المقالات

الروح المسجدية بفكر الشهيد محمد باقر الصدر


نورية الإثنى عشر - باحثة من البحرين

 

أول دعامة أساسية ثبت بها رسول الإسلام المصطفى محمد صلى الله عليه و آله و سلم دولته بالمدينة المنورة هي بناء المسجد ذلك الأُس العقدي و المُنطلقُ الإيماني الذي ثبت به اللبنة و اللحمة من خِلاله ليعطي بذلك حنكة ساسة و قيادة قادة للأمة الإسلامية فكان الصادر الأول قائدها الأول .

فعرفهم ب ( بيت الصلاة ) بيت بناء الأرواح الإيمانية الطاهرة فالفئة الحقة التي هاجرت مع رسول الله ( ص ) كانت تحمل إيمانها الصادق و تحلق به أينما وضعت أقدامها و نثرت عطرها . فأراد بذلك شرح روح الإسلام الأصيل شارحاً آياته و تفاسيرها إلى جانب شرح الأحكام الشرعية و ما يتعلق بها من شرح لمتطلبات الحياة الإجتماعية الدنيوية فأراد بذلك هندسة عقول نيرة تتطلع إلى ساحة الله ... تتطلع لبناء [ الروح المسجدية المتحركة قلباً و قالباً بخُلقهِ الكريم صلى الله عليه و آلهِ و سلم .

فكان للمسجد حرمته و أحكامه و مثل ساحة قدسية بفنائه بتنزل [ المُقدس ] القرآن الكريم فمثل الطهارة بأعلى مستوياتها فلا دنسٌ مادي و لا دنس معنويٌ يعتريه بالمطلب . فكان القرآن بكل ثقله الإعجازي الرباني الخارق أراد به رسول الله صلى الله عليه و آلهِ و سلم إزاحة الجاهلية الجهلاء إزالة الصنمية و الوثنية و نقل الأمة إلى طاعة المُستحق طاعته . فالتوظيف الإيماني و الحركة الفعلية كان جوهرها العمل بتخريج الثلة المؤمنة التي حملت الجنبة الإيمانية فالساحة المُقدسة تبقى صورتها مُقدسة لا تُدنس لأنها بحقيقتها و أصلها هكذا فمن مزايا المُقدس في قِبال المُدنس إنه لا يقبل التنجس و لا بشائبة و إلا لأرتفعت عنهُ القُدسية و هذا مُحال [ استحالة إجتماع النقيضان ] فالمقدس لا يلتقي بالمدنس فمسجد  " قِباء " لا يلتقي بمسجد " ضِرار " . فيمثل المُقدس جانب الحق الصائب و يمثل المُدنس جانب الباطل الخاطئ .

فحمل المسجد شعلة الروح الإيمانية القائمة على التقوى و الصلابة في التمسك بالحق فبانت الروح المسجدية بتماسك المؤمنين فيما بينهم و العمل و التكاتف و وحدة الصف و الكلمة الواحدة و ألفة القلوب و جعل الصلاة حية متحركة بكل وزنها لبناء الدين و الوقوف في الأزمات فالتجمع بحد ذاتهِ ثورة ألم تشكل صلاة الجماعة خطراً على من أراد تمزيق صف المسلمين ؟!!!

و إنموذج ذلك قول الإمام الخميني قدس سره الشريف : " أحيوا الثورة من خلال المساجد التي تعتبر حصون الإسلام المنيعة " فالمعتدي يرى بالمسجد قوة و إجماع المؤمنين على كلمة واحدة يقض مضجعهم و يفلُ شوكتهم و يُذهبهم أدراج الرياح خائبين مخذولين منكسرين [ فالجماهير أقوى ] فالروح المسجدية المحمدية هي من بنت الخندق حول المدينة حفاظاً على أمنها ، و طهارة علي لم يقبلوها فقتلوها بمحرابها .

 

فالروح المسجدية التي حملها شهيدنا الصدر قدس سره الشريف كانت متمثلة بإنسان نقل ما بداخل المسجد وفق ما ارتضاه الشارع المقدس لخارجه ... نقل مركز بنائية الإنسان المسلح و المزود بسلاح المعرفة و الفهم النابض بالبصيرة في قبال الحفاظ و التمسك بالمُقدس تاركاً المُدنس لمن هواه و ابتغاه . فلم يكن صوت بلال بقول " الله أكبر " مجرد تأدية شعيرة صلاة خالية الوفاض بل كانت إحياءاً للوجود كله و  إحياءاً  لروح تعاليم الإسلام بجعله ينبض و ينطق حقاً .

فالروح التي أرادها الشهيد هي هذه الروح التربوية النامية المتعطرة بثوب الشهادة التي لا تموت أبداً الروح القادرة على المواجهة و تحدي العراقيل فكان المسجد عطائه الفكري الأول و المرشد الناصح و العقل الراجح فاجتمع حولهُ طلابه و تزاحمت ركبهم للتعلم من هذه العقلية الفذة  فأحوج ما تحتاجهُ أمة اليوم هو الرجوع إلى الروح المحمدية المسجدية روح نبي الإسلام الخاتم .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك