المقالات

طريقة تفكير جدية في موضوعة الإصلاح السياسي


طيب العراقي

 

  الإصلاح السياسي هو النقيض للفساد على المستوى السياسي، و في أدبيات التنمية والتحديث السياسي فأن قضية الإصلاح السياسي أثارت - في الماضي- وتثير اليوم في المجتمعات العربية والإسلامية أكثر من إشكالية سواءً على المستوى النظري (الفكري) أم على مستوى الواقع، ويرتبط مصطلح الإصلاح سياسي بكل ما هو قادم من الخارج، سواء أكان هذا الخارج هو الأوروبي أو صنوه الأميركي، وحظي هذا المصطلح بترويج كبير عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م، حيث تم الربط حينها بين الإرهاب وتردي الأوضاع السياسية ذات النزعة الشمولية في بلدان العالم الثالث بصفة عامة، والبلدان العربية والإسلامية بصفة خاصة. وما يؤخذ على الدعوة الإصلاحية الغربية، هو نظرتها القائمة على أنَّ إصلاح واقع المجتمعات العربية والإسلامية على المستوى السياسي يرتبط بالتقيد بروح وجوهر المعايير الغربية لقضية الإصلاح السياسي، دونما اعتبار لخصوصية هذه المجتمعات، والظروف الموضوعية والذاتية التي أسهمت في تشكيل واقعها المتخلف سياسياً، الذي يحتاج حسب وجهة نظرها «الرؤية الغربية» لتدخل جراحي بخلفياتها هى لا بخلفيات الآخر المتهم بالتخلف.

 ومع الإتفاق مع ضرورات التغيير الذي يجب أن يطال نظامنا السياسية بصفته قضية مبدئية، بيد أننا نشترط أن يتم هذا التغيير بأدوات جراحية وطنية تأخذ في اعتبارها تحدي البناء السياسي الذي نحسبه أقرب للتعاطي مع واقعنا السياسي من مصطلح الإصلاح السياسي، لأنَّ الأخير مرتبط ببعض الترميمات اللازم إجراؤها في جسدنا السياسي ، بيد أنَّ الأول يعد أكثر دقةً في اقترابه من المشكل، بحسابات أننا نحتاج لإعادة بناء جذري عميق يتجاوز مجرد الإصلاحات الظاهرية. وإذا ما أسقطنا موضوع تحديات البناء السياسي على الواقع العراقي، نجد أنّ هذا التحدي يعد الأكبر من بين جملة التحديات الماثلة والمتوقعة التي يمكن أن يواجه العراق في قابل الأيام، وذلك على مستويي البناء الهيكلي و البناء الفكري. فعلى المستوى الأول، يشكل موضوع قدرة هياكل الدولة سواء المركزية أو المؤسسات المحلية، على استيعاب مختلف مكونات المجتمع، بامتدادته الثقافية والإثنية والسياسية، أكبر تحدٍ من المنظور الهيكلي المشار إليه.

أما على صعيد تحديات البناء السياسي على المستوى الفكري، فهناك جملة قضايا بإمكان حدوثها تعضيد عملية البناء الهيكلي. وأولى هذه القضايا هي قضية ترقية السلوك السياسي، سواء بالنسبة للأحزاب أو الأفراد، وترقية السلوك السياسى نعني بها خلق ذهنية مجتمعية قوامها الديمقراطية والإنفتاح والتواصل مع الآخر، واحترام الرأي الآخر، والتعبيرات المتعددة بصورة تضمن لنا إنتاج سلوك مجتمعي يؤمن بالديمقراطية فعلاً لا قولاً.

والقضية الثانية في اتجاه البناء الفكري المطلوب الذي يعد واحداً من تحديات البناء السياسي، هو ترقية مؤسسات المجتمع المدني من خلال كسر احتكار الدولة لحرية العمل المدني، والعمل على تهيئة المناخ المعافى لهذه المنظمات، لتعمل في إطار عملية بناء وطنى تغلب فيها الأجندة الوطنية على الأجندة الخارجية.

والقضية الثالثة على صعيد البناء الفكرى، تتمثل فى ضرورة التأسيس لفضاء ثقافى يحكم العملية السياسية، يقوم على نبذ التشرذم والانقسام الحزبى الذى لا يقوم على أسس موضوعية، ومعيار الموضوعية هنا هو أن لا تعترف كل التنظيمات السياسية حاكمها ومعارضها بأى تحرك أو موقف لمجموعة لم تمارس هذا الفعل عبر الاحتكام لمؤسسات الحزب وقواعده، بمعنى آخر يجب أن ينبذ السلوك الفردي وأن لا يكون موضع تقدير ومكافأة، تحوطاً لإغراء ضعيفى النفوس الذين لا تهمهم مصلحة أن يظل العراق مستقراً، بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية، لأن الوطن أكبر من المطامع الشخصية. وهذه الأمور المثارة إذا ما أخذت في الاعتبار في إطار عملية البناء السياسي، ستفتح الباب إمام صياغة علاقات تعاقدية جديدة، تؤمن الوحدة الوطنية بشكل معافى..

 

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك