( بقلم : أحمد رضا المؤمن )
لم يتصور أحد ما قبل عشر سنوات مثلاً أن تتحول خدمة شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) إلى ساحة للمعارك بين الدول والأنظمة السياسية والأحزاب وغيرها من المنظمات والمؤسسات وحتى الشركات فضلاً عن تحول هذه الخدمة الرائعة إلى وسيلة وساحة للمعارك الإلكترونية الطائفية والمذهبية المقيتة .. سعار الطائفية الذي أخذ بالإنتشار بعد الإحتلال الأمريكي للعراق ومن ثم الإنفجار بشكل مُرعب يُهدّد هويّة منطقة الشرق الأوسط بكاملها بدأ بعد تفجير قبة مرقد الإمامين العسكريين "ع" في مدينة سامراء شمال بغداد مطلع عام 2006م .
إنتشرت مظاهر الصدام الطائفي وعلى أتفه الأسباب تغذيه أجهزة مُخابرات عالمية ودولية لها مصالح إستتراتيجية في مُقدمتها الموساد والسي آي أي وغيرها بهدف إضعاف القوى الشعبية في دول المنطقة للحيلولة دون توحدها تجاه ما يتعلق بمصير الأمة والمنطقة ومصالحها العليا التي تقتضي التوحد والتخطيط للمستقبل .وقد إتخذت الصدامات كما نعرف أساليب قذرة مثل التهجير الطائفي والقتل على الهوية والإعتداء على دور العبادة وإغتيال رموز الطوائف .. إلخ .
أما اليوم فقد ظهرت أساليب جديدة مُلفتة للإنتباه دخلت ضمن قائمة أساليب الحروب الطائفية والتي لا تخلو من القرصنة والسرقة ، بإعتبارها إعتداءً على الحق الفكري والثقافي للأطراف الأخرى بغض النظر عن كون المضمون صائباً أم خاطئاً . ونجد هذا الإسلوب من الحرب على المواقع الإلكترونية والعمل على تدميرها جلياً بين المواقع الشيعية والتكفيرية .
فمع حادثة تفجير قبة مرقد الإمامين العسكريين "ع" وتزايد أعمال العنف الطائفية التي تغذيها المخابرات العالمية وبالخصوص الموساد والسي آي أي بدأت مجاميع واسعة من الهاكارز الذين ينتمون إلى التيارات التكفيرية وأغلبهم من السعودية بالقيام بهجوم واسع على المواقع الإلكترونية التابعة للمسلمين الشيعة وخصوصاً تلك التي ترتبط بالمرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى السيّد علي السيستاني والأحزاب القريبة منه في العراق ، بل حتى الغير عراقية كما حصل مع موقع الشيخ حسن الصفار في السعودية والذي تم إختراقه وتدميره قبل أن يتمكن القائمين عليه من إعادته للعمل مرة أخرى . حيث تقوم بإختراق المواقع وتدميرها ومن ثم نشر رسائل مليئة بالشتائم والتهديدات ضد القائمين على الموقع ومراجع الشيعة ووصفهم بالروافض وأبناء المتعة والعملاء وو ... بل وصل الأمر إلى تدمير عناوين البريد الإلكتروني التابع للشخصيات البارزة للفئة المستهدفة وبالتالي الإضرار بعناوين أصدقاءه وذوي العلاقة به ..
من هُم الهاكارز ؟؟الهاكارز أو القراصنة هُم مجموعة من الهواة الذين يُتقنون عملية التجسس أو إختراق أو إتلاف وتدمير مواقع وعناوين ومعلومات وبرامج الآخرين وهُم مُنتشرين في جميع أنحاء العالم وليس لديهم دافع واحد فقد يكون الدافع لعملهم سياسية أو حزبي أو طائفي أو مؤسساتي أو شخصي أو حتى جنوني ..!!
أما في الدول العربية فقد إنتشرت مجموعات من هؤلاء الهاكارز الهواة أوجدوا لأنفسهم دوافع طائفية تحركهم فيها أجهزة مُخابرات خفية للعمل على شن حرب طائفية ضد المواقع الشيعية في جميع أنحاء العالم .ففي حُزيران الماضي قامت مجموعة من الهكارز بإختراق موقع ( كفيل ) الخاص بالعتبة العباسية المقدسة في كربلاء بالعراق ومن ثم تدمير الموقع ونشر رسالة مليئة بالشتائم والأوصاف الشائنة ضد العاملين في الموقع ورموز الشيعة من مراجع وقادة وقي الأمر على هذه الحال أشهراً قبل أن يتم إصلاحه وإعادته للعمل على رابط جديد آخر .
وفي بداية العام 2006 قامت مجموعة من الهاكارز السعودي الموجود في مدينة الرياض بإختراق موقع الشيخ حسن الصفار وهو من الشخصيات الشيعية البارزة في السعودية مما دفع القائمين على الموقع إلى رفع دعوى قضائية ضد مجموعات الهاكارز هذه .
بعضها هذه الجماعات أطلق على نفسه ( كتائب الأسود ) و( قروب XP ) و( جيش أنصار السنة ) وو ..وفي العام 2005 قامت مجموعة تابعة لما يُسمى ( جيش أنصار السنة ) بتهديد موقع شبكة كربلاء للأنباء وتوعّدهم بكُل أصناف التهديد . وبالنسبة لجماعة ( قرّوب XP ) فإنها قامت بالتهديد علناً بتدمير جميع المواقع الشيعية ، وفعلاً فقد شنت هجوماً واسعاً أدى إلى إتلاف وتدمير السيرفر التابع للسيد السيستاني والمواقع التابعة لهُ ومنها موقع ( عالم إبادة الشيعة ) ممّا أدى إلى إتلاف أكثر من 120 موقع يستضيفه هذه السيرفر .
وبعد أن قامت مجموعة مواقع شيعية برفع دعوى على هذه المجموعة بالذات بعد أن تمكنوا من معرفة الـ( IP ) الخاص بكبير هذه المجموعة والقائد والموجّه لهُم ويُدعى ( نواف الغامدي ) من العاصمة السعودية الرياض تم إلقاء القبض عليه من قبل السُلطات السعودية والتحقيق معهُ ليعترف على باقي أفراد مجموعته المشاركة بالهجوم على المواقع الشيعية وظهر أنهُم من حديثي السن الهواة المراهقين ويبلغ عددهُم ( 17 ) فرداً مُنتشرين في مجموعة دول منها ( الكويت والسعودية والمغرب ومصر .. ) والتي تلتقي فيما بينها عبر مُنتديات خاصة بهم يخططون من خلالها شن الهجمات ضد المواقع الإلكترونية الشيعية .
فيما قامت مجموعة ( كتائب الأسود ) بتدمير شبكة النجف الأشرف بعد تهديدها عبر رسائل مليئة بالشتائم كتبها شخص لقب نفسهُ ( أبو عائشة ) تماماً كما حصل مع بقية المواقع . ويبدو أننا أمام ظاهرة أو شكل جديد من أشكال المواجهات الطائفية والعدائية يتمثل بالحرب الإلكترونية من خلال تدمير كل طرف مواقع وعناوين ومصالح الطرف الآخر على شبكة الإنترنت .. ويبقى السؤال الأهم هل أن هذه الظاهرة تمثل وجهاً من أوجه التطور التكنولوجي والعلمي أم أنه تراجع إلى الوراء عندما نشهد تسخير القدرات العلمية بين أجيالنا في عملية تدمير نفسها بدل حمايتها !!
https://telegram.me/buratha