شاهدنا في الجمهورية الاسلامية المشاركة المليونية الواسعة، بذكرى انتصار الثورة الاسلامية المباركة. وبالطبع رفعت شعارات الموت لامريكا، الموت لاسرائيل.. وهذه شعارات لا تخلو منها فعاليات ايرانية كثيرة.. تماماً كما لا تخلو فعاليات امريكية من شعارات العداء لايران. الملفت للنظر رفع مجموعات صغيرة شعارات "شكراً للشعب الامريكي، لمساندته المسلمين". وسبب ذلك المظاهرات الضخمة التي خرجت في امريكا ضد منع السفر، ورفعها شعارات ضد التمييز و"كلنا مسلمون":
1- نعم شكراً للشعب الامريكي على وعيه، فهناك دائماً بين الشعوب والمسؤولين من يعي القضايا بشكل صحيح. وهذا يصح عليهم وعلينا. ودون تشخيص ذلك فسيرتكب الاخرون، كما سنرتكب، اخطاء بحق انفسنا والاخر.
2- جاء قرار محكمة "سان فرانسيسكو" بالاجماع، بان الادارة لم تقدم دليلاً على تورط مواطني هذه الدول المسافرين لامريكا بتهديد للامن.. مما لا يترك للرئيس فرصة، سوى الذهاب للمحكمة العليا. ويرى كثيرون صعوبة حصوله على موافقة 5 قضاة، فالليبراليون 4 والمحافظون 4.
3- الاتصال بين الرئيس "ترامب" والسيد رئيس الوزراء العبادي امر ملفت وواعد. لكن عندما يؤكد الرئيس "ترامب" تحالف بلاده مع العراق ضد "داعش"، ودعوة السيد العبادي لزيارة واشنطن، فهذا تناقض مع قرار منع السفر. علماً انه بين الدول السبع، وكثير غيرها، فان العراق هو البلد الوحيد المفتوحة خطوطه للمسؤولين والمواطنين بالاتجاهين. بل يرتبط كبار المسؤولين العراقيين ومسؤولي الادارة بدائرة مغلقة مباشرة طالما تستخدم بالصورة والصوت بشكل جماعي وليس فردي فقط.
4- يقولون ان السبب هو النشاطات الارهابية الواسعة داخل هذه البلدان.. فلماذا لم تدرج افغانستان ونيجيريا ومصر والسعودية وتركيا والباكستان وروسيا والمغرب وتونس وفرنسا والمانيا، الخ. فالمعلوم ان حوالي نصف دول العالم فيها نشاطات وخلايا ارهابية وترسل مئات والاف الارهابيين لساحات القتال؟ ومرة يجيبون بان مصر والسعودية لم تدرج لانها بلدان مؤثرة، فما معنى مؤثرة؟ فاذا كان المال هو المعيار، فاحتياطات العراق وخزينته في امريكا، وتحول اليها شهرياً مليارات الدولارات من واردات النفط العراقي.. وتعمل لدينا شركات امريكية عملاقة من بينها "اكسون موبل" النفطية التي كان يرأسها "ريك تيلرسون" وزير الخارجية الحالي، وهو اداري كفوء ورجل يحمل عقلية محترمة، وقد التقيناه مراراً. واذا كان المعيار الدور والموقع والتأثيرات الخارجية، فالعراق وايران لا يقلان في اهميتهما عن غيرهما. ومرة يقولون بان البلدان السبع لا تعطي معلومات كافية لدوائر الهجرة؟ ولا ندري ماذا فعلت "الادارة المدنية" للسفير بريمر، والقوات الامريكية في فترة الاحتلال، والتي كانت تمسك منافذ العراق، وطبعت جوازاته الاولى لحوالي عقد من الزمن؟ او ماذا يعمل التنسيق الاستخباراتي والاداري العالي المستوى بين البلدين.. والا ما سبب تواجد سفارات وقنصليات البلدين لدى بعضهما بهذه الضخامة من حيث العدد والمهام؟ وهل هناك تعاون وتنسيق اكثر مع كوبا وكوريا الشمالية، وفنزويلا والعديد من البلدان الافريقية والاسيوية؟
5- اذا كانت الهجرة سبب المنع، فالمهاجرون من اوروبا والدول الاخرى عشرات اضعاف مهاجري البلدان السبع. واذا كان الامن، فان معظم منفذي 11/9/2001 وقبلها، كانوا من بلدان اخرى. اما بعدها، فمن 64 عملية "ارهابية"، قام الامريكان البيض وجنسيات اخرى بـ 34 لدوافع مختلفة، و30 منها قام بها امريكان او مقيمون بدوافع "جهادية/سلفية"، اغلب منفذيها من غير البلدان السبع. هذا وتتضمن القائمة الامريكية للمنظمات الارهابية، منظمات من، تركيا وباكستان وافغانستان وروسيا ونيجيريا، الخ. ومن بين اخطر 10 ارهابيين مطلوبين لامريكا يوجد مصري (الظواهري) ويمني (الوحشي)، وسعودي (الاسيري) وصومالي (كودان) وجزائري (بالمختار) وسوري (الجولاني) وعراقي (البغدادي، كان معتقلاً في سجن بوكو واطلق الامريكان سراحه) وافغاني (حقاني) ونيجيري (شيخو) وشيشاني (عمروف).
هناك ارتباك في المعايير وتسرع في الاجراءات. اذ ادرجت اسماء الدول السبع بالاشارة لقرار سابق يتعلق بمزدوجي الجنسية الامريكية لهذه البلدان. وبسبب الارتباك والتخبط، قد يخسر "ترامب" المعركة القضائية، لكنه يبدو مصمماً للمضي قدماً. فاذا خسر القضاء، فقد يذهب لتعديلات تسمح بتمريره.
عادل عبد المهدي
https://telegram.me/buratha