( بقلم : عدنان الخفاجي )
إتماما لما بدأته في المقال السابق ، اقول ان من مبادئ القومية واخطائها في ذات الوقت في تلك الاحكام اللامنطقية والتي لاتعبر عن اي عمق فكري التي تطلقها هنا وهناك مثل تعميم الايجابيات لها وإدعائها كل ماهو كامل وجميل ورائع ، ونفيها كل ماهو سلبي مع ان القومية وجود متنوع فيه الجيد والردئ والسلبي والايجابي ،لانها بطبيعة الحال مجموعة من المبادئ ووجهات النظر والنظريات وضعها ونظمها بشر الذين هم جزء من المجتمع الانساني باختلاف انواعه وتبايناته ،فكل منتمي لهذه القومية او تلك ينسب لها كل اجابية وينفي عنها كل سلبية ،وكإنها ناموس سماوي، ولايقف الامر عند هذا يحسب ،بل يتعداه الى تعميم الايجابيات على مدى التأريخ ،فالانظمة القومية تقوم بتصوير التأريخ القومي على انه النموذج الامثل والارقى للابداع ،وكل فرد يتعامل مع قوميته وكإنها إستثناء في مسيرة الحضارة البشرية وانها الشمس التي انارت ظلام البشرية،وينعكس في شعاراتها مثل المانيا فوق الجميع او ايطاليا فوق الجميع وغيرها٠
ان التعصب القومي هو حالة انفعالية غير موجهة منبعها شعور عاطفي محض كما يعبر عنها احد الكتاب تزداد حدته في الحروب ويخفت في حالات السلم ،وهذا الشعور طبيعي موجود حتى في الطيور والبهائم فهو تعبير عن غريزة الانتماء الى الفصيلة او العائلة وهو نابع من غريزة حب البقاء ،فالتعنصر القومي يبالغ في هذا الشعور ويجعله فوق كل القيم السامية للسماء والقيم الاجتماعية بل ويكون موجها لها وقائد وهذه هي الكارثة! يقول هربرت لوثي : القومية مذهب يعتمد على حفنة من الجزميات التي تفتقد المسوّغ العلمي والعقلي ولايعتقد باصالته إلاّ اتباعه ٠لا اقول ان من واجب الانسان التنكر لابناء جلدته او إلغاءهم ولكن ان يطغى هذا الشعور على الشعور الانساني وقيم السماء،هذا ماارفضه٠ وقد تجلى الشعور القومي بشكل حاد في نظام حزب البعث العفلقي البائد، فقد كانت شعاراته دين يدان به وفوق كل القيم ،بغض النظر عونها تتماشى او لاتتماشى مع قيم الدين الاسلامي الحنيف او المجتمع ،من قبيل :من لاعمل له لاشرف له ! !او : امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ،واية رسالة يقصد بها؟ فالعرب فيهم الى جانب المسلمين المسيحي والصابئي والقبطي وغيرهم !،ام يراد به عزل مسلمي العرب عن مسلمي العالم ! او مثلا وحدة حرية اشتراكية ! ا وحدة العرب بمختلف عقائدهم ومللهم ! واية رسالة يحملونها إذا؟ اهي الاسلام؟ وما حال غير العرب في المنطقة كالاكراد مثلا؟ وهلم جر من اللامنطق ٠ ويركز الفكر القومي دائما على الرابطة الوطنية ويجعلها فوق عل الروابط بحيث تصبح مرضا او عقدة نفسية لدى القوميين مع العلم هناك روابط اقوى منها كرابطة العقيدة مثلا٠ولو نظرنا الى الناهج الدراسية في البلدان القومية وحتى دول اوربا المتقدمة نجد بان قوم او بلد ونسب العظمة له ، وانهم ارقى اجناس البشر،وهذه المبالغة في تعظيم الذات جعلت هناك صراعا ثقافيا وفكريا بين القوميات، يقول ديورانت : ظهرت القومية في القرن التاسع عشر فأفسدتضمائر المؤرخين٠
ويقول براتراند رسل : ان الامم الكبرى جميعا ،على تفاوت في الدرجة تزيف التاريخ وتتعرض له بالتمويه والتعديل٠ان القوميات الحديثة الفاسدة تجعل سلوك ابنائها واعمالهم بدافع قومي وطني فقط ،فالمهندس والطبيب والمدرس والعامل كلهم يعملون لبناء صرح الوطن ، وحماية منجزاته من الاعداء! وإن كانوا وهميين كما تحاول كل الحركات القومية ان ترسم لها اعداء لتحفيز الانفعال القومي لانه وكما ذكرت سابقا يخفت في حالة السلم ،وغذاء القومية هو الحروب على صعيد الواقع او على الصعيد المعنوي او الفكري ! فنظام صدام المقبور منذ ان ان استحوذ على السلطة بدأت الازمات والحروب تعصف بالعراق وحتى آخر لحظة من رحيله ،وماحال العراق الان إلاّ نتاج لهذا النظام وهذا التعنصر القومي٠
https://telegram.me/buratha