المقالات

بين نبي الأمة ومرجع الامة؛ حكاية "ولا تبخسوا الناس أشيائهم"..!

1766 2019-08-13

باقر الجبوري

 

قبل ايام شاءت الصدف ان أقابل احد الاصدقاء البعيدين عني (فكريا) وبعد سلام طويل يحمل بين طياته كل معاني المثل الشعبي (كثر السلام قلة معرفة) . قال لي وهو يمثل أمامي دور المعاتب على أهل الدين ومتحججا بمواسات هموم ومشاكل الشباب (يا أخي شحصلنا من الدين وينه المرجعية. الشباب انحرفت والمعممين نايمين للظهر...والله يا خوية هظيمة وظليمة)

ثم أخذ يتكلم بكلام طويل وعريض مملوء بألاستدلالات التي اتعب نفسه على (ترهيمها) (جاملغ على دعامية وستيرن وزوج تايرات) ليصنع منها (تكتك صغير) يعينه على دفع إدعاءاته باتجاهي وحتى لا يقع في الحرج من اجابتي عليه او ليدخلني في الحرج في ايجاد الرد المناسب على ما يقول.

المهم ... فبعد ان انهى كلامه؛ قلت له..خلصت أبو فلان لو بعد عندك سوالف..فقال..والله يا أخي هي سالفتنة طويلة وما تخلص بس اذا عندك جواب فجاوبني لان روحي طافرة وواصلة للستار..فقلت له..خوش لعد اسمع جوابك ولا تزعل مني..

اولا..كلامك هذا مردود عليه بالعقل بوجود اكثر من 3000 الف مبلغ وداعية في مختلف انحاء العراق من الجبل وحتى الهور يدعون للطريق المستقيم وينصحون الشباب وبالتي هي احسن وليس فيهم من يحمل العصا فالدين يقول (إذا تريد تصلي فاهلا وسهلا واذا ما تريد تصلي فذنبك على جنبك) (فتدري لو ما تدري غير هاي الحرية لو عندك غيرها)

وثانيا.هنالك اكثر من 1000 حسينية وجامع في اقل التقادير تدعو للصلاح والاصلاح في كل القطاعات ومنها قطاع الشباب واعتقد انك تسمع تنوع النغمات في الاذان كل وقت صلاة لكثرة الجوامع والحسينيات التي لاتغلق ابوابها بوجه أي أنسان يريد اصلاح نفسه وهو المكان الوحيد الذي لا يخسر فيه الناس اموالهم ولا يقطعون تذكرة للدخول اليه (صحيح كلامي لولا..أو تدري لو ما تدري؟!)

ثالثا..هل تعلم ان المرجعية تصرف كثير من الاموال على الدورات الصيفية الشبابية من قراءة القران والفقه والأخلاق ومواد اخرى حتى وصل الامر لدروس التقوية في التعليم الاكاديمي لابعاد الشباب عن الشارع (فتدري لو ما تدري؟!) وكلامي هنا بنسبة اقل من 10% مما تقوم به المرجعية في قطاع الشباب حتى مع قناعتي الشخصية بالمثل الشعبي الذي يقول (لايصلح العطار ما افسد...البيت)

ثم قلت...تدري أبو فلان؟! المشكلة انكم لا ترون ولا تسمعون بما يقوم به المبلغين والمعممين والحوزات وما يعانونه من تعب وسهر في الليالي والأيام والسفرات وهم يطوون المسافات الطوال بين الاقضية والنواحي والقرى لإيصال الدعوة للأخلاق وصيانة المجتمع ولا ترون ذلك لأنكم بصراحة منشغلين بأمور أخرى بعيدة حتى الاعراف العشائرية (كالتوصية لشراء الأركيلة التركية والاهتمام بنوعية المعسل الجديدة أو السؤال عن افضل برنامج لتنزيل الفيديوات الاباحية او الرقص أو الغناء او مشغولين بلعبة بوبجي مع صديق جديد أو تعليقات على الفيس لحميدة ام اللبن بعد ان نشرت منشورا جديدا تظهر فيه خلخالها الجديد)..!

فقال..لاحبيبي..وداعتك انتة فاهم السالفة غلط..!

فقلت له..نطيني موبايلك حتى أشوفك الغلط فضحك

فسكت وقال (لا لاتتشاقة اني رايح عندي شغل )

مع السلامة..هلو حبيبي مع السلامة

الحقيقة..اننا نرى كثير من الناس يتباكون على الشباب السائب في المقاهي والكوفيهات او المنحلين خلقيا في الشوارع ممن يعكس أخلاقه البيتية في الشارع فيرمون وابل غضبهم على المرجعية باعتبار انها تمثل الدين الذي لا ينتمون اليه الا بالمسمى ((فمغنية الحي لا تطرب )) ولإرضاء انفسهم المريضة بعقدة النقص.

اليوم وللأسف حتى مع علم الجميع وبما لا يقبل الشك ان هنالك في مقابل الدعاة والمعممين الذين ترسلهم المرجعية لكل مكان لتوعية المجتمع نجد ان هنالك آلاف مؤلفة ممن يدعون للوقوف بوجه الدين ويدعون للانحلال والخلاعة والتميع وبات جليا ان هنالك افواه مفتوحة تابعة للسفارات ولإسرائيل وللوهابية وللبعثية وللمنحرفين دينيا وفكريا حتى من الشيعة يعملون على زعزعة ثقة المجتمع بالدين وبالتدين وبالمرجعية بل وبكل ما يمت بصلة بالعقيدة والأخلاق والأعراف المجتمعية الا اننا ميزنا ان هدفها الاساس هو ضرب المرجعية كهدف أساسي للهجمة وبحجة انها تخلت عن التزاماتها الدينية بإتجاه توعية الشباب وإنقاذهم من مهاوي الشر التي سقطوا فيها وهذه الهجمة هي ما اصطلح عليه مؤخرا (بالحرب الناعمة)!

الحقيقة ان من يثير هذه الاتهامات ضد المرجعية هي نفسها الجهات الداعمة لنشر الموبقات التي ذكرناها بين الشباب ووسط المجتمع وتدفع لأجل ذلك ملايين الدولارات في حربها الناعمة هذه.

وجوابنا هنا لمن يدعي السير بهذا المفهوم ضد ألمرجعية هو العودة الى زمن رسول الله عندما كان في المدينة المنورة ولم يكن تعداد المدينة حينها اكثر من 3000 نسمة والكل حينها توحدوا تحت عباءة رسول الله ثم انه بقي ينصح بهم ويدعوهم للطريق والسراط المستقيم بالليل والنهار مع اقرارهم على انفسهم انهم كانوا شاهدين على نزول الوحي ونزول ايات التبليغ بالإمامة والتحذير من الانقلاب على رسول الله بعد مماته (ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا) وآيات كثيرة..!

ومع ذلك فالملاحظ والكائن هو انقلاب الاغلب على الوصية وعن أمر الله الذي عقدوا عليه بيعتهم لعلي ابن ابي طالب عليه السلام وبحضور رسول الله بنفسه ثم حصل الانحراف عن الدين من الصحابة وبكل مفاصله الفقهية والعقائدية والأخلاقية رغم كل سنوات الدعوة التي عمل فيها رسول الله (صل الله عليه واله) على ترسيخها في أذهانهم ورغم كل السنوات التي كانوا فيها قريبين من الشهادة بأي لحظة في المعارك التي شاركوا فيها مع رسول الله والدعوة للإسلام.

وهنا نتسال..هل كل الرسول مقصرا في التلبيغ ام الحقيقة هي ان المجتمع كان لايزال يعيش اجواء الجاهلية الاولى وان الاغلب كانوا لا يزالون على نفاقهم الذي ذكره الله رب العزة بكتابه انه أشد من الكفر نفس.

في زمن رسول كان الرسول هو الحاكم الاوحد للحزب الاوحد وللدين الواحد في المدينة (لواحدة) ومع ذلك فقد خالفوه وخالفوا امر الله وخالفوا ولي الله.

والمرجعية اليوم لا تحكم وتصرح بأعلى صوتها للجميع انها (بحت اصواتنا) فلا احد يستمع لها في بلد يحكمه الف حزب وألف مذهب وألف عقيدة وألف سفارة تهيج الناس للسباحة عكس تيار المرجعية.

فهل حقا أن المرجعية مقصرة في أداء واجبها أم ان الحقيقة عكس ذلك وإنها لوحدها في خندق في مقابل الف عدو وعدو متخندقين تحت آلاف العناوين ومجتمع الخذلان والهزيمة يضع رأسه في الرمال كما يفعل النعام.

الكثير لا يعلم للساعة ماذا عملت المرجعية وماذا تعمل بل ويغلق أسماعه وعقله عن رؤية وادراك ما انجزته المرجعية من عشرات المشاريع الصناعية والزراعية والتجارية الكبيرة ومشاريع أيواء وعلاج ورواتب الايتام وبناء منازل لعوائل الشهداء لم تستطع حتى الدولة ان تتكفل بها بل ونستذكر هنا ان من اهم ما قدمته المرجعية من خلال بنائها الفكري والعقائدي هو تقديمها لمشروعها المعطاء (أسطورة الحشد الشعبي) الذي بني على أساس الدين والعقيدة والوطن وهو ما عجزت امم باكملها ان تاتي بمثله

والسؤال..كيف نجيز للمعصوم المسدد من الله (النبي)، ونبعد التهمة عنه فنقول (أئتمن الخائن...المجتمع)

فنقول أن الخطأ بالمجتمع وليس بالنبي ، مع انه كلام واقعي وحقيقي، ثم لا نجيز لغير المعصوم..السيد السيستاني، ونقول (خان الامين..)، ونرمي التهمة بالمرجع وانه قصر بواجباته امام المجتمع!

فإما انهما مقصران وحاشاهما، وأما ان نقول ان اغلبية المجتمعين كانا فاسدين، وهذا هو الحق...شئنا أم أبينا!

قد قلنا ما عندنا ولانحتاج لما عندكم ..

المرجعيون فقط مسموح لهم التعليق

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك