لايمكن لأي مراقب للوضع في العراق ان يقتنع بان الإنقلاب الذي قاده بعض أعضاء البرلمان العراق أواخر الأسبوع الماضي كان هدفه تحقيق الإصلاح وإنهاء سياسة المحاصصة الطائفية والقومية التي بُنيت على أساسها العملية السياسية العرجاء في العراق.
فالوجوه الكالحة لعدد من قادة هذا الإنقلاب لا تكشف عن كونهم إصلاحيين أو وطنيين, بل على العكس من ذلك فهم رموز لعهد أبرز سماته الفساد وتأجيج النزاعات القومية والطائفية. فالنائبة حنان الفتلاوي المعروفة بتوجهاته الطائفية, دعت من قبل الى قتل سبعة من السنة مقابل كل سبعة قتلى من الشيعة, دعوة صريحة للقتل خارج نطاق القانون والشرائع السماوية فعن أي إصلاح سياسي تتحدث حنان؟. وأما النائب كاظم الصيادي المعروف بإثارته للتوترات القومية والحزبية داخل البرلمان وخارجه لايبدو مؤهلا لرفع راية الإصلاح والقضاء على المحاصصة.
والطامة الكبرى أن يرفع راية الإصلاح صهر المالكي المدعو حسين المالكي, الذي حصل على مقعد في مجلس النواب بفضل الأموال التي سرقها من الدولة العراقية. فهل يريد هؤلاء أين يقنعوا العراقيين بانهم دعاة إصلاح؟ وهل ان من يريد الإصلاح يبدا عهده بالكذب والتزوير؟
فقد إدعى هؤلاء الإنقلابيون بأن عدد من حضر جلسة البرلمان التي أقالوا خلالها رئيسه الجبوري كانوا 171 عضوا, فلم لم يتم نشر أسماؤهم ليطلع الشعب العراقي ويعرف حقيقة الأمر؟ وما يثبت كذب إدعاءاتهم هو قولهم اليوم بأن 165 نائبا حضر جلسة اليوم المقرر عقدها. وهو رقم آخر فيه تزوير واضح ويهدف الى تمرير فكرة وجود أغلبية برلمانية كافية لعقد الجلسة.
ويدعي هؤلاء الإنقلابيون أيضا بانهم ضد المحاصصة ولكنهم في ذات الوقت إنتخبوا سنّيا هو عدنان الجنابي رئيسا لبرلمانهم المزعوم, فإن كانوا صادقين في إدعاءاتهم فلم لم يكسروا معادلة المحاصصة وينتخبوا عضوا غير سني ومن أي طائفة كانت؟
إن الوجوه الكالحة والأضداد غير المتجانسة ممن كانت حتى الأمس القريب تسقّط بعضها البعض الآخر فهذا هالكي وهذا بعثي وذاك أحمق غبي, تتوحد اليوم تحت قبة البرلمان لا لتحقيق الإصلاح والقضاء على المحاصصة, بل لأنها تخشى طوفان الإصلاح القادم والذي سيطالها في المستقبل القريب.
قوى عبثت بحاضر البلاد ومستقبلها طوال السنوات العشر الماضية, وهي تريد اليوم لبس ثوب الإصلاح والوطنية ظنّا منها بان الشعب سينسى بأنها أهدرت أكثر من 700 مليار دولار من ثروات البلاد وبانها فرطت بأرض العراق وسيادته وشوّهت سمعته بين الأمم وأشاعت التخلف والجهل والدمار في ربوعه.
محاولة إنقلابية لن يكتب لها سوى الفشل وستفتح الباب على مصراعيه لبدء حملة واسعة لإعتقال ومحاكمة جميع المجرمين والفاسدين المتخفين خلف قناع الوطنية وممن يرفعون كتاب الإصلاح فوق رماح الفوضى في البرلمان العراقي.
https://telegram.me/buratha