المقالات

هل ستلتحق التسوية بمقبرة الندم؟!‏

2253 2017-01-06

محمد الحسن

‏       الإعلام زاحم ثالوث السلطات, وصار سلطة رابعة, متنازلاً عن مهمته الكبرى: التوعية وصولاً ‏لمجتمع متصالح مع ذاته ومع الحياة. لا نعني بالإعلام كمهنة وعلم؛ إنما إستخدمت سلطته من قبل ‏العصابات المهذّبة فحوّلته إلى سلطة متمرّسة في الإبتزاز وصناعة رأي عام يتقاطع مع الصالح العام. ‏

أطوار بناء المجتمع السليم الملتئم في كيان -دولة- تتعرّض للجمود في ظل تخلّف العقل الجمعي الذي ‏تستثيره الخرافة والغيب, فيسلّم بالمأساة على أنها قدر حتمي الوقوع لابدّ من المكوث به دون عمل.. وليس ‏هناك أفضل من هذه البيئة لتمرير مشاريع العصابات المهذّبة. تبدو تلك العصابات ممثّلة لرغبات الناس ‏ومصالحها, وما تلك الرغبات سوى أوهام بُنيت في رأس المجتمع, فيستقتل في الدفاع عنها. ‏

في ذلك الطور البدائي المرتكز على الهوى الممزوج بالسذاجة؛ يتكلّف أغلب الرجال في إظهار البراءة من ‏أي شيء غريب, وقلة تظهر فيها ملكة الشجاعة جلية عندما تعمل بوحي من الصالح العام, وغريب أنّ ‏المجافين للحق العقلي والمنطق المصلحي الإنساني, رغم إدراكهم لإوهام العقل الجمعي, يتنطّعون في إظهار ‏موالاتهم للرأي العام المبني على الوهم, مهما كان منافياً للصالح العام! لا شكّ في وجود التنافس والحقد في ‏الأوساط الدينية والسياسية والإجتماعية, بيد أنّ المصلحة الإنسانية تدفع ببعض العقول إلى إبتكار الحلول ‏المكرّسة لخدمة تلك القضية.. وربما الرحلة الأوربية المثيرة تصلح للمقارنة, عندما تخلّصت من المبالغة في ‏المقولات الفلسفية المفسّرة للكون والوجود, وركّزت على الإنسان كموجود ومصلحته بإعتباره قيمة عليا ‏تمثّل مركز الوجود؛ فظهرت المذاهب الحديثة والمعاصر: ماركسية, وجودية, براغماتيمة..إلخ. ‏

يذكر جواهر لال نهرو في كتابه "لمحات من تاريخ العالم" قصة خروج موسكو الشيوعية من الحرب ‏العالمية الأولى التي ورثتها من بطرسبرغ عاصمة الإمبراطورية الروسية, حيث شرط الألمان على ليون ‏تروتسكي -خطيب الثورة المفوّه- دخول قاعة المفاوضات بالبدلة الرسمية عوضاً عن العمالية التي ترمز ‏لأهم مبادئ الشيوعية, فأتصل تروتسكي بزعيم السوفيت فلاديمر لينين يستأذنه العودة, فأجابه الأخير:"لو ‏طلب منك الألمان الدخول بالشلحة النسائية فلا تتردد, مستقبل روسيا بين يديك".. خرج الروس من الحرب ‏بتأجيل أحد مبادئهم, إلا أنهم رفعوا الراية الحمراء فوق الرايخ بعد عقدين ونصف من الزمن, وبقيت حتى ‏سقوط جدار برلين بعد خمسة عقود.. هل أمتاز غيرنا بالعقليات الفذّة بينما عجزت أرضنا عن إنجابها؟!‏

لنتذكّر: اللجان الشعبية, الفيدرالية, أنبارنا الصامدة.. كلها حلول غريبة رفضت على أنّها مشاريع عمالة, ثم ‏صارت مطالب شعبية دون ندم على الرفض الأول. تلك بعض تجاربنا المؤلمة, واليوم هناك أمل بعبور هذا ‏الطور المزعج؛ فهل سيوضع ملف التسوية على ذات الأدراج المترّبة؟.. لن يكون الغبار عادياً هذه المرة؛ ‏إنما هو غبار تحمله السماء من تطاير بقايا تراب الوطن الذكرى!..‏

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك