المقالات

شيطنة التلفزيون


حمزة مصطفى

 

في عصر "السوشيال ميديا" تم إختزال المشهد الإعلامي الذي مثلته على مدى قرون الصحيفة الورقية وعقود التلفاز الى صورة ناطقة أو متحركة ومقطع "فيديو" بإمكانه أن يقلب الدنيا رأسا على عقب. الصراع بكل أشكاله بين ماهو ورقي وماهو الكتروني لايزال مستمرا. صحيح شهد عصر الصحافة الورقية تراجعا واضحا على صعيد المبيعات والتوزيع وبدأت كبريات الصحف تعمل على تنشيط وتحديث مواقعها  الألكترونية,لكن لاتزال الصحف الكبرى تحتكر عبر التقرير والقصة الإخبارية والمقابلة الحصرية المعلومة التي من شأنها "تهز" الدنيا أحيانا وتكشف المستور أحيانا أخرى في حال تضمنت وثائق لم يفرج عنها سابقا.

ومع أن المعركة تبدو في الظاهر وكإنها بين التلفزيون والجريدة الورقية عبر إنتقال طبيعة الإستطلاع وكسب المعلومة من القراءة عبر الورق الى المشاهدة عبر الشاشة, لكن في عصر هيمنة اللقطة (الصورة ـ ثابتة أو متحركة) أو فيديو مختزل بعناية لأغراض عديدة سنأتي على بعضها يمكن القول أن كلا من التلفزيون والجريدة مجرد ضحايا مع أن كلا منهما هوصانع الخبر أو القصة أو الحكاية. 

المشكلة باتت في المواطن الذي تناسل منه مابات يسمى "المواطن الصحفي" الذي بات ينافس بتشويه لانظير له التلفزيون والصحيفة ضاربا بكل المعايير المهنية عرض كل الحيطان لا حائط واحد. مشكلة المواطن إنه إنتقل من قارئ يتمعن فيما يقرأ, الى مجرد مشاهد كسول. الثقافة التي كان يكسبها هذا المواطن عبر القراءات المعقدة والطويلة لم تعد همه بل باتت المعلومة التي لايهم إن كانت منقوصة أو مجتزأة هي همه الأكبر. ولأن الفضاء الإعلامي توسع بطريقة جعلت الناس أكثر كسلا على مستوى حب الإطلاع فضولا لا معرفة من خلال الشبكة العنكبوتية التي إمتدت من الفيس بوك الى يوتيوب الى تويتر فإن الخيارات باتت أكثر إتساعا وبالتالي تعددت تبعا لها طرق الهيمنة وحتى الغزو بكل أبعاده وصيغه.

في الماضي كنا في الشرق وفي المنطقة العربية نخشى الغزو الثقافي الذي كانت تمثله منظمات ودوائر وجهات غربية لها حمولاتها في التعامل معنا قبل إنتشار وسائط الإتصال في مناطقنا من صحف وتلفاز. الآن وفي ظل الإنفجار المعلوماتي والإعلامي منذ ثورة الإتصالات التي أسماها الفن توفلر  "الموجة الثالثة" لم يعد هناك أي حائط صد أمام دخول الأفكار ليس الى غرف نومنا فقط مثلما كنا نشكو بل الى عقول أطفالنا الذين باتوا ينافسون الكبار في الفرجة على الفيديوات بكل ماتبثه من أفكار وحتى سموم. 

لكن الأخطر فيما يجري على صعيد اللقطة المختزلة "صورة أم فيديو" يرمى في "السوشيال ميديا" لكي ينافس على صعيد المشاهدات واللايكات هو مايمكن أن أسميه "شيطنة التلفزيون". فالتلفزيون الذي يبث على مدار 24 ساعة تم إختزاله الى ساعة تلفزيونية في الوقت الذهبي عبر برنامج حواري. والقنوات لكي تجيد التنافس بدأت تنفق على هذه الساعة الذهبية أضعاف ماتنفقه على باقي الساعات, كما بدأت تشتري مقدمي تلك البرامج بمبالغ ضخمة وربما تدفع سر قفلية.ولأول مرة صار لدينا مقدمو برامج يشبهون في الإنتقال بين القنوات لاعبي كرة القدم بين النوادي. 

هذه الساعة التلفازية يتم إختزالها عبر مشهد أو مشهدان لكلام مجتزا من الضيف أو يتم توريط الضيف بسؤال ملغوم فتأتي الإجابة "تهلهل" مثلما يريد مقدم  البرنامج ومالك القناة فتدخل تلك القناة حيز المنافسة الذهبية لكن عبر "اللقطة ـ المشهد" لا الحلقة الكاملة أو برامج اليوم الأخرى التي لاتعدو نشرات أخبار مكررة أو جولات بين الأسواق أو تعليم كل أشكال .. الطبخ والنفخ.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك