كاظم الخطيب
التغيير إسلوب إمتاز به الإنسان عن سائر المخلوقات؛ لما وهبه الخالق من نعمة العقل؛ التي تمكنه من التفكير والإختيار والمفاضلة بين الأشياء ونظيراتها، أو تلك التي تكون مغايرة لها بالشكل أو المضمون أو بأقيامها المادية والمعنوية.
يكون التغيير ملحاً، في حالات عدة: منها، أن يستهلك الشيء ويغدو بالياً قديماً، أو عند تعرضه للعطب أو الكسر الذي يوجب إستبداله بغيره، كما يمكن أن يكون التغيير مطلبا كمالياً، أو سلوكاً نمطياً لدى بعضهم، مثل تغيير ديكور المنزل، أو تسريحة الشعر، وما إلى ذلك من الأمور الكمالية ، وقد تستدعي بعض الأمور المصيرية أن يكون التغيير ضرورياً ، كأن يستفحل نمط إجتماعي هجين أو أن يشيع سلوك أخلاقي فاضح، أو أن يتردى واقع صحي شامل، أو أن ينحدر نظام سياسي إلى درجة متدنية من الإنحطاط.
بيد إن هناك ضرورة ملحة تفرض نفسها بقوة؛ خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحياة الإنسان، وأمنه، وسلامته؛ كونها من أبجديات وجوده، وأولويات بقائه، وبديهيات نموه وإزهاره.
بناء على ما تقدم؛ فإن التغيير هو حاجة إنسانية بحتة، وسجية بشرية ثابتة، وسلوك إجتماعي حميد- فردياً كان أو جماعياً- ، غير إن كثيراً من ولد أبينا آدم وبنات أمنا حواء- عليهما السلام- ممن يحملون جنسية هذا البلد، لا يرى أحدهم في نفسه أي قدرة أو رغبة في الإقدام على تغيير واقعه، حتى وإن كان هذا الواقع مزرياً ومخيفاً وعشوائياً، إلا إذا دعاه، مسؤول حكومي، أو قائد حزبي- كما هو حال العراق اليوم- لدرجة أن يخرج بعضهم متظاهراً، ويهتف متجاهراً، وحين تسأله ماذا تريد؟ ما هي مطالبك؟ يجيبك بكل بلادة، أريد ما يريده، مختار العصر، أو زينب العصر، أو لبوة بابل، أو خادم الأتراك، أو مداس السفير السعودي، أو رمز الكذا، وصكار الكذا، والكذا بن الكذا وما إلى ذلك من الألقاب الرنانة، الفارغة من المحتوى، والتي لم يجني منها العراق ولا العراقيون، إلا الويل والفقر والدمار.
في بلاد سومر وأكد، وبلاد السواد، وبلاد النهرين، ذاك البلد؛ الذي غدى محاصراً بالجفاف والتصحر، تلفح وجهه عواصف الرمل والتراب، بعد جفاف أنهاره وخلو بواديه من الآبار، نتيجة لسياسة فاسدة رعناء، لساسة فاسدين، وقادة متحزبين، لا يمثل لهم الوطن سوى بئر لنفط، أو كتلة حاكمة أو وزارة قائمة.
العراق ذلك البلد العريق، الذي يضرب بجذوره في أعماق التأريخ، ويغور في مديات الدهر وحقب الزمان، ذاك الذي ألهم الدنيا إبداعاً وفناً، وأغناها درايةً ومعرفةً، وهو الذي قد غير مسار التأريخ غيرَ مرةً.
أنا على يقين تام، وثقة مطلقة، بأن أهله الذين توحدت إرادتهم ضد داعش في قطعات الجيش، وفصائل الحشد الشعبي؛ لقادرون على القيام بخطوات جادة وحاسمة لتغيير واقعهم وواقع بلادهم، ونبذ كل ما يدعو إلى الفرقة والإقتتلال والتشرذم، وترك صفة التسقيط الذميمة، وسجية التحزب الأعمى المقيتة، وإنتهاز فرصة التغيير السانحة.
هناك تساؤل يفرض نفسه بقوة مفرطة، وبإلحاح شديد، وهو هل إن التغيير في عراق اليوم، قد أصبح مطلباً مهماُ، أم ضرورةً ملحةً، أم خيار مصيري.
حكومة عبد المهدي، تلك الحكومة التي ما زالت في مهد التكليف، لا ينبغي لها أن تولد سليمة معافاة؛ إلا إذا توفرت لها حاضنة شعبية تؤمن بالتغيير، والوحدة في المصير، وحرص وطني على إعادة مجد العراق، وإستعادة مكانته الرفيعة بين دول العالم.
أي أبناء بلدي، أيها الشرفاء، ياسلالة المجد والقيم، إستعيدوا كرامتكم بكرامة بلادكم، فلا كرامة لمواطن دون كرامةٍ لوطن.
https://telegram.me/buratha