كتبت بالامس عن السياحة ومن جملتها السياحة الدينية. وبمناسبة اربعينية الحسين عليه السلام اشرت –من جملة امور- بان اكثر من ٢ مليون سمة قد منحت للزوار الايرانيين برسم قدره ٤٠ دولاراً للسمة. وان الغاء السمة من شأنه تحريك وتنفيع اقتصادنا.. وافترضت ان الزائر ينفق ٢٥٠ دولاراً. وكنت اتوقع ردود الافعال، فذكرت ان هذه "فرضية فيها جدال". حيث استلم في "الفيسبوك" و"التويتر" و"الكروبات" و"الايميل" والصحافة عدداً كبيراً من التعليقات المؤيدة والمعارضة.
وحول موضوعنا، اخترت واحداً يلخص حزمة من الملاحظات المحترمة: يقول السيد "احمد العيساوي، مع اعتذاري له لحذفي مقاطع للاختصار دون المس بالنص والمعنى: "سيدنا العزيز حسابات الحقل غير حسابات البيدر. ٩٠٪ من الايرانيين ينامون داخل المواكب والبقية داخل بيوت كربلاء. اذن قطاع الفنادق لا يستفيد.. وقطاع المطاعم، يكون الاكل مجانياً ويتم توزيعه عن طريق المواكب.. وقطاع النقل، يأتي اغلب الزائرين مشياً ولا تكلفهم سوى الاياب. اما الصناعات فلله الحمد نحن لا نصنع اي شيء بل سيزداد الاستيراد من ايران وتركيا والصين، وبالمحصلة خروج الدولار، ناهيك عن تهالك البنية التحتية لكربلاء لاستقبالها الملايين. السياحة صناعة وقطاع مهم ولكن كحال بقية الصناعات معطلة". وهذا توضيحي الموجز لاخي الكريم:
1- اقتصادياً، ليس الاهم ان ينفق الزائر او ان يُنفق عليه.. الاهم ان هذا هو مستوى الانفاق المقدر سواء تحمله الزائر او غيره، من مصادر داخلية او خارجية. اذن لدينا حجم انفاق مرتفع تتحرك معه مصالح عديدة، ويعود بالفائدة للجميع. فالعراق والعراقيون ينفقون كثيراً على الزيارات.. وهذا امر مفرح على كافة الصعد، ومنها الاقتصادية. وقيل "كنز الاموال في تفريقها (انفاقها)".. بكلمات اخرى الاموال تنمو بالصرف والانفاق وليس بالحبس والاكتناز. بالمقابل، يجب ان لا ننسى دور المتبرعين والمحسنين الاجانب (ومنهم الايرانيين).
2- اظهرت دراسة: (١) ان ابسط زائر لا يترك بلاده دون ان يحمل اكثر من ٢٥٠ دولاراً، وفي اسوء الاحوال اقل من ذلك بقليل..
(٢) بسبب الزيارة، يرتفع الدولار (عادة ٣٥٥٠ تومان) بـ٥٠ الى ٢٠٠ تومان للدولار.. وهو الان ٣٧٠٠ تومان، ويزداد مع اقتراب الزيارة..
(٣) يتضاعف سعر بطاقة الطائرات الايرانية ٣ اضعاف، وتتضاعف فائدة المكاتب العراقية.. والباصات الى الحدود ٥ اضعاف والخصوصي ٣ اضعاف، وترتفع الاجرة داخل العراق..
(٤) وسعر الفنادق في كربلاء ١٠ اضعاف، ليصل اضعاف ذلك جوار الحرمين. وفي النجف ٥ اضعاف ليصل الى ١٠ اضعاف قرب الحرم.. و٩٠٪ من الزبائن من الايرانيين..
(٥) يتضاعف سعر الاقمشة والملابس في موسم الاربعين، عن موسم العاشر، عدة اضعاف، ومعظم الزبائن من الايرانيين، وليس العراقيين
(٦) يبيع بائعو الترب الحسينية والسبح والصور وكتب الادعية، الخ، عشرات الاطنان خلال الموسم، وحصة الاسد للايرانيين..
(٧) يرتفع ايجار "الستوتة" ١٠٪. وقس على ذلك. وبعيداً عن اي تعصب، فان الزوار الايرانيين للسيدة زينب (ع)، والحجاج لمكة المكرمة، كانوا موضع انتظار التجار والاسواق السورية والسعودية، رغم كل شيء.
3- ان الانفاق بدون انتاج وطني سيشجع الاستيراد.. وهذه ملاحظة صحيحة.. لكن هذا الانفاق يعني وجود "طلب فعلي"، وهذا شرط للانتاج والاستثمار.. مما يمهد ارضية ممتازة لتحريك الاقتصاد الوطني، لو غيرت الدولة اولوياتها، ومنحت المصالح والنشاطات الخدمية والانتاجية التسهيلات والسماحات اللازمة، فلا ينحصر تفكيرها بالحصول على العملة الاجنبية وتعظيم موارد الخزينة. بهذا فقط نستطيع قلب معادلة الاستيراد لمصلحة الانتاج وتعظيم الموارد الوطنية. وان ارتفاع الاسعار في فترة الزيارات -وفي كل القطاعات- خصوصاً في المحافظات المستقبلة، هو دخل اضافي للعراقي، يتحمله الاجنبي، لان كلف الاستيرادات تكون قد سددت اساساً.
4- تهالك البنية التحتية سببه القدم والاهمال، وليس الزيارات اساساً.. بل قادت الاستعداد للزيارات لتحسينات مهمة، ولو دون المستوى بكثير.
وفي ٢٠٠٤، اشتكت العتبات عندما كنت وزيراً للمالية، بضعف مالياتها، بسبب قلة الزوار وتراجع الحقوق والنذور. ومع توسع الزيارات، نشهد اليوم، والحمد لله، انجازات العتبات الكبيرة، بعيداً عن موازنة الدولة. أليس هذا مثالاً؟ (للبحث صلة)
عادل عبد المهدي
https://telegram.me/buratha