المقالات

من أصدر بيان كتلة الإصلاح بنقاطة الأربعة عشر؟!


طيب العراقي

 

وحدهم هم أولئك الذين يتسمون بقصر النظر، وإنعدام القدرة على ربط الأحداث بعضها ببعض، الذين يتخيلون أن ما يجري هنا في العراق، بعيد عما يجري في الساحتين الدولية والأقليمية، ولذلك فإن الحاجة قائمة دوما؛ لأن نمد بصرنا نحو محيطنا الإقليمي على الأقل،  لكي نقارب واقعنا السياسي المحلي بطريقة منهجية عملية.

منذ أمد ليس بالقصير؛ والإستكبار العالمي يطبخ صفقة القرن على نار هادئة، وطبعا طبخة حراشف السلاحف، تحتاج الى ديمومة النيران تحت قدورها، لذلك فإن محيطنا الإقليمي يشهد منذ قرابة عقد من الزمان، أحداثا تعادل ما حدث فيها على مر قرن كامل، ولم يسلم بلد من بلدانها قط من تلك النيران.

خلال هذا العقد؛ بنت الولايات المتحدة الأمريكية، وهي قائدة الإستكبار العالمي لنفسها، منظومة متكاملة من "الأتباع" العلنيين، الذين يؤمنون بما تؤمن به وزيادة، كما عمدت الى بناء منظومة موازية من "المطيعين"، الذين تدفعهم مصالحهم للقبول بإطروحتها مرغمين أولا، ثم حولتهم ترغيبا وترهيبا، الى أدوات منفذة لاحقا، من حيث يعلمون أو لا يعلمون.

على الرغم من كل ما يقال ويكتب؛ عن سوء أداء الحكومات المتعاقبة على حكم العراق، بعد زوال نظام القيح الصدامي، إلا أن عراقا قويا معافى بدأت ملامحه بالتشكل، بعد الإنتصار الكبير الذي حققه عقيب فتوى الجهاد الكفائي، وتشكل الحشد الشعبي، وإنبعاث الغيرة العراقية المعروفة في قواته المسلحة؛ على أحد أهم أدوات الهيمنة الأمريكية، والمتمثلة بصنيعته العلنية تنظيم داعش الإرهابي.

مثلما توصلنا في مقاربات سابقة، الى أن تشكل دولة عراقية قوية، لا يخدم المشروع الأمريكي قطعا، لأن الدولة العراقية المتشكلة بعد ذلك الإنتصار الكبير، ستكون محطة كبرى على طريق دولة العدل الإلهي، التي لن تقوم فيها قائمة للإستكبار العالمي، وصنيعته الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين المحتلة.

لذلك فإن عراقا ضعيفا؛ هو المطلب الملح للإستكبار في هذه المرحلة المفصلية من حياة الكيان الصهيوني، إذ لا يمكن أن تمرر صفقة القرن؛ بوجود عراق قوي يقف طودا أشما، في معركة إفشالها . 

يمثل مؤتمر المنامة الذي ينعقد فيها هذه الأيام، أحد أهم محطات صفقة القرن، لأنه سيكون إنطلاقتها الرسمية الأولى، بعد أن كانت الأمور تجري تحت الطاولة، وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية ليست قوية بما فيه الكفاية، إلاأنها رفضت بوضوح المشاركة في هذا المؤتمر، وبالتالي أفقدته أحد أهم مرتكزاته المتوقعة، ويقف معها في هذا الموقف المشرف الشعب العراقي بقواه الوطنية، وفي طليعتهم المنتصرين على الإرهاب الداعشي.

منظومة "المطيعين" تم تحريكها؛ لخلط أوراق المشهد السياسي في العراق، للضغط على الحكومة العراقية ومعاقبتها على موقفها هذا، وفي ذاكرتنا أن المنظومة إياها دعت صراحة الى "النأي بالنفس"، عن أي مواجهة متوقعة بين الأمريكان والجمهورية الإسلامية، متخلية بذلك عن الوقوف موقفا مسؤولا مشرفا الى جانب الحق، وسعت حثيثا وبمختلف الطرق، لأن تبقى الحكومة العراقية ضعيفة، وكان من بين وسائلها محاولة إلهاب الشارع العراقي، ومن ثَمَ إستخدامه لإرباك الحكومة وإضعافها؛ وصولا الى لحظة إسقاطها، وهكذا كان بيان كتلة الإصلاح والإعمار بفقراته الإربعة عشر، والتي ألغمها بعموميات معروفة سلفا، ليست حكومة السيد عادل عبد المهدي مسؤولة عن أغلبها، لأنه وببساطة شديدة، لم يمض على حكومة السيد عبد المهدي إلا سبعة أشهر فقط، لكن وبسرعة أتضح أن البيان أعد بمعزل عن تحالف سائرون الشريك الأهم والأقوى في تحالف الإصلاح، لكن الأوامر جاءت هكذا؛ ولابد من "الطاعة" والتنفيذ، ولذلك فأن من أصدر البيان، إستعجل التنفيذ لإبداء فروض الطاعة! 

الحقيقة وبلا مجاملة ومواربة، هي أن تحالف سائرون إنتبه باكرا الى هذه اللعبة، وتصرف بروح الحكمة والمسؤولية، على الرغم من أن له موقفا "خاصا" من العلاقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران، وهو موقف لا يرتبط بالمقدمات؛ بقدر ما يرتبط بالفروع، ولذلك تعاون تحالف سائرون مع تحالف الفتح، في تشكيل حكومة السيد عادل عبد المهدي ودعمها، وسيبقى داعما له، مع إحتفاظه بمسافة معقولة، لتنفيذ إطروحته في تبني قضايا وهموم الجماهير، وهو  مايخدم حكومة السيد عبد المهدي ويقويها، لأنه سيدلها على حاجات المواطنين، كما سيكشف لها بمسؤولية عن عيويها.

العارفون بخفايا المشهد السياسي العراقي، وتركيبته المعقدة، يعرفون أن من المستحيل إسقاط حكومة عبد المهدي بسهولة، وأن كل ما سيحدث هو محاولة "المعارضة" الهجينة، ركوب موجة الإحتجاجات، لكن المحتجين أكتشفوا اللعبة، ليحتفظوا بمطلبيتهم بعيدا عن التسييس.

ثمة معطى بالغ الدلالة؛ يكشف عن إنتهازية أدعياء المعارضة، فهم بالوقت الذي يدبجون فيه بيانهم العتيد، كانوا يشاركون بنشاط لافت، في إجتماعات تسمية اصحاب المناصب العليا والدرجات الخاصة، في مبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء..!

ــــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك