المقالات

المشيخة الحزبية..!

1858 2019-05-01

علي عبد سلمان

 

في الساحات الفكرية والسياسية والثقافية؛ ثمة أحاديث بعضها مخلص، وبعضها الآخر مغرض، لكنها تلتقي عند الشكوك بمشروعية العمل السياسي، في ظل عدم وجود ديمقراطية داخلية حزبية، وتتفق الأحاديث على أن الديمقراطية الداخلية الحزبية، تمثل بوالبة ديمقراطية الدولة برمتها.

معظم من يتناولون هذا الموضوع الحساس، إنما يتناولونه من زاوية الوضع القانوني؛ للبنية الداخلية للأحزاب، ومدى إنطباقها على المعايير التي وردت في قانون الأحزاب، ومع التسليم بفضفاضية تلك المعايير وعموميتها، لكنها تمثل أساسا أوليا؛ يمكن أن تبنى عليه أسس أكثر صلاحا، ليشيد عليها البناء الحزبي السليم.

الحاجة ماسة جدا الى تبني فلسفة قيمية؛ تنبع من الأجواء السياسية العامة، وهي بلا شك وفي هذه المرحلة من الحياة السياسية في العراق، أجواء يمكن أن نطلق عليها تسمية "الشبه ديمقراطية"، وعلى هذا فإن الفلسفة القيمية؛ يجب أن تتبع نفس الأتجاه، بمعنى أن تؤمن الأحزاب بالديمقراطية، كاسلوب لتداول السلطة والمشاركة في أدارة الدولة، وتؤمن ايضا بالديمقراطية؛ كاسلوب للعمل التنظيمي داخلها، حتى وإن كانت ديمقراطية ليست كاملة الدسم، أو"شبه ديمقراطية"!

نعتقد أن غياب ديمقراطية حقيقية داخل الأحزاب، هي العقبة الكأداء التي تقف حجر عثرة، أمام تشكل ديمقراطية حقيقية في البلاد، وتتسبب بتشتت أي جهد مخلص؛ نحو تنمية مجتمعية فاعلة، ومصداق هذه العقبة، هو أن معظم الأحزاب؛ لا تتوفر على بنية تنظيمية سليمة، تتيح للوسائل الديمقراطية أن تلعب دورها، في ترتيب البيت الحزبي الداخلي..

المحصلة الأولى؛ هي أنه ليس من المنتظر أن يشهد بلدنا؛ حياة سياسية مزدهرة ديمقراطيا، فيما عناصر هذه الحياة أي الأحزاب، لا تؤمن بالديمقراطية الداخلية، أو لا تمارسها بحدها المقبول على الأقل..

المحصلة الثانية؛ هي أنه حتى لو عقدت الأحزاب مؤتمرات تنظيمية، فهي غالبا ما تكون مؤتمرات شكلية، يعيد فيها المؤتمرون إنتخاب"القيادة التاريخية" للحزب مجددا، بل ان هذا البند كان مثل مادة مكشوفة قبل بدء الامتحان، فهذه سنة الأحزاب فى السياسة العراقية، فمعظم قادة الأحزاب العراقية؛  يتسنم ذات المنصب مدى الحياة بلا منازع.

المحصلة الثالثة؛ هي أن معظم الأحزاب السياسية العراقية؛ أحزاب شمولية على الصعيد الداخلي، ومن تشكل وعيه وتشرّب بالشمولية والاحادية، سيعجز عن استيعاب التحولات السياسية الكبرى؛ التي يشهدها وطننا، والمسألة تحولت لحالة مرضية قاتلة؛ ضربت القوى السياسية في صميمها، وهي تدمر الإبداع وتقف حجر عثرة؛ أمام أي أمل بالتطوير.

المحصلة الرابعة، هي أن هذا الواقع بكل سلبياته وتداعياته ونتائجه، يعود بالتأكيد الى بنية المجتمع العراقي، الذى ينزع نحو السائد والمألوف والمعروف، ويقاوم أي تجديد أو تغيير بقوة، وفقا للعقلية القبلية التي ما زالت متمكنة من عقولنا، حيث يتخوف المجتمع؛ من كل ما هو جديد ويخشى التغيير.

في العراق ما زلنا في سلطة شيخ القبيلة؛ الذى يسود مدى الحياة، ومؤخرا وبرغم أننا في القرن الحادي والعشرين، حيث الحياة تحولت الى الديجتال، إلا أننا بتنا نطلق على شيخ القبيلة لقب "الأمير"، ونقبل بإذعان وإستخذاء أن يحل نجله محله، في "إمارة" القبيلة، وهو أمر يتكرر بشكل مثير في معظم الأحزاب العراقية، إذ انتقلت هذه الحالة من بيئة المشيخة والأبوة المجتمعية؛ الى باحة الأحزاب السياسية، فزعيم الحزب الجديد بعد وفاة الزعيم المؤسس، هو نجله بالتأكيد، ويتوجب على أعضاء الحزب طاعة "أمير" الحزب الجديد!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك