المقالات

هل يحتاج العراق الى قائد ضرورة؟!

1682 2019-07-14

علي عبد سلمان

 

أضحت شؤون الحياة بكل تفاصيلها في العصر الراهن أسيرة للتقييم والتحليل والتوصيف العلمي المبني على أسس تحليلية صحيحة, من ضمن الموارد التي شملها التحليل والتوصيف هو مفهوم الثورة, حيث كتب في هذا المجال علماء من مختلف الإختصاصات , وأضحى تفكيك هذا المفهوم الشغل الشاغل لمفكري وعلماء السياسة المعاصرين, لأنه يضم في داخله حركة المجتمعات , واختلاط مجمل ما تحمل من وعي وثقافة وأفكار, بالممارسات والمواقف الفعلي.

أغلب التعريفات التي تحاول فهم وتفكيك مصطلح الثورة تذهب إلى أن الثورة هي وعي اجتماعي تحصل فيه حالة صحوة ناتجة عن تراكم سلبيات أخطاء السلطات السياسية, فيصل الوعي الجماهيري فيها إلى مرحلة, تكون أجوبة تبريرات السلطة القائمة غير كافية لإقناع الجمهور, بل وتفقد قوتها في كل المفاصل ولدى كل الطبقات, فتبدأ تنهار نتيجة لذلك مصداقية الخطاب السياسي (وبالأخص الاعلامي التبريري), وتتحول أفكار الماسكين بالسلطة وأيديولوجياتهم, إلى حقن تخدير منتهية المفعول.

عند تلمسنا لثورة الإمام الحسين عليه السلام, وأبعادها السياسية والاجتماعية والسياسية, نجد أنها ثورة تحققت فيها مستلزمات نضج الوعي الجماهيري, حيث كانت رسائل أهل العراق إلى الحسين عليه السلام, تمثل حالة إنهيار منظومات الفعل السياسي والاعلامي للطاغية يزيد (بصرف النظر عن بقاء او انقلاب أصحاب هذه الرسائل) , فكان تحرك الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق, مبني على امكانية توفر مفهوم الفعل الجماهيري للثورة والمطالبة بالإصلاح.

لقد مثلت ثورة الإمام الحسين عليه السلام ضد يزيد, بعدا ثنائيا لفهم الدين وأبعاده وتوجهاته, فعلى رأي علي شريعتي, يمثل الدين " ظاهرة مدهشة تلعب في حياة الناس أدواراً متناقضة. يمكن له أن يُدمر (كدين يزيد مثلا), أو يبث الحيوية (كدين الحسين عليه السلام), يستجلب النوم (كدين يزيد), أو يدعو إلى الصحة (كدين الحسين ع), يستعبد (كدين يزيد) أو يحرر (كدين الحسين ع), يعلم الخنوع (كدين يزيد) أو يعلم الثورة (كدين الحسين عليه السلام) " .

لا يمكن للثورة أو الإصلاح أو الدعوة إلى العدل أن تتحقق فقط بإقتصارها على وجد القائد! الثورة والإصلاح يحتاج إلى جمهور وصل مرحلة متقدمة من الوعي الأخلاقي والديني والسياسي؛ مشروع الحسين عليه السلام لم يكن له أن يوجد أو ينجح ببعده الإصلاحي الباقي والمستمر, لولا وجود الجماعة الصالحة أو الفريق الواعي المنسجم مع قيادته.

ثورة الحسين عليه السلام لم تكن ثورة فرد واحد (الحسين), بل كانت ثورة مجموعة لكل منها دور : الحسين , زينب, الأنصار, العباس, الإمام زين العابدين, النساء, العبيد ... الخ لكل فرد في هذه اللوحة الإلهية الرائعة دورا مرسوم بدقة, بحيث تؤدي إزاحته إلى تخريب المشهد وهدم المشروع ..

ما نحتاجه اليوم في العراق هو ليس قائدا فردا كما يقول ويعتقد اغلب العراقيين (نريد واحد شريف يحكم العراق)! يعني قائد ضرورة..!

ما نحتاجه اليوم هو قيادة ثورة اصلاح جماعية , يكون كل جزء منها واعيا بالدور المناط به, ثورة لجماعة تمتلك وعياً واضحا بمتطلبات المرحلة وخطورة المفسدين المحيطين بها

ـــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك