( بقلم : ناصر الفرطوسي )
خلال تواجدي في عاصمة جمهورية التشيك براغ حضرة المهرجان الأول للجواهري الذي أقامه مركز ألجواهري في براغ قبل أكثر من أسبوعين برعاية السفارة العراقية ووزارة الثقافة التشيكية وكان المهرجان بمناسبة مرور عشرة أعوام على رحيل الشاعر الكبير محمد مهدي ألجواهري ... في اليوم الأول من المهرجان كانت احتفالية أدبية وشعرية أقيمت في إحدى المسارح الكبيرة داخل العاصمة براغ حضرها عدد كبير من أبناء الجالية العراقية وعدد لا باس به من التشيكين المثقفين والأدباء وغيرهم وكان من بين التشيكين بعض المستشرقين. من المدعوين أيضا لهذا المهرجان بعض السفراء العرب اذكر منهم سفير دولة الكويت وسفيرة مصر وسفير تونس وبالطبع السفير العراقي السيد ضياء الدباس كان أول الحاضرين والمهتمين بهذا المهرجان الكبير .
ابتدأ المهرجان بقصيدة شعر للراحل ألجواهري عرضت بالصوت والصورة وكانت من أرشيف مركز ألجواهري . وتخلل الحفل بعض الكلمات للحاضرين وأول من تحدث سفير العراق في العاصمة براغ وبعده تحدث السيد رواء الجصاني رئيس مؤسسة بابيلون ,ثم تحدث بعض المستشرقين التشيكين باللغة العربية عن ألجواهري ومنهم من قرأ قصائد لشاعر العراق باللغة العربية والتشيكية , واحدهم تحدث عن حياة الشاعر ومدى التأثير الذي تركه على الأدب التشيكي وعن أهم القصائد الذي كتبها ألجواهري عن جمال العاصمة براغ وأهلها ..... كنا في حالة فخر كبير واعتزاز لا يوصف ونحن نسمع من هؤلاء الأدباء والكتاب المستشرقين وهم يسردون حياة شاعرنا ........ ولكن أمام هذا الفخر والاعتزاز انتابنا الحزن وخيبة الأمل لان هؤلاء الذين نقول عنهم كفرة يتذكرون الراحل ألجواهري الذي عاش في عاصمتهم براغ كضيف مكرم ومعزز مدة ثلاثون عاما من العطاء وهم يعترفون إنهم اخذوا من أدبه وشعره الكثير فكان حديثهم عبارة عن مدح وثناء لهذا الرجل العراقي العظيم .... وبالمقابل دولنا العربية وإعلامها ومهرجاناتهم الثقافية والأدبية لم تذكر هذا الشاعر حتى في برنامج واحد يسلط الضوء على شعره وأدبه ... انه لحزن وألم على امتنا العربية وهي لا تفتخر بعظيم من عظماء الأدب والثقافة , ودولة مثل جمهورية التشيك تفتخر لأنها احتضنت ألجواهري لسنين طويلة , ولكن نعلم جيدا لماذا لم يذكر عند العرب شاعرنا ألجواهري فاترك الإجابة للإخوة القراء .
في اليوم الثاني من تواجدي في العاصمة براغ وهو اليوم الثاني للمهرجان , سمعنا إن احد أطفال العراق يعالج في مستشفى تخصصي للأطفال , ذهبت والتقيت بالطفل العراقي واسمه على حسن جعفر من أهالي بغداد وهو في السنة السابعة من العمر , هذا الطفل يعاني من مرض غريب لم يستطع الأطباء تشخيصه ومعرفة أسبابه لحد ألان ولكن الطبيب المشرف على حالته وهو السيد ( بليكان ) ومساعدته السيدة ( فيشوونا) ذكروا إن الطفل يعاني من مرض تكسر كريات الدم الحمراء ولا تزال الفحوصات تجرى له لمعرفة المرض بشكل صحيح , وأيضا ذكروا إن حالة الطفل علي في تحسن مستمر إلا في بعض الحالات تتدهور وبدون أن يعرفوا سبب التدهور لهذه الحالة . قد شاهدنا الطفل وهو في حالة جيدة ويلعب ويمارس هواياته داخل الغرفة المخصصة له .
الطبيب المشرف على الطفل علي تحدث لنا وذكر إن هذه المستشفى عالجت أكثر من خمسين طفلا عراقيا كان اغلبهم يعانون من أمراض القلب , وكانت تكلفت علاجهم وسفرهم وسكنهم وغيرها على حساب الدولة التشيكية , وجميعنا يعلم إن هذه الدولة هي من دول أوربا الشرقية بمعنى إنها تعتبر من الدول التي تعاني من وضع اقتصادي ليس بالمستوى الجيد مقارنة بباقي دول أوربا ومع ذلك فهي تساعد العراق وشعبه بكل ما تستطيع ولها أيضا مستشفى ميداني في مدينة البصرة يقوم بإعطاء العلاج وإجراء العمليات لأبناء العراق وهذه المستشفى هي بإشراف الجيش التشيكي , والطفل على أرسل من قبل هذه المستشفى المتواجدة في مدينة البصرة إلى العاصمة براغ لأجل علاجه وإعادته إلى العراق .... أثناء حديثنا مع الأطباء رأينا السعادة والسرور وهم يعالجون أطفالنا , وتأثرت شخصيا بكلام الطبيب المشرف على حالة علي عندما قال لنا ( أتمنى أن تتوحدوا كشعب وتتحابوا وتزرعوا السلام والأمان في بلدكم , ليس لأجل الكبار ولكن لأجل هؤلاء الأطفال الأبرياء .... ) كانت هذه رسالته قالها لكل العراقيين ولكن بلغة غير سياسية بل بلغة إنسانية صادقة وهو يصر ويقول انأ لا اعلم بأمور السياسة شيء ولا يهمني ذلك ولكن اعتبروا كلماتي هذه من إنسان عالج الكثير من أطفال العراق ولولا الوضع الذي تعيشونه لما أتى لنا طفل عراقي كي يعالج في دولتنا , وانتم دولة غنية وبإمكانكم إنشاء أفضل المستشفيات وتجهيزها بأحسن الأجهزة الطبية المتطورة ....... وهنا ومن خلال حديث الطبيب المشرف تذكرت وأنا اسأل نفسي كيف لنا أن نبني المستشفيات والمراكز الصحية ونقيم بنية تحتية متينة وهناك من يرسل لنا العربان كي تدمرها وتحرقها وتحرم الشعب العراقي منها ... وفوقها تقتل الإنسان البريء ولاسيما الأطفال الذين يسقطون ضحية مفخخات الإخوة العرب . كيف نبني والكثير من الجمعيات التي تسمي نفسها بالخيرية وباسم الإسلام ترسل الأموال إلى زعماء الإرهابيين في العراق بعد أن جمعت هذه الأموال باسم الزكاة ومساعدة المجاهدين وهي تعلم مسبقا إن هذه الأموال سوف تتحول إلى رصاص ومتفجرات كي تقتل العراقي باسم الدين ... والله لقد شوهتم اسم الدين الحنيف وجعلتم من المسلم في دول العالم ينظر إليه وهو عبارة عن مفخخ وقاتل وإرهابي لعنكم الله ولعن من أفتى لكم بإرسال هذه الأموال والبهائم المفخخة .... فأي فرق نراه بين من يقولون عنهم كفرة ويستحقون القتل وقطع الرؤوس وبينكم وانتم تقتلون الناس باسم الدين الإسلامي ... فالكفرة يعالجون ضحاياكم ونتائج أفعالكم الدنيئة ... فتردون عليهم وتصفونهم بالكفار والمستحقين للموت ...
لنسأل الدول العربية وأنظمتها الخاوية هل دعوتم يوما من الأيام لمساعدة أطفال العراق وإعطاء العلاج والعناية للذين يحتاجونه وانتم دائما تتباكون على العراق وعروبته ووحدة أراضيه , فالذي يسمعكم يستغرب من هذا النفاق , فإذا كنتم حقا حريصون على العراق ووحدته وتماسكه عليكم أن تمنعوا حثالتكم الذين يعبرون الحدود وانتم من تساعدونهم كي يذهبوا إلى العراق ويحولوا أجساد الأبرياء إلى أشلاء متناثرة في الطرقات والساحات العامة ....نحن نقولها وبصراحة لا نريد منكم أن تعطوا لمرضانا حبة من الأسبرين بل كفوا عن قتلنا وذبحنا وعدم التدخل في شؤوننا , وكما نقول في المثل المشهور ( اكفونا شركم وما نريد خيركم ) .....ولهذا ومن واجبنا أن نشكر هذه الدولة الأوربية الكافرة على مساعدتنا واستقبالهم لأطفالنا وعلى حسابهم الخاص ..... ونقول لكم يا من تدعون أنكم عربا ومسلمين لا بارك الله فيكم وانتم تحللون قتلنا وتصفوننا بالكفرة والمرتدين والصفويين وغيرها من التسميات التي ألصقتموها بشعب العراق من شماله إلى جنوبه وأصبحنا نقسم ونصنف على حسب مزاج الأعراب .سوف يبقى العراق عزيز بأهله وأصدقائه الخيريين ولا نريد منكم شيئا سوى رفع أيديكم الخبيثة عنا , ولابد أن يأتي اليوم الذي يقول الشعب العراقي كلمته فيكم ......
https://telegram.me/buratha