( بقلم : عمار العامري )
هموم الشعب العراقي أصبحت الهدف الأسمى الذي يصبو إليه الخيرين من أبناءه ومعاناة المواطن باتت من أولويات القائمين على رعايته فمثل مواقف رجال الدين العراقيين إسلاميين ومسيحيين الموحدة والمشرفة والتي قلبت النظرية العالمية والعلمانية التي يثقف لها مريديها بان رجل الدين لا عليه سوى العبادة والصلاة وتنظيم العقود وما عليهم أي - دعاة العولمة - إلا أن يتشدقوا بالمصطلحات المجوفة مثل الدعوة إلى الثقافة المتهتكة فعلا في مضامين حياتهم والمطالبة بحقوق الإنسان المسلوبة في مقاماتهم ورصد الحريات المنتهكة لديهم وغيرها من الشعارات الخاوية التي لا تؤمن خائف ولا تشبع جائع وبين هذا وذاك إذ تزامن موقفين لرجلين من صلب الثقافة الرائدة لديهم والحرية المعطاة في كل تعاملاتهم والدفاع عن حقوق الإنسان التي تسلب بجهود العولمة الحديثة وهم أولى بان يجعلا هموم العراقيين والمطالبة بحقوقهم وإعطاءهم حرياتهم في مقدمة ما يسعون لأجله.
فكان الموقف الأول لسماحة المرجع الديني الأعلى السيد الإمام علي الحسيني السيستاني - دام ظله- المؤيد والمناصر لانعقاد مؤتمر علماء الشيعة والسنة في النجف الاشرف والداعي إلى توحيد الموقف الوطني للعلماء المسلمين على مختلف طوائفهم ومرجعياتهم والمطالبة بحقن دماء العراقيين وتحريم التنكيل بأبناء الشعب العراقي على حساب المصالح الحزبية والفئوية والتي يطبل لها المستفيدين من فوضى انتهاك حقوق الإنسان في العراق وسلب الحريات العامة والخاصة وفكان لزيارة المؤتمرين لسماحة الإمام السيستاني شرف عظيم بان يولي سماحته اهتمام كبير بالشأن العراقي وهذا الأمر ليس بجديد على سماحته ولكن حينما قال "إنا خادم للعراقيين جميعا " استوقف عند هذه العبارة كل المتابعين للشأن العراقي المحللين والإعلاميين مقرين بان هذا تأييدا للموقف الموحد لعلماء الشيعة والسنة في العراق وما خرجوا فيه من توصيات وأيضا تعتبر هذا العبارة بمثابة توصية من أعلى مرجع ديني عراقي أسلامي يُلزم على من يستلم مسؤولية ما في العراق بان يكون خادم متشرفا في خدمته لأبناء وطنه لا يفرق بين الشيعي والسني المسلم والمسيحي فالعراقيين جميعا متحابين متوحدين لا تفرقهم السموم الصفراء ولا تقسمهم نوايا المتشدقين بالوحدة والتقدمية لان هذه الأكاذيب كشفت مدلولاتها الرخيصة واظهر الداعين إليها مدى وقاحتهم في تدمير العراق والعراقيين كافة .
أما الموقف الثاني والذي يحسب لرجال الدين في العراق فكان لصاحب الغبطة الكاردينال عما نوئيل دلي والذي تشرفت الكاردينالية المسيحية بتتويجه كاردينالا في الفاتيكان ذلك لما يحملوه من هموم أثقلت كاهل العراقيين ومشاطرنا الشعب العراقي ويلاته مما قواه على عدم ترك العراقيين وشانهم في أصعب المواقف التي مرت في العراق من قبيل غيوم الإرهاب والتجاوز على الحرمات العامة وهتك المقدسات الدينية في محاولات بائسة من أفراغ البلد من أبناءه والتي لاحت في الأفق ثقل حملها فبعدما نال هذا الكاردينال دلي الاستحقاق المتفاخر فيه على المستوى الديني الرفيع في مراتب التصنيف لدى أخواننا المسيح فأكد على انه سوف يكون للعراقيين عامة بدون أن يفرق بين فئة وأخرى وأبناء طائفة وآخرون واثبت ذلك في اليوم الأول من توليه هذه المسؤولية حينما سال على أحوال المسيح في العراق أجاب وبكل اعتزاز مسجلا التاريخ له هذا الموقف المشرف حينما أذهل العالم بالجواب للسائل "لا تسألني عن المسيحيين اسألني العراق" فكان رد يحمل كل المعاني ولا يمكن أن يكون ردا سياسيا بقدر ما هو نتيجة لما يختنق فيه صدر الرجل.
هذين الموقفين من قبل هرمين في أعلى المرجعيات الإسلامية والمسيحية لا يستحسن أن نتجاوزه بكل بساطة لما يحملان من معاني الشرف والنبل اتجاه العراق ولا اعتقد أن الإمام السيستاني والكاردينال دلي متفقان على وقت تعبيرهما عن ما يدور في خواطرهما أنما جاءت هذه الصدفة برقية ألاهية لما يحملانه من نوايا سليمة ومواقف أزلية اتجاه هموم العراقيين كذلك اثبت الرجلين العلمائيين أنهما ليس بحاجة لان يسجل التاريخ لهم المواقف بقدر ما على التاريخ من ثقل أمانه وموقف مشرف بان يدون للأجيال الاستحقاق الذي يجب أن يكرم فيه علماء الدين العراقيين وعلى مختلف توجهاتهم ومرجعياتهم.
https://telegram.me/buratha