المقالات

هكذا نجوت انا والكتاب ..!


احمد حسن العراقي

 

كنت مولعاً بقراءة الكتب وأنا صبي ..والى اليوم طبعا ..

لكن في زمن حكم المقبور صدام التكريتي كانت الكتب اغلبها ممنوعة الا إذا كان الكتاب يمجد بإبن صبيحة وحزبه ..

فكنت اسعى وراء الكتب الممنوعة من البيع بل حتى من التداول .. والتي قد تصل عقوبة إقتنائها الى الإعدام او السجن المؤبد ..

ولأني كنت صبيا صغيرا لا يكفي ما ادخره من مصروفي لشراء الكتب .. فلجأت الى إستعارة الكتب من أصدقائي الذين كانوا ياخذونها من أبائهم او إخوانهم الكبار دون علمهم فيسلمونها لي لفترة محددة .. كأن تكون يوما او يومين لقراءتها .. وكانت هذه قضية تحفها الكثير من المخاطر لا عليّ انا فقط بل على عائلتي واصدقائي وعوائلهم ..

وذهبت ذات مرة لإقتناء كتاب ممنوع وبعد ان إستلمت الكتاب من احد الاصدقاء أصر على أن أخذ مع الكتاب جريدة تابعة لحزب البعث غلافها صورة للمقبور صدام .. وقال لي مازحا قد تحتاجها لتلميع حذاءك .. أخذت الكتاب ومعه الجريدة وكان كلما وقع نظري على صورة صدام ابصق عليها واضحك ضحكة صبي متحمس متهور لا يعرف في اي خطر وضع نفسه ..

على كل حال صعدت السيارة مع عدد من الركاب .. وهم يتحدثون ولا احد يعبأ بي ابداً ..

فجاة توقفت السيارة وإذا بسيطرة لمجموعة من البعثيين يفتشون ركاب السيارات واحدا واحدا كبارا وصغارا .. وكعادتهم يرتدون البدلات الزيتوني ويضعون مسدساتهم في احزمتهم .. وهم يفتلون شواربهم ويصرخون بالناس ..

عندها شعرت بان نهايتي قد حلت .. فالكتاب الذي احمله معي عقوبته الإعدام حتماً .. ففكرت بوالدتي ووالدي .. وصديقي وعائلته .. إذا ما انا تعرضت للإعتقال والتعذيب وسألوني عن مصدر الكتاب ..

فنظرت الى الكتاب وحاولت التخلص منه لكني لم استطع ..وضعت الكتاب على ركبتي واصابع تنقره بشدة ..

وفجأة تذكرت الجريدة التي فيها صورة المقبور صدام .. فغلفت الكتاب بالجريدة وجعلت صورة المقبور على غلاف الكتاب ..

صعد البعثيون الى السيارة فطلبوا هويات الركاب وفتشوا حقائبهم وامتعتهم ..

ثم نظروا اليّ فلم يطلبوا مني بطاقتي الشخصية لكنهم نظروا الى مافي يدي .. وما ان وقعت اعينهم على صورة صنمهم .. حتى ابتسموا جميعا .. وابتسمت إبتسامة كاذبة من صبي صغير يحاول ان يخدع مجموعة من المجرمين ..

لكني نجحت ونجوت انا والكتاب ..

عدت الى البيت وكانت صورة الصنم لاتزال على غلاف الكتاب .. وعندما شاهد اهلي صورة الصنم صرخوا بي لماذا تضع صورة إبن صبيحة على كتبك ..!!

فلم استطع ان اجيبهم لانهم لا يعلمون اني اقتني كتباً ممنوعة وبالتالي لم استطع ان ابوح لهم بالحكاية .. اخذت الكتاب .. وامسكت الصورة بصقت عليها ثم مزقتها ..

هكذا كانت تلك الايام سوداء مظلمة ..

ـــــــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك