بقلم المهندس والاعلامي : حازم خوير
رغم ان اقتصاديات الدول النامية تفتقد الى الكثير من القوانين الاقتصادية والتشريعات الكفيلة برفع مستوى اداء القطاع الخاص وجعله بمصافي الشركات العالمية التي تمارس نشاطاتها في ضوء نظام راسمالي الا ان هذا القطاع استطاع فرض نفس على السوق المحلية في بعض الدول من خلال الموازنات الاقتصادية لتلك الدول والوعي المتنامي لشعوبها فضلا عن توفر مصادر الطاقة الطبيعية والمناخات والوعي العلمي من خلال ارتفاع مستوى العلوم التكنلوجية والتطبيقية والرغبة لدى المشرعين الذين يفترض انهم الممثل الحقيقي للشعوب بضرورة تشغيل الايدي العاملة المحلية واشراكها في بناء هذا البلد اوذاك والاهم من ذلك كله عدم الاعتماد والارتباط بالسوق العالمية وشروع الاخيرة بين الفينة والاخرى في التحكم في توريد السلع و تحديد الفوائد الكمركية والاسعار وغيرها ما يجعل عقول وكفاءات البلدان النامية جامدة خاملة فاقدة لطموح الابداع وفرص التطور ما يؤدي الى هدم اقتصاديات تلك الدول وهجرة الكفاءات العلمية واستنزاف الطاقات والموارد الطبيعية لتلك البلدان .ولو اجرينا دراسة بسيطة عن واقع القطاع الخاص في العراق لحقبتين متتاليتين هما: قبل وبعد السقوط نجد ان هذا القطاع قد مر بمخاضات عديدة ولكلا المرحلتين الانف ذكرهما.
ففي الفترة ما قبل السقوط ،نال هذا القطاع قسطا يسيرا من الاهتمام خصوصا في الفترة التي واكبت الحرب العراقية الايرانية وهذا كان ينم عن دوافع سياسية الهدف منها جعل المجتمع العراقي اكثر تماسكا واستقرارا،وبتعبير اخر تفادي حصول فوضى عارمة يصعب السيطرة عليها وهذا بالتاكيد كان يمثل مبتغى الارادة الدولية في ذلك النظام المستبد بشتى الوسائل في حربه على الجارة ايران اضافة للارادة الحقيقة لذلك النظام الهدام الذي كان يفتقر الى اسس المواطنة والبناء الحقيقي للمجتمعات على اسس اقتصادية صحيحة ورصينة سيما انه وظف جميع الامكانيات وصهرها في بودقة واحدة هي ارضاء الدول المجاورة للعراق والدول الامبريالية وقبلها توجهاته الشيطانية وحقده الاموي الدفين.وبالرغم من توقف الخطط الاقتصادية الخمسية التي كان اركان النظام يزعمون تطبيقها انذاك بسبب ظروف الحرب الا انه قد شرع بانشاء عدد من المشاريع التي ابتغى منها في الحقيقة رفد خططه التوسعية والعدوانية ضد جيرانه ،في المقابل فقد ظل القطاع الخاص يبحث عن تحرره وتطوره وسط تجييره لكل مصادر الطاقة لصالحه وصالح اتباعه وسط هيمنة قوانينه التعسفية والاجراءات المشددة على المسافرين الى الخارج الذين يعدون على الاصابع انذاك حيث جعل العراق سجنا كبيرا للعراقيين .
اما خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي فلم يكن احسن حالا من سابقه بعدما اصدر المجتمع الدولي قرارات الحصار الاقتصادي التعسفية ضد الشعب العراقي ويوهم الكثيرين انها ضد النظام البائد بسبب غزوه لدولة الكويت الشقيقة وهنا قد استنزف العراقيون جميع مدخراتهم من اجل توفير لقمة العيش لعيالهم وشجعت سياسة الدولة الرعناء وانعزالها بمصالحها بعيدا عن هذا الشعب المظلوم ظهورمشاكل هذا القطاع الاقتصادية بشكل جلي حتى وصل الحال الى احتكار ازلام النظام وقادة حزبه العفلقي المباد لكثير من قطاعات العمل والموارد الاولية والاستيراد وبات العراقيون في خطر محدق حتى وصل الامر الى الاستفادة من المواد ذات النوعيات الرديئة والنفايات لتحويلها ثانية الى مواد اولية في الصناعة ،اما في مجال الزراعة فقد اضطر الفلاح الى اللجوء الى السوق التجارية لديمومة الزراعة ماادى الى توريد اصول وهجائن رديئة واستخدام مبيدات من مناشئ غير موثوق بها سيما وانحسار المياه في نهري دجلة والفرات بعدما اقام العديد من المشاريع التخريبية للبيئة بشقه الانهر الفرعية وتجفيف الاهوار في الجنوب .
وهنا قد تفشت ظواهر عديدة منها البطالة والغش الصناعي والاختلاس والرشوة من اعلى درجات السلم الوظيفي الى ادناه فضلا عن المواطنين انفسهم حتى وصل الحال ان فقدت الدولة سيطرتها الكاملة في نهاية المطاف فسلطت جلاوزتها وعناصر بعثها الفاسدة الى قمع الناس وملاحقتهم لجعلهم ينخرطون في معسكرات اجبارية سميت في وقتها ب(جيش القدس) كما تفشت ظاهرة الفساد الاخلاقي بين الشباب بعدما اصبح من سابع او عاشر المستحيلات تمكن الشاب اقتصاديا ولو بالتفكير بالزواج حتى قضى النظام الظالم على اخر فسحة امل او طموح ببناء مستقبل واعد لحياة حرة كريمة .
وعند تلك المرحلة الخطرة والمصيرية من حياة الشعب العراقي جاءت ارادة الشعب متمثلة بقادته الحقيقيين الذين شمخوا اليوم في مجلس النواب عبر بوابة الانتخابات الحرة الديمقراطية ليمثلوا الشعب العراقي احسن تمثيل عبر صناديق الاقتراع في مجلس النواب ،حيث اتحدت تلك الارادة بارادة هذا الشعب المظلوم وشحذت هممه واوقدت ما اراد نظام البعث الفاسد اطفاءه من مناقب واصالة وجذوة تحرر من نير الطغيان والديكتاتورية لتمنحه الحرية وتعيد له مجده واصالته وتكسبه طاقة حركية نحو الامام لطالما افتقدها لعشرات بل مئات السنين وهو يقبع تحت ديكتاتوريات متوالية لاتتوانى عن الايغال في ظلمه وايذائه وسرقة ثرواته .
ولكن ..يبقى السؤال المهم الذي يوجهه هذا الشعب لحكومته الحالية و هو:ماذا ستقدم هذه الحكومة لهذا الشعب وبماذا ستعوضه عن ما فاته من سنين الامه وحرمانه ؟ومن بين قطاعات الشعب ، القطاع الخاص ، الذي ينظر الى الحكومة نظرة ايجابية يامل في ان تعكسها الدولة عليه بدقة وايجابية من خلال تشريع القوانين التي تخدم مصالحه وسط رفع الحصار عن العراق وسياسة الانفتاح على السوق الدولية والنجاحات الكبيرة التي حققتها الدولة في العديد من خططها وسياستها الاقتصادية على المستوى المحلي والدولي وورغبته في عدم وضعها العراقيل امام تطوره خدمة للصالح العام.
هذا وفي المقابل مطلوب من الدولة وضع قوانين وتشريعات موضوعية في موضوعة الاستيراد والتصدير بعدما انهالت الشركات مجهولة الهوية وذات السلع الرديئة النوعية والاستهلاكية على اغراق السوق العراقية بالسلع والبضائع التي استنزفت موارد الشعب العراقي مقابل رداءة نوعية تلك السلع وعدم تحقيقها لادنى شروط الرقابة والسيطرة النوعية حيث اصبح التاجر يمثل كذا الف من الناس اثناء سفره الى دول عدة وابرامه لعقود تجارية مع شركات قد اعلنت افلاسها بسبب عدم التزامها بالشروط والمواثيق التجارية المتبعة دوليا فجاء التاجر العراقي لينعش ارصدتها من اموال العراقيين التي وقعت ضحية لهذا التاجر الفاسد الذي ابتغى من وراء ذلك تحقيق اطماعه الشخصية وغير ابه بما سيتعرض له الناس من مشاكل نفسية وصحية ومجتمعية وغذائية وغيرها.
وهنا يلقي الناس همومهم الجديدة في العراق الجديد بطائل حملهم من الفوضى الاقتصادية والاثار المترتبة من جراء سلوك اؤلئك التجار الجشعين،يلقونها على كاهل حكومتهم وقد ادرجوا اؤلئك التجار تحت عنوان (خونة الشعب العراقي) داعين في الوقت نفسه السلطات التشريعية والتنفيذية الى اتخاذ قرارات ومواقف اكثر حزما مع هؤلاء ، والتاسيس لنظام اقتصادي رصين وحصين يحقق طموحات وامال هذا الشعب المظلوم.
https://telegram.me/buratha