المقالات

يوم القدس وقمم 3 in 1..!


طيب العراقي

 

إنها لمفارقة تستدعي التأمل؛ أن الحكام في قمم مكة الثلاثة يتأمرون؛ فيما تعج بالشعوب شوارع البلدان، وهم يعاهدون أن القدس ستبقى قدسنا..!

في السنوات الأولى لإطلاق الامام الخميني (رض)، دعوته ليوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان، والتي ترسخت في وجدان الإمة، حتى تحولت الى ما يكاد يكون "شعيرة" من شعائرها، إستخف كثيرون بهذه الدعوة، خصوصا حكام العرب والمسلمين، الذين ينتمون الى منهج عقائدي؛ مخالف للمنهج الذ يعتنقه وبشر به الإمام الخميني.

المفارقة الثانية التي تستدعي التأمل أيضا، أن هؤلاء الحكام الذين يعتاشون على شعارات الأمة العربية الواحدة، ذات الرسالة الخالدة، ويتعشقون أناشيد "بلاد العرب أوطاني من الشام لتطواني"، وحفظونا صغارا شعار "فلسطين عربية فلتسقط الصهيونية"؛ لكن شعاراتيتهم لم تفعل شيئال فلسطين قط، بل هي التي أضاعتها؛ لأنهم هم أنفسهم الذين عملوا بنشاط مميز، على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين، وهم أنفسهم الذين يسعون راكعين نحو ما يسمى بصفقة القرن، التي تريد إمحاء أسم فلسطين من خارطة الوجود.

تؤكد وقائع التاريخ، ان الحق عندما يترسخ في اذهان الناس ويزداد المطالبون به؛ لن يضيع مهما طال الزمان، وهذا ما فعله إطلاق يوم القدس العالمي، فمع أن "اسرائيل" منذ إنتصارها في حرب حزيرن 1967، وإحتلالها كامل القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري وأجزاء من لبنان، في ذلك العام تحولت الى دولة قوية، وبسطت الصهيونية نفوذها على الرأي العام العالمي، وبنت علاقات وتفاهمات مع أغلب الحكام العرب والمسلمين، إلا أنها لم تنجح في محو أسم فلسطين من ذاكرة الأمة، التي بقيت تنظر الى"إسرائيل" عدوا رقم واحد.

بفضل "يوم القدس العالمي" والنشاطات الموازية له، وما أفرزه من مواقف على الساحات العربية والإسلامية والدولية، ونجاحه في تشكيل محور المقاومة، تم إيقاف التقهقر في واقع الأمة، التي أنتلقت من السلبية والقنوط، الى التحفز نحو الحقوق، وبالمقابل أزدادت عزلة الكيان الإسرائيلي الغاصب، وكثرت إداناته على الصعيد العالمي، ونشهد بوضوح تهاوي مبررات وجوده حتى عند رعاته، وعند الراي العام العالمي.

لقد أسس يوم القدس العالمي؛ لسلسلة أنتصارات تؤسس لنهاية، وجود الكيان الصهيوني الغاصب، الذي أصبح أقرب الى مرأى العين، فقد نهضت الحركة الفلسطينية المسلحة بفصائلها المعروفة، وما الانتفاضة الاولى 1987 والثانية 2000، وحرب تحرير لبنان 2000 والهزيمة الاسرائيلية امام "المقاومة اللبنانية" في تموز 2006، وفي حربي غزة (2012-2014) امام "المقاومة الفلسطينية"..والمسيرات الحالية للعودة والدفاع عن القدس، إلا تغييرات اساسية ليست في صالح "اسرائيل" في ميزان القوى.

صحيح أن الكيان الصهيوني حقق مكاسب لا يستهان بها، في علاقاته العربية عموما والخليجية خصوصا، وجرى نقل السفارة الامريكية للقدس، وأعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بالجولان السوري المحتل كأرض "إسرائيلية، كما أن العمل يجري على قدم وساق، على انهاء معادلة الدولتين والسلطة الفلسطينية، وقبول الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية، إلا أن ميزان القوى الذي تشكل عقب بناء "عقيدة" يوم القدس العالمي، ليس في صالح إسرائيل؛ ورعاتها وذيولهم الحكام العرب، وهم اليوم في خانق ضيق؛ لا يستطيعون التخلص من حبل إنشوطته أبدا، فقدرات محور المقاومة في إتساعه وتطور، وما كان ممكنا لإسرائيل تحقيقه بالهجوم عام 1967، بات حلما من أحلام الماضي، فالقوة العسكرية الإيرانية التي كانت الى جانب إسرائيل آنذاك، هي اليوم متعاضمة ورهيبة؛ ولكنها في الصف المقابل لإسرائيل تماما.

الحقيقة أن إسرائيل ورهطها؛ ومعها عرب الشعارات، يخسرون كل يوم، لأن زمام قيادة المعركة خرج من أيديه، وأستقر الى الأبد بيد الشعوب وأبنائها رجال محور المقاومة، وسدهم المنيع الجمهورية الإسلامية في إيران.

بعضهم يرى أن موعد زوال إسرائيل، والذي حدده الإمام الخامنائي بالعام 2025 ليس واقعيا، لكن من يستطيع سبر أغوار المعاني التي أسستها دعوة "يوم القدس العالمي" سيجده أكثر من واقعي.

حزمة قمم مكة الثلاث، والتي جرت برعاية أمريكية وخنوع سعودي مشين، لن تستطيع إيقاف عداد أيام زوال إسرائيل، الذي يرونه بعيدا ونراه قريبا!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك