المقالات

الفيلييون ومأسسة العمل المجتمعي..!


طيب العراقي

 

الإحجية مازالت مستعصية التفكيك، فالمعادلة المتقلبة، جعلت قراءة المشهد العراقي صعبة، وإن التحول الديموقراطي المبتور بالإحتلال، جعل إبجديات الديموقراطيات المعتادة، صعبة التطبيق على وضع العراق.

زوال الديكتاتورية التي غيرت معالم الشخصية الوطنية، والطبيعة الإجتماعية العراقية، كان حلما يراود أبناء العراق، ويزداد الحلم وردية، للتفكير ببناء ديموقراطية رصينة، تنتشل الشعب من عميق حفرة التخلف، التي رماهُ فيها نظام البعث، وأن ترتقي تلك الديموقراطية بالبلد، نحو النهوض والتطور.

اصطدمت تلك الديموقراطية المنشودة، بالعقبة الكؤود الأولى، وهي نظام المحاصصة الطائفي والقومي، يضاف اإلى عقبة المحاصصة الطائفية، عقبة أخرى، وهي عقبة المحاصصة الحزبية، حتى في داخل المكون الواحد.

الفيليون وبما يمتلكون من حس وطني مفرط، ربما كان هو السبب الرئيس بفرط تعرضهم لمظلوميتهم الكبرى، لم ينطووا على أنفسهم، ولم يكونوا أحزابهم السياسية الخاصة بهم، بل حتى لم يلجوا العمل المجتمعي المؤسسي بقوة، وإن كانوا يعلمون أن حقوقهم المهضومة، لا يمكن أن تستعاد إلا بتنظيم أنفسهم، على الأقل في مؤسسات ذات طابع مجتمعي، وهم إن فعلوا ذلك ، فقد فعلوه بأدنى من الحد الأدنى بكثير، خشية أن يأتي أحدهم؛ ويصفهم بالإنغلاق والتعصب واإنعزالية القومية!

حتى لا يأتي أحد ويزايد عليهم، فإن الفيليين موجودون اليوم وبمختلف الأحزاب والقوى السياسية العراقية، بل أن كثير منهم، ينشط في الأحزاب السياسية لدول المهجر، من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، وتجدهم فاعلين في حزب ديني، وفي آخر علماني، وفي حزب قومي كوردستاني، وفي مثيل له ذا طابع عربي، ولذلك بات من العسير جدا؛ جمع النشطاء السياسيين الفيليين في حزب واحد!

لكي يتجاوز الفيليين تعقيدات السياسة، ويتخلصون من إسقاطاتها السيئة على واقعهم، ويقاومون تشرذمهم الذي يعد أحد اسباب إستمرار مظلوميتهم، عليهم أن يبحثوا عن ما يجمعهم، خارج أسوار السياسة الحصينة العالية.

الأسرة مثال ناصع صالح للمقايسة؛ على ما هو أوسع وأكبر منها، ففي الأسرة  الواحدة؛ يمكنك أن تجد أبناءا مختلفي الرغبات والأمزجة والتوجهات، لكنهم بالنهاية يبقون أخوة، لأنهم ولدوا من رحم واحد، والأمة الفيلية هي أسرتنا الكبيرة، التي يجمعنا إنتمائنا لها تحت خيمتها الوارفة، لكن تنظيم أحوالنا في ظلال هذه الخيمة أمر مندوب وضروري، حتى لا يحصل تزاحم وتصادم على المساحات.

العالم يسير بخطى حثيثة؛ نحو بناء منظومات مؤسسية؛ في مختلف نواحي النشاط الأنساني، ليس لأن ذلك مطلوب بذاته فحسب، ولكن لأن المأسسة تقود نحو التخطيط، والتخطيط بوابة النجاح الصحيحة.

ليس هناك مثل العمل المجتمي المؤسسي، من أسلوب لجمع أبناء الأمة الفيلية، حول محاور محددة متفق عليها، تنسجم مع رغائب الأفراد، وكل حسب تخصصه وميوله!

ما نتمناه ونسعى اليه بقوة، هو أن نرى قريبا، منظمات مجتمعية مختلفة التخصصات؛ تنشط على الساحة الفيلية...منظمة للحقوقيين الفيليين، وأخرى للمهندسين ومثلها للمعلمين، واتحاد للطلاب والشباب، وآخر للمرأة الفيلية، ومنظمات تعنى بالطفولة الفيلية المنتهكة، ومثيل لها تهتم بالشهداء والمضحين، وهكذا في كل زاوية من زوايا مجتمعنا الفيلي؛ بإهتمامات أفراده المتعددة..

عند ذاك نكون قد وضعنا أقدامنا المتعبة، على البدايات الصحيحة لأنتزاع حقوقنا المسلوبة.

كونوا معا..!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك