( بقلم : عقيل النصار )
قبل ستة عشر عاما تركت العراق هائما على وجهي أطلب الامن والامان في أرض الله الواسعة بعد أن ضاقت بنا الدنيا بما رحبت في ارض الرافدين.حطت بنا الرحال في نجد في واد غير ذي زرع ولا ضرع , صحراء جرداء يزيدها جمالا ورونقا وجوه الحرس الوهابي السعودي المدجج بالسلاح ونظراته التكفيرية اللطيفة , وللحق أقول كان منهم من يتمتع بروح انسانية .
هنالك تعطلت الامال وتوقفت الاحلام وبتنا نعيش في قبر الاحياء , لا الدنيا تسمع لنا حسا و لانحن نعلم لها وجودا فقد اختصر كل شئ ببقعة صغيرة يطلق عليها رفحاءوأختزل ال سعود وجودنا بقرص وثوب ولاحق لنا باكثر من ذلك فلاناصر و لامعين الا رحمة الباري جل وعلا
أول نسيم للحرية يهب وتجدد للامل يطل علينا بقدوم سماحة السيد الحكيم رحمه الله بتلك العمامة الرسالية والشمائل الهاشمية زائرا ومتفقدا قادما من ارض ايران للاطمئنان علينا .كنت حينها في الرابعة والعشرين من العمر خرج الجميع الصغار والكبار , من يعرفه ومن لم يعرفه مرحبا ومتفائلا بمقدمه الكريم.لم اكن اعرفه حينها ولم اسمع به من قبل ,فمن عاش بجمهورية الخوف يعلم ما ارمي اليه ,ولكنني احببته من وقتها وتعرفت عليه من خلال احاديث من يعرفوه وعاصروا مرجعية والده الامام الحكيم رض وسمعوا بجهاده واخلاصه وتفانيه في سبيل حرية الشعب العراقي من بطش البعث الكافر واجرامه ,وعلمت ان هذا البيت الشريف قدم العشرات من الشهداء الابرار مواسيا الشعب بدمه .
لم يكتفي رض بتلك الزيارة بل تلتها اخرى وحتى انه كان يزور ال سعود والتقى بملكهم من اجلنا.لم يفعل هذا احد من اجلنا غيره , بل ان الذين قدموا من بعده كانوا يحسبوننا اصواتا وارقاما يتكأون عليها وهم يحاربون نظام صدام في فنادق العواصم الاوربية المريحة حيث تغدق عليهم الاموال وتزف اليهم الحسان باسم الام الشعب المظلوم ,اسماءا كثيرة تبخرت في الفضاء الرحب.
وصلت لاجئا ومهاجرا للطرف الاخر من الارض لاعيش حياة اخرى وابدا بداية جديدة فلا امل في شئ اسمه عراق.أحمل في قلبي الحب والاحترام لشخص السيد الحكيم .الجهلة والمغرضون والمغرر بهم موجودون في كل مكان وزمان , لم يسلم رحمه الله من سهام وابواق عديدة حاله حال كل شجرة يثقلها الخير والعطاء الذي تحمله للجميع دون استثناء ,كان يؤلمني ما اسمع وما يشاع فتأتي ردودي عنيفة ,حتى اني في احدى المرات استهدفت حزبا عريقا بسبب بعض من يحسبون عليه , فكان ردي شاملا وعاما لكل من ينتمي اليه رغم وجود الوطنيين المخلصين فيه وهذا ما كشفته لنا الايام بعد سقوط صنم العوجة , فكتبت حينها مقالا بعنوان ( حزب ... الاساليب والاهداف ) في ثلاث اجزاء .
أكثر ما كان يعجبني من خصاله وكلها حميدة ,بساطته وتواضعه ,كان التكلف بواد وهو بالواد الاخر.فقد كان بحق رحمه الله النفس الزكية التي تقتل بظاهر الكوفة . ودعته بالدموع وحتى الكثيرين ممن كنا نظنهم معاندين قد بكوا بمرارة وادركوا عظم الخسارة التي حلت بالشعب العراقي لفقده ,واقيمت المجالس التابينية في طول المعمورة وعرضها,عاش مجاهدا ومات شهيدا على اعتاب جده الكرار علي
هنيئا له الفوز العظيم فروح وريحان وجنة نعيم .
https://telegram.me/buratha