المقالات

من هم "شر ما خلق"؟!

2476 2017-04-26

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

   في زمننا الرخو؛ ينبع الوعي من الذاكرة المشتتة، حيث لا أبعاد حقيقية للزمن، لأن لا قيمة له، مثلما لا قيمة لنا ولا لآمالنا، بعد أن فشلنا بمواكبة زمن الآخرين، ففاتنا الزمان كله، وصرنا في ذيل القائمة في كل شيء..فنحن نمتلك آخر جواز سفر مقبول في العالم..بقينا نعض الأصابع حتى بتنا بلا أصابع..

   في هذا الزمان الأغبر؛ زمن التهشيم، أحاول كل مرة أمسك بها مساحة العمود، أن أكتب عن زمن آخر لوطن آخر، زمن أشتهيه ووطن أتمناه.

   هو هذه الأرض التي نحن عليها الآن، والتي كان عليها أهلنا، ولكني هذه المرة؛ سأكتب عن الأرض التي سيكون عليها أبنائنا، في زمن ليس زمننا بل زمنهم هم.

   الوطن الآخر أو القادم؛ سيبنى في زمن ليس فيه بلهاء يتحكمون في رقابنا، ولا سفلة يقررون مصائرنا، زمن بلا قياصرة سياسة، يهربون من دواخلهم الخاوية؛ فيقمعون أمانينا.

   هناك في الزمن القادم، يكون وطن أبنائنا أو أحفادنا، وسنترك لهم أمانينا المقموعة، من قبل قياصرة سياسة زمننا، وسنورثهم ذاكرة الحزن وحزننا الدائم؛ ولافتات النعي السود على جدران أيامنا..

  أحزان أبنائنا وأحفادنا؛ في الزمن القادم  حيث الوطن القادم، ليست من سنخ أحزاننا المفتوحة على المجهول، بماضيه وحاضره، بليله ونهاره، بباطنه وظاهره، بنوره ودياجيره، لأن أبنائنا وأحفادنا سيحزنون لأحزان لا نعرفها، بل لا نتخيلها..

  في زمن أحفادنا، سيكون عسيرا عليهم، تصديق أن أجدادهم الذين هم نحن، كانوا يحبون رائحة الدم وشواء الأعضاء الآدمية، وأن منهم من يسوي مشكلاته مع مخالفيه، بأن يقطع شرايين رقابهم؛ كما تقطع شرايين رقاب الشياه..!

   في الزمن القادم، لا أحد يعرف معنى الخسارة والفوز، لأنهم جميعا منشغلين؛ بما هو أهم من هذين المعنيين، كما أنهم لن يسخطوا على شيء، لأن لا شيء في زمنهم يمكن أن يستحق السخط!

   أبناءنا وأحفادنا سيرجمون كل من يحدثهم عن الماضي، الذي هو زمننا وزمن الذين قبلنا، بل وعن كل أزمنة التاريخ، لأنهم أكثر وعيا منا، إذ أكتشفوا أن معظم مشكلاتنا، وما خلفته لنا من آلام وجراح وقيح، كان سببها التاريخ، بكل آثامه..

   أحفادنا سيلغون درس التـاريخ؛ من مدارسهم ومعاهدهم، وسيتحول المؤرخون الى منظفين لقاعات درس الرياضيات، وستهدم المتاحف؛ لتبنى بدلا عنها قاعات تزلج على الجليد.

  سيبنون فوق ركام بابل؛ مدينة من "زرق ورق"، وسومر ستتحول الى بحيرات عملاقة، يربون فيها أسماك الكارب، وآشور ستتم تسوية أرضها لتُزرع قمحا.. 

   كلام قبل السلام: في الزمن القادم؛ إذا ذكَّر أحد أحفادنا بنا، سيرددون فورا: "قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق"!..

 

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
اخوكم اسو
2017-04-27
والله يا اخى انا ايضا ابحث واحلم بوطن للكورد فيه تتحقق الامانى والامان والمحبة وحسن الجوار ، وطن تشعر فيه ابناءنا بالحرية والعيش الكريم واحترام الانسان ، فكما حلال عليك وطن حلال علينا ايضا ، وكما تحلمون بوطن ونحن ايضا نحلم بوطن ، ودولة المواطنة والكل متساوون امام القانون فهى كذبة كبيرة لا تتحقق الاعلى كواكب اخرى ، اما الادعاء بان استقلال الكرد تؤدى الى كوارث فما هى الا وسيلة الدول المستبدة للاستمرار في استبدادها ، ولانها هى من تريد الكوارث وتتمناها ، فعلى ارض الواقع المنطقة مقسمة والكلام والتمنيات تختلف عن الوقع ، بعدين يا اخى هو الاستقلال تعنى التحرر وليست الانفصال بالمعنى الجغرافى او الاجتماعي ، فنحن كلنا اخوة بشرية وجيران وطيبين وتبقى العلاقات والحدود مفتوحة للتنقل والتجارة والزواج وتبادل الثقافات وحسن الحوار والمحبة الانسانية واحترام الاخر المختلف والمذاهب ، والله ولى التوفيق، وانا متأكد العراقيين بعمق حضارتهم وثقافتهم هم اول شعوب المنطقة يعترف باستقلال الكرد دون مشاكل او عنف ، اما الترك والفرس فهم امتداد لغرور الامبراطوريات العسكرية والاستبدادية ، وتنقصهم العمق الحضارى والثقافي والطيبة العشائرية الموجودة في العراق، فالاتراك مثلا ، عنصريين واغبياء وهمج لا تهمهم لا دين ولا بشر سوى غرورهم وغطرستهم ،
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك