المقالات

صوت أم سعود فضح عورات السلطة السعودية

1699 14:35:00 2007-12-01

( بقلم : د. مضادي الرشيد )

في خطاب العيد تعهد الملك السعودي بتضميد جراح العرب والمسلمين، ولكنه نسي جراح ام في الحجاز تناشده اطلاق سراح ولدها الدكتور سعود الهاشمي المعتقل منذ شهر شباط (فبراير) دون محاكمة والمتهم من قبل وزارة الداخلية وأجهزتها القمعية بتهمة الارهاب حسب تصريح الناطق باسمها حينها. جاء صوت السيدة خيرية السقا مدوياً علي الشبكة العنكبوتية رغم عمره الذي تجاوز السبعين. خرج علي العالم ليس كعورة قد تغري من في قلبه مرض بل هو الذي كشف عورة نظام لم تعد في حوزته خرق كافية ترقع ثقوبه التي فضحتها ذبذبات صوت ضعيف انهكته السنون وخاصة الاشهرالاخيرة أشهر الانتظار والصبر علي الغبن والتشهير بأشخاص التقطتهم أجهزة لا تخضع لأي محاسبة ولا تتقيد الا بأوامر فوقية. أصبحت تهمة الارهاب مبتذلة ورخيصة في غياب المحاكم العلنية والادلة القاطعة. يبقي سعود الهاشمي ورفاقه الاخرون أبرياء في نظر العالم حتي يأتي النظام السعودي بدليله وهي قاعدة عرفتها الامم حتي البدائية منها. نجد هذه القاعدة تطبق في أدغال الامازون وقري افريقيا ومتاهات آسيا. انها العدالة الصغيرة التي عرفتها الشعوب والمجموعات البشرية قبل نشوء الدولة المركزية التسلطية بأجهزتها القمعية المتطورة وتبلور مفاهيم حقوق الانسان والمنظومات الدولية التي تدعي حماية الفرد من تعسف الدولة وتسلطها. نعم يؤتي بالمتهم والدليل ليس الي غرف سرية بل الي مجلس مفتوح يحضره الجميع. تعرض الأدلة فاما ان تثبت التهمة واما يبرأ المتهم.

اما في دولة العصر والتنمية دولة الاستهلاك للفكر والدين دولة غاب فيها الضمير وحضر عسكر الامير نجد ان أبسط مستلزمات العدالة قد غابت واندثرت فمهما تطور نظام القضاء ومهما سكب من الحبر علي تمجيده كنظام حضاري عصري لن تقتنع ام سعود انه سينصف ابنها المسجون. لم تلجأ ام سعود الي القضاء او انها قد لجأت؟ لقد وجدت نفسها علي الشبكة العنكبونية الولد غالي كانت ترددها بصوتها المتقطع ليتها قالت نظام أوغل في الغلو وتجاوز الحدود وتطاول علي الابرياء متسلحاً بآلة اعلامية غوغائية وعالم أصابه الطرش من كثرة تدفق الزيت الاسود في اذانه الصماء. لقد عزّ علي أم سعود سجن ابنها الانفرادي فصاحت الوحدة جنان وهي بالفعل جنون وعبث خاصة في يوم عيد يوم تضميد جراح العرب والمسلمين حسب خطاب العيد. جرح أم سعود لن يلتئم الا بمحكمة عادلة علنية ومحام ملتزم بالقضية يفكك طلاسم نظام التجاوزات علي العباد هذا النظام الذي تمرس في اهانة البشر وتشويه سمعتهم وتحطيم ارادتهم. ام سعود لا تنتظري مكرمة ملكية في عصر الوراثة الحالية او الانتخاب القادم فكلها اجراءات لترتيب البيت الحاكم وليس لاعادة ابنك الي بيتك. رأس الهرم مشغول بمستقبل احفاده وليس مصير احفادك. لقد أعياهم التكاثر حتي اصبح نقمة وليس نعمة من الخالق. هم السجناء وابنك الطليق هم المنكوبون بالكثرة وابنك المستأنس بالوحدة. هم المتهافتون علي المنصب والشهرة والقوة وابنك المتفرد بالموقف والعزة. ان طال سجنه فلأنه ربما لم يتب عن اثم لم يرتكبه وجرم لم ينغمس به. ان هزل جسده فلأنه طفح بالارادة التي تفتقدها الجثث الكبيرة والاواني الفارغة ذات الفرقعة العالية. لا تنتظري تضامناً من نساء الجزيرة فهن مشغولات بجمع تواقيع قيادة السيارة. وهي قضية العصر المستعصية علي شركات التويوتا و لكسس كما هي مستعصية علي سجان التراث وهو سجينه. لا تنتظري تضامناً من حماة حقوق الانسان وهم من استباحها. لا تتوقعي رواية جديدة من قصاصي الجزيرة فقد آثر هؤلاء التقوقع خلف خفايا الجسد وشهواته فسطروا الكلمات ونسجوا الحكايات التي تفضح المستور وتنبش المحظور الشخصي خوفاً من المواجهة العامة. لن تجدي ابنك في رواية جديدة بل ستجدينه في مرويات الاجيال القادمة وفي ذاكرتها الجمعية. لن تتحدث عن هذه المرويات شبكات الاعلام العالمية ولن تخصص لها حلقات تلفزيونية لأنها تتخذ ملاذا لها في الضمير الجمعي للأمة حيث تقبع خارج الارشيف الرسمي وملفاته المغبرة وغوغائية إعلامه النتن. ان غابت قضية ابنك عن وعي الامة فلأنها هاجرت الي فضاء فسيح حيث تقبع كنوز اللاوعي الخفية التي تتراكم وتتراكم حتي تنفجر في ليلة مضيئة عندها فقط ستراودهم في أحلامهم وتجعلهم يغرقون في عرقهم المتصبب عندها فقط تخرج الحقيقة الي العالم فيقف هؤلاء عند مفترق طرق ليس لهم الا خيارين اثنين اما انتحار جماعي او صحوة حقيقية من كابوس طويل.

ستستفيق أقلية صغيرة تجر خلفها الاكثرية الغافلة لتنهض بها من سبات طويل وكوابيس تقلقها ليلاً ونهاراً. ستنبش هذه الاقلية التراب المتراكم في مقبرة الاحياء وستعزل الجثث عن تلك التي مازال فيها نبض من الحياة. عندها فقط سيتذكر هؤلاء صوتك الخافت ونبرتك المحلية وبثك المتقطع العابر للفضاء الفسيح. لقد أسمعت صوتك للعالم وأنت المحلية في عصر العولمة. حملت رسالة بسيطة غير مدبجة بعبارات المديح والاطراء وغير مثقلة بممارسات اللف والدوران والمواربة. أرسلت رسالة الأمومة المفجوعة بظلم لم تروضه الشرائع السماوية ولم تهذبه المعاهدات الدولية بل استمد شرعيته من هذين المصدرين واستتر بهما حتي اصبح القاعدة وليس الشواذ. تذكري ان المتهم بريء حتي تثبت إدانته فهاتوا برهانكم ان كان لديكم برهان حتي يعرف العالم مصدر الارهاب.

ام سعود لست وحيدة في عالم اختلطت فيه المفاهيم وانقلبت المعايير. لك عبرة في امهات فلسطين والعراق وبالامس خرجت جارتك في القصيم تعترض فرغم اختلاف هوية الظالم الا ان الظلم شريعة واحدة وممارسة مماثلة وان تعددت الوان الايادي التي تمارسه. فهو يأتيكم من حيث تدرون وتعلمون. وربما من السهل تفهمه ان اتي من الغريب المحتل ويصعب قبوله ان اتي من ابناء جلدتنا. لا تنتظر الام رحمة المحتل ولكنها قد تصدم بظلم الغريب الذي نصب نفسه حامياً للعرض والارض. ستظل قضية السجن والتوقيف دون محاكمة انتهاكاً للانسان واستباحة لحقوقه. ومهما كتبت المجلدات في تحديث القضاء وتطويره سيظل هذا العمل التعسفي وصمة عار علي جبين النظام. دولة العدل لا تقوم الا علي مبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء.

ان فسد القضاء تلاشت العدالة وعمّ الغبن وانتهاك الحقوق. تعطيل هذا المبدأ الجوهري هو تعطيل للإنسانية وتأصيل لشريعة الغاب حيث القوي يأكل الضعيف ويستبيحه لسبب او بدون سبب. تأجيل هذا الملف في بلد كالسعودية هو دعوة الي مزيد من العنف تمارسه السلطة دون حسيب او رقيب ويذهب ضحيته الكثير من المظلومين الذين لا يجدون ملاذاً الا في الاعلام المضاد الذي فتح الباب علي مصراعيه واصبح ديوان المظالم العالمي الذي يفضح الظلم بالصوت والصورة. ولكن عملية الفضح هذه لها تبعات وتداعيات لن تقف عند انتشار الخبر بل ستعجل بمسيرة التغيير، والمطالبة به.

 ومع كل رسالة ومظلومية جديدة سيقتنع الكثير ان الوقت حان لعملية تستأصل منابع الظلم وتقتص من ممارسيه ومبرريه والقائمين عليه. لقد وصلت رسالة ام سعود للعالم وهي بلا شـــك قــــد جندت الكثير لمشروع التغيير الذي لم يعـــــد فلسفة اكاديمية وجدلاً عقيماً بل أصبح ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل او المماطلة. وهنيئـــاً لأم سعــــود بصـــوتها الذي فضح عــــورات السلطة بعد ان اتهموها انه هو العورة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك