المقالات

قتلنا الامل ..بلا خجل..


أ.د.ضياء واجد المهندس

 

قبل اسبوع ، كنت في جلسة حوارية خاصة ضمت نواب سابقين وشخصيات سياسية مهمة، تناولت الوضع العراقي وتداعياته المأسوية..

قال احدهم : ان المشكلة الرئيسية تكمن في الفساد وشيوعه في كل مرافق الدولة والمجتمع حتى اصبح اجتثاثه أمرا” اقرب الى  المستحيل في ظل فساد الرقيب وتعاطي الرؤوس الكبيرة به..قال اخر: ان السوء كله في ضعف الدولة ،و انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة ،و نفوذ الفصائل المسلحة ،و اعتمادها سياسة الاستثمارات ،و العمولات بطريقة جباية الاتاوات ،وغياب الصوت الحر والمعارض الذي لايمكن ان يعلو في ظل هيمنة السلاح ،وغياب القانون وضعف السلطة ،وفسادها ..

قال احد النواب السابقين: المشكلة في المجتمع ، لا يحسن اختيار قادته ، ويرضى بالتلاعب والتزوير ، ويقبل بالانحراف والمحسوبية ،والفساد ، وبيع المناصب ، وانجرف الى العشائرية والطائفية ، و غرق في النزعات، وركن الى الكسل ،والحصول على المنح و البحث عن الاعمال الحكومية الوهمية لمجرد الرواتب او التقاعد حتى غزانا البنغال و الافارقة والسوريين ووو….قال نائب اخر : المشكلة الرئيسية هي في تكالب الكبار علينا، فامريكا لا تريد ان تترك العراق وشأنه بدون ان يشفطونا ،والايرانيون يريدونا سوق لتقوية اقتصادهم و تشغيل عاطليهم ،و تعزيز نفوذهم بوجه امريكا، وهكذا يفعل الاشقاء الذين يريدون ان يمصون نفطنا مثلما يمص دراكاولا الدماء ، لنكون ترياق لاوضاعهم الاقتصادية الخطرة..تحدث نأئب اخر عن ابتعاد المجتمع عن الدين والاخلاق، و شيوع التجاوز والفوضى، و انتشار المخدرات والدعارة، والشذوذ الجنسي والجريمة ..كنت التزمت الصمت فما قالوه صحيح ، ولكن عندما الح احد الاخوان في ان اقول رأيي، تذكرت احد اصدقائي القدامى وهو (ابو امل )..فقلت لهم : مشكلتنا ،انكم قتلتم الامل فينا ، كلنا نشطب الايام لننتظر قدرنا ، حتى من كان يفكر في الابداع والابتكار والريادة ،امسى يفكر كيف يقضي يومه سالما” من الابتزاز ، امنأ” من الارهاب والجريمة وسوء السلوك المجتمعي وووو….

كان( ابو امل) رجل اعمال ميسور الحال ،مشكلته هو مرض زوجته بعد ان انجبت له ابنته الوحيدة ( امل ). تدهور وضع (ابو امل) الاقتصادي بفعل السياسة الاقتصادية المتهالكة لحكومات ما بعد ٢٠٠٣ وتفشي الفساد و سيطرة المنتوج الاجنبي الرخيص، واغراق دول الجوار بمنتوجاتهم البخسة لتدمير المنتوج العراقي …اخر مرة التقيت ابو امل قبل ٣ سنوات ،في بيته المؤجر قبل ان يخليه لينتقل الى اربيل في رحلة الى المانيا عبر بحر ايجة وكان كما قال لي انه يتعلم السباحة لضرورة التهريب بالقوارب المطاطية الى اليونان كمحطة اولى …اتذكر كيف غرقت عينيه بالدمع وهو يحتضن بنته المدللة( امل) التي لا تفارقه مثل ظله ..عندما سئلته لماذا حزنه وبكائهً؟؟!، قال : كيف ممكن ان تعيش امل بدوني ان مت  ، ومن الذي يتكفل بها ، امها لا تستطيع ان تحرك نفسها ، و اوضاعنا تتدهور كل يوم ، و ما تفكيري للهجرة الى المانيا الا لظروف انت اكدتها ، من حيث مجانية التعليم لحد الجامعة، و التأمين الصحي المجاني للفقراء و الرعاية الاجتماعية للجميع ، وحكومة لا يتسلط فيها وزير او نائب و لا يسود فيها الا القانون، و لا يستطيع ان يخالف فيها الا المعتوه..قلت : لامل ولنا الله الذي خلقنا يرزقنا ويرعانا… عندما سئلت بعد اشهر من العائدين من تركيا والذين فشلوا في عمليات التهريب، عن (ابو امل) وعائلته ، تضاربت الاقاويل ، فمنهم من قال ان ابو امل غرق ونجت عائلته ،واخرين اكدوا ان الطفلة ( امل ) قد ابتلعها البحر الابيض المتوسط وابوها انتشلوه أليونانيين….لقد قتلنا امل ، واصبح البحر والنهر تابوتنا ، فعندما اعدم الارهابيون شهداءسبايكر و القصور الرئاسية في تكريت اغرقوهم في نهر دجلة ، حتى اصبح يقيني ان نهري دجلة و الفرات سيكونان حاضرين يوم الحشر ليخرج منهما شهداء الارهاب و الاحتلال والطاغية المقبور …

المرتشي في المانيا يتم حرمانه من القروض، والتسهيلات ،و تصادر امواله الائتمانية ،و يحذف من سجل الرعاية الاجتماعية، و يلغى عنه التقاعد . وقد ياتي يوم في العراق ولو بعد الف سنة و نطبق القانون عن المرتشين و الفاسدين، واصحاب اللجان الاقتصادية ، ولكن كيف نحي الامل في بلد انقرض فيه ، ولا سبيل للعمل على احياء الامل في ظل حكم طغى بلا خجل..

لنا وللعراق الرب الغفور الرحيم

لاتغفو عينه و رعايته عن كل يتيم

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك