراطية" حدود


حمزة مصطفى

 

 مثل الصبر الذي له حدود على "كولة" أم كلثوم في أغنيتها الشهيرة "إنما للصبر حدود" فإن للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير حدودا. حدود الصبر والديمقراطية متلازمتان إن فلتت إحداهما يصبح الوضع خارج السيطرة. فإن خرج الصبر عن حدوده ومن بينها المطالب المشروعة للمتظاهرين إن كانوا في العراق أو  لبنان أو  الجزائر أو السودان أو هونغ كونغ أو برشلونة, فإنه يتحول الى قمع وفوضى وإنقلابات وقتل ونهب وسرقة. عندها لن يتحقق شئ, لا المطالب سواء كانت مشروعة أم ذات سقوف عالية أو الأمن والنظام الذي تسعى اليه الحكومات.

وفي المقابل حين تخرج الديمقراطية وحرية التعبير عن الحدود التي يكفلها الدستور والنظام العام في أي بلد من البلدان سواء كان راسخا في الديمقراطية أو "لحيمي" يحاول الطيران حتى لو"ناصي", فإن الذي يحصل إما فوضى عارمة لاينفع فيها دستور ولا نظام إجتماعي تكفله الأعراف والتقاليد أو عودة الى الدكتاتورية بإسم الأحكام العرفية أوربما إنقلاب يقوده الجنرالات مثلما حصل في السودان وإن كانت المخرجات أفضل بكثير مما كان متوقعا.

أين نحن ممايجري في العالم الذي يتظاهر الآن بعضه منذ سنوات وبعضه منذ شهور؟. أقصد أين موقعنا على خريطة هذه التظاهرات من هونغ كون في الصين الى كاتلونيا في إسبانيا وبينها الجزائر ولبنان, مع ملاحظة  أن السودان سجل هدف الفوز في التصفيات الأولية وأنتقل الى الدور الثاني بعد أن تعافى من الحكم الدكتاتوري الذي جثم على صدره لمدة 30 عاما قضاها رئيسه السابق عمر البشير بالرقص والفوضى.

لا نريد الذهاب  بعيدا الى أقاصي العالم بحثا عن قرين لنا في التظاهرات, بل سنكتفي بمثال قريب وفي بلد شبيه لنا هو لبنان. فنحن ولبنان من قماش واحد عرقيا وطائفيا وسياسيا الى الحد الذي حين نريد إدانة أنفسنا نطلق على نفسنا وصف "اللبننة" التي تعني رفض الحالة السياسية التي نحن فيها والتي تقوم على المحاصصة في كل شئ ولكل شئ وعن أي شئ ومن أجل أي شئ وأي "شئ في العيد أهدي اليك؟".

وفي مقابل ذلك فإن اللبنانيين حين يريدون إدانة أنفسهم يطلقون على وضعهم بـ "العرقنة" توصيفا لحالة مرفوضة من قبلهم متمنين أن يتخلصوا منها بأي ثمن. كان الثمن هو التظاهرات غير المسبوقة التي تجتاح كل  لبنان. والأهم أن معظم شعارات هذه التظاهرات شبيهة الى حد كبير بشعاراتنا لاسيما مفردة "كلهم" التي يطلقها متظاهرونا ضد الطبقة السياسية والتي تعني لا إستثناء لأحد من قائمة الفشل أو الفساد. في لبنان فإن المفردة التي شاعت عندهم والتي هي من آثار العرقنة هي مفردة "كلن" أي لا إستثناء لأحد. الفارق بين الحالين إنتفاء لوصفي اللبننة والعرقنة. فنحن نتمنى أن "نلبنن" تظاهراتنا بحيث تشبه تظاهرات لبنان التي هي أشبه بكرنفال جميل لا حرق إطارات ولاقناصين ولامندسين ولا "جيب" اللجنة و"ودي" اللجنة. واللبنانيون يعملون بكل طاقتهم أن لا "يعرقنوا" تظاهراتهم لأنهم حريصون أن لا تتحول الى  ساحة معركة دونها معارك الطرف الأغر أوالعلمين أو حتى موقعة أحد التي لم يسقط فيها أقل من نصف ماسقط من شهداء وجرحى مع إنها نشر دين جديد لا.. فرص تعيين.    

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك