( بقلم : حسن حاتم المذكور )
ان محاولات تمزيق وحرق الهويـة الوطنيـة التاريخية لشعوب ومكونات ما بين وعلى ضفاف النهريـن’ وفرض بدائلهـا على امتداد مئآت السنين ’ الى الحـد الذي اصح فيـة احفاد السومريين والبابليين موال واعاجـم وشعوبيين قادمون مـن بلاد الهند او من اصقاع بعيـدة اخرى ’ واصبح كذلك اشقائهـم في القدم والتكوين والبناء المشترك كالمسيحيين والكرد الفيلية بين جالية وعشـائر وشعب كردستان عليهم ان يبحثوا لهم عن اصول في الجانب الآخر مـن جغرافيتهـم ’ والصابئي المندائي والأيزيدي واليهودي الا بقايـا كفـر غريبـة على الجسد العروبـي الأسلامـي ويجب ابادتهم او اجتثاثهم فـي افضل الحالات ’ لكـن وفـي جميــع الأحوال ورغـم الأنتكاسات والهزائم استطاعت تلك الهوية التاريخية ان تواكح وتراوغ لتحتفظ فـي عناصرها وملامح خصوصيتهـا وجذورهـا راسخـة فـي وعـي ووجـدان وضميــر الأمـة العراقيـة واستطاعت فـي حلات عـديدة ان تمتتص الثقافات والحضارات واللغـات الوافدة وهضمهـا وتمثيلهـا داخـل ثقافاتهـا وحضاراتهـا العريقــة .
اخـر جرائـم محاولات اجتثاث الهويـة العراقيـة ’ ابتداءت وبمنتهـى البشاعـة والهمجيـة مـع التسلط البعثـي العروبي على مقدرات ومصيـر الشعب العراقي ’ حيث ارتكبت وبدعـم مـن المحيط العروبـي الأسلامـي وبمباركـة او تجاهـل اطراف اقليميـة ودوليـة ’ مجـازر الأبادات والتصفيات الجماعيـة للمكونات التاريخيـة والحضاريـة للعـراق ’ رافقتهـا همجيتة التهجيـر والأجتثاث والأنفلة وهستيريا التعريب والأسلمة وبدوافع عنصرية وطائفية مذهبية لا ترحم .
تواصلت تلك الجريمـة بدهـاءً وعنف وحسم خاصـة بعـد الأحتلال الأمريكي للعراق فـي 09 / نيسان / 2003 ’ فكانت مـن اللؤم والدناءة ’ استطاعت ان تعطيهـا طابعـاً محليـاً وجماهيرياً عبر اشراك المتضرريـن منهـا جهلاً مـن اهـل العراق .
لـم يكن الأحتلال الأمريكي للعراق بدوافع مخلصـة لتحرير الأنسان العراقي مـن مظالمـة التاريخيـة’ بقدرما هو انـدفاع هستيري لأطماع تاريخية بثروات العراق وجغرافيتـه وحضارتـه وجعلـه رقمـاً اضافيـاً بالـغ الأهميـة فـي مستقبل حسابات المشاريع والمخططات للأهداف الأمريكيـة ’ واول ما تطلبـه المشروع ’ هـو استبدال النظام البعثي العروبي بواجهتـه الصداميـة كحــذاء قـديم فقـد صلاحيتـه بحـذاء غيـر مستهلك افضـل شكلاً واستعمالاً حسب مقتضيات ( المـوده السياسيـة ) للحفـل الدولي فـي اجواء ولائـم العولمـة’ فأرتضـى مـع الأسف بعـض المحسوبين على مجلس الحكـم الموقت ’ ان يكوتوا الجزمـة البديلـة لسحق ما تبقـى مـن الهويـة الوطنيـة المشتركـة لأهـل العراق ’ عندما تـم فصالـه وخياطتـه فـي ورشـة المستر بـول بـريمـر على مقاسات الأهداف المستقبليـة للمخطط الأمريكـي .
كانت العنصريـة والطائفيـة والمذهبيـة وبعض الترقيعات الحزبيـة والعشائريـة ’ المـواد الأوليـة تحت الطلب لنسيج الهويات المخجلـة للواقـع العراقي الجديد ’ مصحوبـاً طبعـاً ببعض التلميعات والأصباغ والأعلانات اللبراليـة والعلمانيـة والديموقراطيـة ومسرحيات انتخابيـة واستفتاءات ثـم تعديلات دستوريـة بغيـة سـد الطريق بوجـه الأحلام والأماني والتطلعات والطموحات العراقيـة المشروعـة مـن اجـل بناء النظام التعددي الديموقراطي الفدرالي ’ بهـدف اصلاح ما دمـره النظام البعثـي العروبي واعادة بنـاء حاضـر افضـل ومستقبـل اضمـن لأهـل العراق .
بعـد رمـي القديم البائـد المتهري فـي مزبلـة التاريخ للبشاعات ’ جلس السيد بـول بريمـر مـع الوصفـة الجديدة لتمزيق الهويـة الوطنيـة المشتركـة واعادة توزيـع اجزاءهـا حصصـاً واسلابـاً بين الديناصـورات المسعورة المتعطشـة للمـال والجـاه والسلطـة للأخـوة فـي المصالـح الفئويـة والعشائرية والحزبية ممثلي الشيعـة والسنـة والأكـراد ’ مـع اشراك ــ توريط ــ بعض الشرائـح على اساس عرقـي ومذهبـي بعـد سلخهـم عـن مضمون عراقيتهـم ’ فكانت اللحظات المحزنـة المشؤومـة التـي ابتـداء فيهـا ومنهـا ذبـح العراق وتقاسم اشلاءه تساومـاً وابتزازاً ثم صـراعاً وتصالحا وتوافقاً بين ممثلي الطوائف والمذاهب والقوميات مظافاً اليهـا حبربشيـة ازلام الحزب والشلـة والعشيرة ’ فأصبحت المباديء الديموقارطيـة والفدراليـة فـي اجواء الفرهود ممسـوخـة كأسباب للفرقـة والتشتت واكمال تمزيق الهويـة العراقية ثـم حرقهـا’ والأبقاء علـى العراق فضلات وطـن بعـد حفلـة تقاسمـه اشلاء وحصص واسلاب بين امبراطوريات المـال والتسلط الناشئـة المنتفخـة بأورام الفساد والأختلاس لرمـوز وعوائل وقيادات الزمـن الرديء للطائفـة والمذهب والقوميـة ’ وجعـل الأهداف النبيلـة للنظام الديموقراطي الفدرالـي عاهـة اجتماعيـة مؤذيـة تتصدرهـا وتدفـع بهـا نوايـا غير نزيهـة ’ تهدد مستقبل وحـدة العراق وهويتـه الوطنيـة المشتركـة بأخطـر العواقب’ تهـدف الى اعادة توزيع العراق ومحاصصتـه ثروات وبشر وجغرافيـة بيـن العتاوي الشرهـة لجنرالات المال والتسلط المليشياتـي ’ بعـد الغـاء كيانـه التاريخـي وهويتـه المشتركـة فـي ورشــة ( فـرق تسـد ) للقـوى الطامعـة فـي ابتلاع العراق اجزاءً .
لـم تخجل الدوائرالأمريكيـة ولم تجـد حرجـاً ازاء ادعاءاتهـا على الأقـل فـي التحضـر والتظاهر بطليعيــة مشروع تحريـر وعولمـة شعوب الأرض وغيرهـا من الخزعبلات المتحضرة والمساحيق الأعلاميـة فـي وقت تمارس فيـة اللعبـة التاريخيـة المشينـة ل ( فرق تسد) بأتجـاه تقسيم العراق طائفيـاً ومذهبيـاً وقوميـاً وكأن العراق مجهول الأنتماء والهويـة عثـروا عليـه ضائعـاً مرميـاً علـى قارعـة التاريـخ لا اهـل لــه ولا جغرافيـة ولا جذور تاريخيـة.ابتهجت ورقصت وتنافست نخب الطوائف والمذاهب والقوميات على الأنغام الجنائزيـة لتمزيق وحـرق الهوية العراقيـة المشتركـة لأهلـه ’ ضنـاً منهـم ان اهـل العراق سوف لـن يتقيئـوا طـول صبرهـم ويصرخـوا بكلمتهـم الآخيـرة ـــ دعـوا عراقنـا وشأنـه ’ ايتهـا المؤسسات المدانة لمشروع تقسيمـه ’ انـه دائمـاً لــه اهل.
https://telegram.me/buratha