عبد الكاظم حسن الجابري
لا شك إن الفساد صار سمة ملازمة للعمل الحكومي العراقي بسلطاته الثلاث, وصار الاتهام علنا لكل مسؤول في الدولة –بغض النظر عن صحة الاتهامات من عدمها-
الفساد في حقيقته صفة مذمومة اجتماعيا, ومحرمة دينا, وخيانة وظيفيا, وما يمارس من فساد في العراق هو ارهاق لكاهل الدولة وحرمان المواطنين من حقوقهم.
المشكلة إن الحديث في الفساد متسع وكثير, ومن يتحدث عنه نابع من طبقات مختلفة, ويكاد يكون الحديث عن الفساد الشيء الوحيد المشترك بين العراقيين بمختلف انتماءاتهم وولاءاتهم, لكن هل الحديث هذا كله عن الفساد حديثا حقيقا أم لا؟
في معرض الإجابة والبحث بتجرد عن هذا السؤال لا بد أن نثبت حقيقة واحدة, هي أننا لا ننكر الفساد, لكننا ننكر ما يتم ذكره في الإعلام, فالفساد ليس كما يصوره الإعلام وليس كما يروج المرجفون له.
كذلك لابد أن نوضح إن أكثر من يتحدث عن الفساد هم الفاسدون, وهم من أطلقوا الشعارات الكلية فقالوا "شلع قلع كلهم حرامية" وقالوا "كلهم فاسدون" وقالوا "باسم الدين باكونا الحرامية" وهم الذين أطلقوا كذبة الألف مليار المسروقة وهم الذين أطلقوا العبارة التحقيرية للشعب "ماتصيرلنا جاره".
إن الجهات الفاسدة التي صورت العراق على إنه بلد فاسد, هي أما جهات موتورة من النظام الجديد كالبعثية وأذنابهم, أو جهات لها أجندات خارجية معادية للوضع القائم, أو جهات داخلية فاسدة تحاول إضفاء الفساد كطابع عام كي لا يشار إليها وحدها ويتبعهم في ذلك الناس أما بحسن نية أو بغباء –وهو الاكثر- وكذلك لتجعل المخلصين والكفوئين والنزيهين يبتعدون عن التصدي للمواقع كي ما يُشْمَلوا بالنعت العام "كلهم حرامية".
السؤال هنا -ومع ايماننا أن الفساد ليس كما يتم تصويره- هل نملك القدرة لأنهائه والقضاء عليه؟! وهل هناك اليات معينة لذلك؟!
نعم الفساد بصفته فسادا قابل للمكافحة, والقضاء عليه أمر يسير, لكن حينما يرتبط بالسياسة فان مكافحته تستلزم اليات جديدة وطرق مبتكرة لعلاجه, طرق متعددة الاتجاهات منها حكومي ومنها شعبي ومنها اعلامي.
اولى خطوات مكافحة الفساد هي الرفض الشعبي للفاسدين, وعدم تقديرهم او استقبالهم بحفاوة في المحافل الاجتماعية والشعبية, واستهجان تصرفاتهم, ومنها ايضا العمل على تفعيل اجهزة مكافحة الفساد, واشراك العنصر الاستخباراتي والمخابراتي في موضوع مكافحة الفساد, وكذلك القضاء على البيروقراطية والاتجاه للحوكمة الالكترونية لتنتهي حلات الابتزاز التي يتعرض لها المراجعين في الدوائر الحكومية, كذلك فان للإعلام دورا مهما في مكافحة الفساد, وخصوصا على صعيد الصحافة الاستقصائية ومتابعة حالات الفساد, وكذلك استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتكون نافذة للحرب ضد الفساد من خلال تشخيص حالات الاختلاس والتزوير والابتزاز, اضافة الى امر اخير ومهم وهو وجود دافع ورغبة حقيقية من قبل المعنين لإنهاء هذا الملف الشائك.
.........................................
https://telegram.me/buratha