رافت الياسر
ابتدع المفكر الامريكي الكبير جوزيف ناي مصطلح القوة الناعمة والذي ترجم فيما بعد كأستراتيجية امريكية في عالم ما بعد مفارقة القوة.
حيث بدأت امريكا بسبب ما أُسس له مرحلة جديدة من حروبها سمي بالحرب الناعمة.
والحرب الناعمة تعني احتلال الشعوب عن طريق الحب والجاذبية بدل الاحتلال العسكري بمعنى انك تجعل عدوك هو من يدعوك له وبرغبته.
في كل بلد عناصر قوة ناعمة وعناصر مضادة لها.
يمتلك الشعب العراقي اعظم قوة ناعمة تتمثل بزيارة الاربعين. وهذا الفلكور لمن يعتبره فلكلورا وطقسا لمن يعتبره طقسا لا يكلف الدولة ميزانية تخطيط وتفكير ونفقات فهو سلوك شعبي عفوي تطوعي .
ولكنه ماذا يفعل؟
تجذب السفارات في كل البلدان اعداد كبيرة من الطلبة بما يسمى بالزمالة الدراسية او ما شابه او التبادل الثقافي، والسفارة الامريكية رائدة في هذا المجال وكذلك بقية الدول كفرنسا وروسيا والخ.
تبدو الامور طبيعية وعفوية، ولكن بالعقلية الامريكية التي خطط لها امثال جوزيف ناي تعتبر هذه المسألة من ابجديات الامن القومي الامريكي، حيث يصاغ برنامج ذكي للمبتعثين لامريكا
و بهذه البرامج الثقافية يوفرون خريطة للطالب هناك تجعله مجبر على رؤية المعالم الايجابية لامريكا فقط من ثقافة وبنى تحتية وما شابه.
فيرى امريكا حلم العالم, فعندما يعود لبلده يعود وهو مبشر للثقافة الامريكية وسياساتها ومبهور بها، وهذا الامر كان يعمل به الاتحاد السوفيتي سابقا ودول اخرى، فيصبح الشاب سفيرا لامريكا في اي مكان يذهب له وبالمجان.
تخيلوا عندما تأتي هذه الملايين من خارج العراق وهي تعيش وسط انظمة اما منهكة اخلاقيا او ماليا بالضرائب، يأتون من كل اصقاع الارض , من بلدان لا ترى قيمة الاشياء الا بالدينار والدولار.
عندما ترى هذه الملايين كرم العراقيين!، وعندما ترى كيفية انسياب الزيارة بشكل جنوني
فاي دولة منهكة واي شعب منهك يستطيع انجاح زيارة اكثر من 20 مليون في بقعة جغرافية صغيرا، وما فيها من تكلفة امنية ولوجستية وصحية والخ؟
هذا النجاح الاعجازي يستطيع ان يجعل هؤلاء سفراء للشعب العراقي في بلدانهم.
و شخصيا تعاملت مع العديد من الايرانيين فوجدت كل ايراني زار العراق عائدا وهو عاشقا له ما عدا الذين ما زالوا متأثرين بافكار الشاه العنصرية وحتى هؤلاء عندما يأتون للعراق تتغير نظرتهم.
هنا لا اتكلم بالبعد الديني للزيارة فهذا امر اخر، وانما عن اهميتها القومية، نحن نقدم دعاية ذكية وبالمجان لدولتنا ولشعبنا وبطريقة مذهلة ستجعل العالم يوما بعد اخر يعشق الشعب العراقي.
فلهذا الوطني الحقيقي هو من يساهم بانجاح هذه الزيارة ويساهم باستقدام اكبر عدد من الاجانب للعراق، وخصوصا الشعب الايراني.
اذا كنت ترى ايران عدو لك فهذه فرصتك لجعل ايران بالكامل محبة لك، فهذا الشعب هو الذي يقرر شكل الحكومة الايرانية , فاذا جعلناه يعشق العراق ستكون حكومته كذلك.
ومن لا يفهم هذا المنطق استطيع ان ارشده لدراسات مفصلة عن العمل الامريكي بهذا المجال وعن نجاحه ومدى تمسكها به بسبب النتائج المذهلة التي توصلوا اليها.
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
