المقالات

الشَّعائِر.. رُؤيَةٌ فِي الجَدَليَّةِ (٦)


نـــــــــــزار حيدر


كانَ قرار النِّظام، في صفر عام ١٩٧٧، حازماً وحاسماً في منعِ مسيرات الأَربعين الرَّاجلة المُتَّجهة إِلى حيث مثوى السِّبط الشَّهيد (ع) في كربلاء.
وكانَ النِّظامُ الجائر قد منع في السَّنَتَينِ السَّابقَتَين كلَّ مظاهر عاشوراء تقريباً، كالمواكبِ والمجالسِ الحُسينيَّة.
وكان قرارُ الأَحرار التحدِّي والسَّير إِلى الحُسين السِّبط (ع) مهما كان الثَّمن، فالحفاظ ُ على هذهِ العادةِ السَّنويَّة هو آخر التحدِّيات.
إِستنفر النِّظام جيشهُ وكلَّ قواهُ الأَمنيَّة والإِستخباراتيَّة، فضلاً عن القوَّة الجويَّة والبريَّة لمواجهةِ المسيرات الرَّاجلة والتصدِّي لها في بدايةِ الطَّريق من النَّجف الأَشرف إِلى كربلاء المُقدَّسة.
وانتفضَ الأَهالي في مدينةِ النَّجف عن بكرةِ أَبيهم رافضينَ إِنذارات النِّظام الجائر بالمنعِ، عازمينَ على التحدِّي والمسير إِلى كربلاء مهما كلَّف الثَّمن.
إِجتمع المُحافظ بالأَهالي ليُبلغهُم قرار بغداد، مُحذِّرهُم من مغبَّة تحدِّي قرار الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين، الذي كان وقتها نائباً للرَّئيس ولكنَّهُ في واقعِ الأَمر هو الرَّئيس الفعلي للبِلاد.
ردَّ الأَهالي على تهديدات النِّظام بالأُهزوجة المعروفة [صدَّام گُلَّه للبكِر ذِكر حسين ما نعوفَه].
أَرعد النِّظام وأَزبد، وأَرْغَى الطاغيةُ وَأَزْبَدَ، واِنْفَجَرَ غَضَباً فَتَهَدَّدَ وَتَوَعَّدَ، ظنّاً منهُ بأَنَّ التَّهديد والقَسوة تردع النَّاس وتحول دونَ تنفيذهُم قرار التحدِّي.
ردَّ الأَهالي على تهديدات النِّظام بالخروجِ زُرافات زُرافات إِلى خان الرُّبع.
وهكذا تواصلت المواجهة بالكلامِ في بادئ الأَمر بين النَّاس والنِّظام لتتطوَّر فيما بعد إِلى إِرهاب دَولة بكلِّ معنى الكلمة عندما حرَّك النِّظام دبَّاباته التي حاصرت كربلاء من كلِّ الجهات، فيما كانت طائراتهِ الحربيَّة تحلِّق فوق رؤُوس المسيرات السِّلميَّة الرَّاجلة التي ملأَت الشَّارع العام بين النَّجف وكربلاء، بعُلُوٍّ مُنخفض وهي تخترق حاجز الصَّوت.
وكلُّ هذا السِّلاح والطَّيران لمواجهةِ راجلينَ عُزَّل.
وفي كربلاء إِنتشرت المفارز الأَمنيَّة والإِستخباراتيَّة والعسكريَّة كالدُّود لتلتقطَ المُنتفضين واحداً واحداً، ممَّن تمكَّنَ من الوصولِ إِلى المرقدِ الطَّاهر للحُسين السِّبط (ع) حاملاً قميص الشَّهيد محمَّد الميَّالي المُضمَّخ بالدِّماء.
إِكتظَّت السُّجون والمُعتقلات في بغداد بالمُنتفضين الرَّافضين لسياسات النِّظام الشِّمولي والتي ناصبت العَداء للشَّعائر الحُسينيَّة ولكلِّ ما يمتُّ للدِّينِ بصلةٍ منذُ اللَّحظة التي نزا فيها على السُّلطة في بغداد على ظهرِ دبَّابةٍ.
وفي مُحاكماتٍ صوَريَّةٍ ولُعبةٍ مسرحيَّةٍ مكشوفةٍ ومفضوحةٍ أَجرتها اللَّجنة الخاصَّة المُكلَّفة بالنَّظر في ملفِّ القضيَّة صدرت أَحكام الإِعدام والسِّجن بمُدد زمنيَّة مُختلفة ضدَّ العشرات من العُلماء والشَّباب الحُسيني المُؤمن.
أَمَّا الشُّهداء الأَبرار فهُم كلّاً من؛
*محمَّد الميَّالي [إِستُشهدَ في الطَّريق].
*جاسِم صادق الإِيرواني.
*يوسُف ستَّار الأَسدي.
*محمَّد سعيد البلاغي.
*ناجِح محمَّد كريم الأَسدي.
*صاحب رحيم أَبو گِلل.
*عبَّاس هادي عجينة.
*كامِل ناجي مالو.
*غازي جودي خويِّر.
*عبد الوَهاب الطَّالقاني.
وفي كربلاء وتحديداً في الصَّحن الحُسيني الشَّريف أَشرف النِّظامُ وزبانيتهُ وأَجهزتهُ الأَمنيَّة وأَبواقهِ الإِعلاميَّة على إِخراجِ مسرحيَّةٍ من نوعٍ آخر لتضليلِ الرَّأي العام.
إِذ أَعلنت الأَجهزة الأَمنيَّة المُختصَّة عن إِلقاء القبض على [المُواطن السُّوري الجنسيَّة المدعُو محمَّد نِعناع] وهو يهمُّ بزرعِ حقيبةٍ مملُوءةٍ بالمُتفجِّرات في داخلِ الصَّحن الحُسيني الشَّريف، كانت أَجهزة مُخابرات [النِّظام الرَّجعي في سوريا] قد أَرسلتهُ لإِسقاط النِّظام الثَّوري التقدُّمي في العِراق على حدِّ وصفِ أَبواق إِعلام النِّظام الديكتاتوري الشُّمولي، والتي راحت تصفَ المواطنينَ المُنتفضينَ العُزَّل بعباراتٍ من قبيل [مدسوين] و [عُملاء] و [مُرتبطين بالخارج] و [خَوَنة] و [مُغرََر بِهِم].
*يتبع..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك