المقالات

حرب العُزلة والتكتيك الجديد


عبد الكاظم حسن الجابري

من أهم القواعد التي تتمكن من خلالها القوى الفاعلة في السياسية الدولية للسيطرة على الشعوب, هي إبعاد الجماهير عن قادتها, وجعل القيادة في عزلة, من خلال بث الدعايات والفبركات لتشويه تلك القيادة, أو خلق رأي عام معين عند الجماهير يجعلهم لا يلتفتون لصدقية وموثوقية تلك القيادة.

تستخدم لهذا الغرض وسائل كثيرة, ويلعب الإعلام الدور الرئيس في ذلك, فتشحذ القنوات التلفازية, والإذاعية, وحاليا مواقع التواصل الاجتماعي, وتخصص مساحات واسعة في هذه القنوات لهذا الغرض.

الأهم في هذا النوع من التكتيك –أو ما تسمى بالحرب الناعمة- أنها لا تكون حربا مباشرة, بقدر ما تكون حربا تدريجية, من خلال بث تشكيكات وتساؤلات حول أداء القيادة, ومدى استفادة الجماهير منها.

مثلت القيادة الدينية عموما والشيعية خصوصا, القيادة الوحيدة المأمونة والموثقة, وكانت المرجعيات الشيعية وعلى مدى تاريخها حجر عثرة في طريق الحكام الظالمين, وفي طريق دول الاستعمار ودوائر الاستكبار العالمي.

اضطلعت المرجعية الشيعية –في العراق خصوصا- بمهمة جسيمة في ما بعد عام 2003, حيث كانت الموجه والناصح للشعب العراقي, ووقفت هذه المرجعية –متمثلة بالسيد السيستاني- بوجه كل خطط المحتل الامريكي, فأصرت على كتابة الدستور بأيادٍ عراقية وعلى الانتخابات وغيرها من المواقف المشهودة.

تصدت مرجعية الشيعة لعصابات الإرهاب التكفيري, ومزقت خطط عالمية, أُرِيد لها من خلال الإرهاب إعادة رسم خريطة المنطقة –بعد 100 عام على التقسيم وفق سايكس بيكو- واعلنت المرجعية فتواها العظيمة بالجهاد الكفائي, والتي لقيت استجابة كبيرة من الجماهير, تم على اثرها رد كيد داعش ومموليها في نحورهم.

هذه الاستجابة والتفاف الجماهير حول مرجعيتها, ووثوق تلك الأمة بهذه القيادة, جعل العدو يفكر بطرق جديدة لعزل المرجعية عن جمهورها, وبعد فشل في مواجهة المرجعية مباشرة اتخذ –العدو- منهج آخر وهو ابعاد الجماهير عن هذه المرجعية.

بدأت مراكز التخطيط الاستراتيجي ومعاهد الابحاث السياسية, بإعداد خطة لعزل تلك الجماهير, وافضت الخطة الى استغلال الحراك المدني, وجعل منظمات المجتمع المدني فريسة سهلة –من حيث يشعر أو لا يشعر اعضاء هذه المنظمات- لتنفيذ هذا المخطط, وكذلك اذكاء الحركات العقائدية المنحرفة, من قبيل الحركات التي تدعو الى نبذ التقليد والاعتماد على العقل, واشاعة فكرة أن المراجع ما هم إلا مافيات لجمع الخمس, تحيط بهم الحواشي, وكذلك دعم المتمرجعين والمنحرفين من مدعي المهدوية, كأحمد بن كويطع والصرخي ومن لف لفهم.

المسؤولية الاخلاقية والوطنية والشرعية تقع على الأمة في التنبه لهذه الأفكار, وعدم الانزلاق وراء الأبواق المنحرفة, وعلى الجماهير إن أرادت نجاحها وفلاحها أن تلتف حول قيادتها الدينية, المتمثلة بالمرجعية الشريفة, والتي اثبتت يوما بعد يوم نجاح قرارتها, وصحة منهجها ونكران ذاتها والعمل على رفعة وسمو البلد وأهله.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك