المقالات

الشَّعائِر.. رُؤيَةٌ فِي الجَدَليَّةِ (٥)


نـــــــــــزار حيدر

 

وأَقولُ بكلِّ وضوحٍ، فلولا الشَّعائر الحُسينيَّة والإِصرار عليها لكانت كربلاء كأَيِّ قصَّةٍ في التَّاريخ يمرُّ عليها النَّاس مرورَ الكِرام، رُبما لا يتوقَّفون عندها أَكثر من دقائق كلَّ عامٍ، كما يتعاملُون مع غيرِها من الأَحداث والوقائِع والشَّواهد.

وإِذا كانت عاشوراءَ ذِكرى، لما بقيَ لمفهومِ الجهادِ ضدَّ الظُّلم ومُقاومةِ الإِستبدادِ، ولا لقولِ كلمةِ الحقِّ عندَ سُلطانٍ جائرٍ، معنى.

هي التي حمَت مفهوم الجِهاد والمُقاومة والصَّبر والصُّمود، فهي التي صدَّقت تحدِّي عقيلة الهاشميِّين زينب بنتِ علي (ع) للطَّاغية الأَرعن يزيد بن مُعاوية عندما صرخت بوجههِ متحدِّيةً في مجلسهِ في الشَّام {فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميتُ وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها، وهل رأيُك إلاّ فَنَد، وأَيّامُك إلاّ عَدَد، وجمعُكَ إلاّ بَدَد}.

والشَّعائر التي حفِظت لنا عاشوراء وكربلاء حيَّةً طريَّةً في القلُوبِ والنُّفوسِ والوجدان، هي التي حمت [شعبنا] من العقائِد الفاسِدة، الطَّائفيَّة والتكفيريَّة الضَّالَّة، التي خلقت الأَرضيَّة المُناسبة ليُبيِّض فيها الإِرهابيُّون ويُفقِّسوا ويُفرِّخوا وينتشرُوا في كلِّ مكانٍ بمختلفِ أَسمائهِم ومسمَّياتهم وهويَّاتهم وانتماءاتهِم.

ولذلكَ لا تجدُ، في كلِّ شبرٍ تُرفَعُ فيهِ رايةً للحُسينِ السِّبط (ع) حاضنةً دافئةً للإِرهاب.

بل إِنَّ الشَّعائر الحُسينيَّة هي التي ربَّت المُجاهدين والمُقاتلين والمُقاومين الذين لبَّوا نداء الوطن بالإِستجابةِ لفتوى الجِهاد الكِفائي التي أَصدرها المرجعُ الأَعلى ليقاتلُوا بالرُّوح الحُسينيَّة الإِرهاب ويطردُوا الإِرهابيِّين من أَرضِنا المُقدَّسة.

إِنَّها هي التي وضعت حجرَ الأَساس لصياغة وصناعة خطَّ المُمانعة والمُقاومة الذي يواجهُ اليَوم كلَّ المُؤَامرات والخُطط الخبيثة التي يواجهُون بها الأُمَّة وقِيَمها ومبادئها وروحها ومعنويَّاتها.

ولذلكَ حاربها الطُّغاةُ والأَنظمةُ والدُّوَل والأَحزابُ والجهَلة والمهزومينَ والمُستَلبينَ حضاريّاً بكلِّ ما أُوتُوا من أَسبابٍ ووسائِل وأَدوات.

إِنَّ إِصرارهُم على شنِّ الحرب ضدَّها، وقساوة حروبهِم وقذارتها دليلٌ على عظمةِ الدَّور الذي تضطلع بهِ الشَّعائر في حفظِ عاشوراء حيَّةً طريَّةً في العقُولِ والقلُوبِ والنُّفوسِ والعواطف والوجدانِ على حدٍّ سَواء.

وما أَتفههُم، فكلَّما يُحاربونَها وتشتدَّ حروبهُم ضدَّها كلَّما تتَّسع وتنتشر لتصلَ إِلى كلِّ شبرٍ في هذا العالَم، وما المسيراتُ العاشورائيَّة ومسيراتُ الأَربعين الحُسيني التي تجوبُ كلَّ عامٍ شوارع أَهم عواصِم العالَم وأَشهر مُدنهِ إِلَّا دليلٌ على ذلك.

وصدقَ إِمامُنا الصَّادق جعفر بن محمَّد (ع) الذي قال {الحَمْدُ لله الَّذي جَعَلَ أَعداءَنا مِنَ الحَمْقَى} فهُم من أَكثر النَّاس الذين يروِّجُون للشَّعائر الحُسينيَّة من حيثُ لا يريدونَ، وذلك بإِصرارهِم على مُحاربتِها.

فكلَّما اشتدَّت حربهُم كلَّما اتَّسع نِطاقها، وتلكَ هي المُعجزةُ الزَّينبيَّة!.

وفي مثلِ هذهِ الأَيَّام من عام ١٩٧٧ شهِدَ العراق واحدةً من أَعظم المجازر التي ارتكبَها نظامٌ مُستبِدٌّ، هو نظام الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين، ضدَّ الشَّعائر الحُسينيَّة.

كانت الذَّريعة أَنَّها تتعارض مع الحَضارة وتُعرقلُ التقدُّم ولا تُساهمُ في بناءِ البلاد! إِلَّا أَنَّ نفس هذا النِّظامُ أَدخل البلاد بعد عامَينِ فقط من تلكَ المَجزرة، في حروبٍ عبثيَّةٍ دامت [٢٣] عاماً إِنتهت بالغزوِ وخسارةِ السِّيادة وتدميرِ كلِّ شيءٍ.

فلا حَضارة بناها النِّظام بعدَ أَن شنَّ حربهُ الضَّروس ضدَّ الشَّعائر الحُسينيَّة ولا تنمية ولا مدنيَّة ولا هُم يحزنُون، وإِنَّما تركَ البلادَ خَرِبَةً تنعقُ بها الغِربانُ!.

فما هي قصَّة إِنتفاضة صَفَر عام ١٩٧٧؟!.

*يتبع..

١٧ تشرِينُ الأَوَّل ٢٠١٩

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك