( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
في أي عملية سياسية يكاد يكون الخطاب السياسي هو الاخطر والاكثر حساسية ومتابعة ورصداً عن سواه حتى في ظل الظروف الطبيعية او الاعتيادية التي يعيشها أي بلد. بالتأكيد هذا الامر بات يختلف عندنا في العراق اختلافاً جذرياً عما كانت عليه السياقات المعمول بها في التجارب السابقة، باعتبار ان التجربة العراقية الجديدة هي حالة سياسية تعكس بالدرجة الاساس الوجه الآخر للتعددية والشراكة التي مافتئت كل قوانا الاساسية ترى انها البديل المناسب والواقعي عن نظام الحزب الواحد او مجمل الانظمة السابقة، وهنا يفترض ان تدخل عملية صناعة الخطاب ردهة الحذر الشديد لتنقيتها من الادران والشوائب والاحتقانات والتعبوية اللاواقعية التي من شأنها ان تزيد الازمة تعقيداً فيما اذا تعرضت البلاد الى ازمات حادة كالازمة التي نعيشها الآن على حدود بلادنا المشتركة مع الجارة تركيا.
وبما اننا كمعادلة سياسية جديدة وضعنا في اول اهتماماتنا بناء افضل العلاقات السياسية والامنية والاقتصادية والثقافية مع جيراننا، فإننا نعتقد ان الجارة تركيا تستحق بالدرجة الاولى هذا الاهتمام لاسباب سياسية وتأريخية ودينية واقتصادية وامنية فضلاً عن ان هذه الدولة لا توجد دلائل لتورطها بتوريد العصابات الارهابية الى بلادنا عبر اراضيها.
وانطلاقاً من كون التجربة او المعادلة السياسية العراقية الجديدة تقودها تيارات واحزاب وقوى سياسية من مختلف التيارات السياسية الاسلامية والليبرالية والكردية والقومية والمستقلة، فان الحالة هذه توجب على أي متصدٍ للعملية السياسية توخي الدقة والحذر في احاديثه وتصريحاته كي لا تُمنح الفرصة الى المؤسسات الاعلامية المتصدية بحقن تلك التصريحات بسمومها وخبثها من خلال ربطها بين الموقع الرسمي للمتصدي ومسؤوليته الحزبية ضمن اطاره السياسي الخاص في محاولة فاقعة للاساءة الى نظامنا الديمقراطي التعددي، ولقد اثبتت الوقائع والاحداث التي مرّت بها البلاد حتى الآن بما في ذلك الازمة الحادة التي نعيشها مع الجارة تركيا بان قياداتنا قدمت انموذجاً متزناً هادئاً مسؤولاً في مجمل خطابها السياسي خصوصاً عند الاخوة الاعزاء في التيار الكردي، وهذا اللون من الخطاب والمسؤولية الذي اظهرته قوانا المختلفة انما يعكس بالمقام الاول جنوح العراق الجديد نحو السلم والتهدئة في معالجة ازماته مع جيرانه فضلاً عن اظهاره للخبرة والحنكة السياسية التي يتمتع بها مسؤولينا خصوصاً في المنعطفات الحادة.
ان التحرك الاخير للحكومة العراقية عبر المشاورات التي اجراها رئيس البلاد ورئيس الحكومة مع الجارة ايران لتطويق الازمة التركية بإشراك أطراف إقليمية داعمة بالإضافة الى الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر جوار العراق في انقرة انما يشكل دعامة اخرى لتعضيد دقة الخطاب بالممارسة السياسية المسؤولة، وهذا هو ما يميز العراق الجديد عن العراق الذي كان يأن من السياسات الكارثية للانظمة البائدة وفي طليعتها نظام البعث المقبور.
https://telegram.me/buratha