( بقلم : نور الدين الموسوي )
تناقلت وسائل الإعلام خبرا غريبا ومثيرا، وهو ان الشركة العامة للاتصالات والبريد التابعة لوزارة الاتصالات ستقوم بمنع سفر مشتركي الهاتف المتخلفين عن تسديد القوائم الهاتفية! وإنها ستخاطب مديرية التسجيل العقاري العامة والمرور العامة والمصارف لغرض وضع إشارة الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة للمتخلفين عن التسديد وستبلغ أي شركة الاتصالات والبريد - مديرية السفر العامة لمنع كل من لها ديونا بذمته، واستندت الشركة في قرارها هذا على قانون صدر في عام 1977 برقم 56. هذا الإجراء الذي قالت الشركة المذكورة ستتخذه غريب وعجيب ولا وجود له حتى في أكثر النظم استبدادا..
وصحيح ان لديون الدولة امتياز على غيرها من الديون، لكن الشركة هي المسؤولة عن عدم تسديد الديون، وقد يسأل سائل: كيف؟ آن الشركة يفترض بها ان ترسل الى مشتركي التلفونات قوائم شهرية كما كان يجري سابقا، والدفع الشهري يعني ان المواطن المستفيد من الهاتف سوف تصله القائمة في وقتها ولهذا يمكنه ان يرتب ميزانيته على أساسها.. أما وان القائمة تتأخر لثلاث سنوات وأكثر، وتطول مدة أجور المكالمات الهاتفية من شهر كما كان سابقا الى ستة أشهر، كما مذكور في القوائم الحالية، فان تراكم الديون لشهور ست يثقل كاهل المواطن ويتعذر في أحيان كثيرة عليه دفعها، وهو المثقل أيضا بتكاليف معيشته التي تضاعفت مرات ومرات !! إذا الشركة لم تلتزم بالقائمة الشهرية وهذا تقصير في واجباتها، ولو التزمت لما بلغت المديونيات حدودا لا يحتملها المواطن ويتأخر في تسديدها. فهل يجوز ان يحاسب المواطن عن تقصير الشركة؟ ولماذا لا تتحمل هي مسؤولية تأخير إرسال القوائم وما يسببه من إيذاء للمشتركين؟ هذا أولا، أما الأمر الثاني فإن الشركة تريد(حقوقها) ولا بأس في ذلك إذا ما كانت هي قد التزمت بحقوقها تجاه المشترك، فلشهور وأحيانا لسنوات والمشتركون يشكون من انقطاع خدمة الهاتف الأرضي .. ومع ذلك صبر المواطن على الشركة وقدر صعوبة ظرفها ..
فلماذا لا تقدر هي صعوبة ظرفه مع أنها الملومة؟ وأخيرا.. ان في إعلان الشركة باتخاذ إجراءات قسرية استخفاف بالمواطنين، فهي في احسن الحالات تستطيع ان تفاتح القضاء ومن خلاله يتم تسوية دفع الديون.. وما منع السفر او الحجز على الأملاك إلا طروحات مبالغ فيها وهي وردت في قانون بائد عفا عليه الزمن، ومع ذلك كانت الشركة في وقت صدور القانون ملتزمة بالقوائم الشهرية وعدم قطع الخط الهاتفي لشهور او سنين كما يجري الان.. ولعله من سخرية القدر ان يقول احد المواطنين.. بأن الشركة متساهلة في إجراءاتها وتهديداتها، وإنها تستطيع ان تطلق الزوج من زوجته وتحرم الأم من حضانة أطفالها اذا لم يدفع او تدفع أجور الاتصالات الهاتفية لعام 2005 ونحن الان في نهاية 2007!!.
https://telegram.me/buratha