المقالات

مـعـايـيــر الـســلوك الـقـانـونـى والادارى فـــى الــدولـــة الـقـانـونيــة


بقلم: فــارس حــامــد عـبــد الـكريـم نائب رئيس هيئة النزاهة العامة ماجستير في القانون

مـقــدمـــة ــ في العلاقة بين الدولة القانونية والنظام الديمقراطي والشفافية :ثمة علاقة وثيقة بين النظام الديقراطي والدولة القانونية ، وان كانت الديمقراطية ليست من مستلزمات الدولة القانونية دائما، ذلك أن الديمقراطية تقوم على جملة مؤسسات تتقاسم في فيما بينها ، بقدر أو بأخر ، السلطات داخل الدولة ، وهذا التقسيم يتطلب قدرا عاليا من التنظيم القانوني لتنظيم العلاقة بين هذه السلطات من جانب ، وبينها وبين افراد الشعب من جانب أخر ، وايجاد رقابة فعالة لضمان عدم انحراف اي من هذه السلطات عن الحدود القانونية المرسومة لها او التعسف في استعمال الحقوق المقررة لها على نحو يتعارض مع الغايات الاجتماعية لتلك الحقوق ، ويتطلب ذلك اقرار شفافية عمل مؤسسات الدولة ليطلع ابناء الشعب ومؤسساته المدنية على مايجري في اروقة مؤسسات الدولة .والحال ان نظام الدولة القانونية الديمقرطية ومؤسساتها الدستورية، نظام انساني بكل معنى الكلمة ،ولايمكن احالة مجمل تأسيسه الى مجموعة بشرية معينة بالذات بل هو وليد تطور لصراع استمر ، ولايزال ، عبر فترات متعاقبة من التاريخ بين الحكام والشعوب ، فكان خلاصة التجارب الأنسانية التي عانت من مآسي الحكم الاستبداي عبر التاريخ.( إلا أنه يرجع لليونانيين الفضل في نشأة بعض الأفكار والمبادئ القانونية الراسخة في عالم اليوم مثل الديمقراطية والحرية والمساواة وغير ذلك وإن لم تصل إلى المفهوم العصري له ومدلوله الشامل ) .وتأسيسا على ذلك ، فأن مقولة ( الخصوصية ) ومقولة ( الثقافات الخاصة ) ، بزعم انها تتعارض مع النظام الديمقراطي ، واللتان استخدمتا كشعار يعبر عن ايديولوجية يهمها تكريس الدكتاتورية ، هذا الزعم لايستند الى مقومات موضوعية تدعمه ، ذلك ان الديمقراطية وسيلة لاهدف بحد ذاته ، فهي وسيلة انسانية متطورة لاحتواء الثقافات المتنوعة وطموحات القوميات المختلفة لغرض تحويل الصراعات المحتمل نشوؤها ، على اثر هذا التنوع والاختلاف ، الى صراعات سلمية وفقا لقواعد محددة تسمى احيانا بـ ( قواعد اللعبة الديمقراطية ) ويلاحظ الناظر ان انجح الديموقراطيات كانت في الدول الاشد تنوعا واختلافا ، وكانت سببا مباشرا في نهضة هذه الشعوب ، بما اتاحته من تنظيم قانوني يقوم على الارادة الحرة للشعب وترسيخ قيم وأخلاقيات وتقاليد علمية ، تقوم على احترام الرأي الأخر واتاحة الفرصة للابـداع الفكري ليـأخذ

دوره في الحياة العامة ، وخلق نظم مؤسساتية فعالة تدعم الابتكار وأنتاج المعرفة ، تتجسد ابتداءا في المؤسسات التعليميةالتي تشجع على التفكيرالنقدي الحر والتي تحفز الطلاب على نقد المسلمات الاجتماعية او السياسية وتنمي فيهم الروح الاستقلالية وانتهاءا بالمؤسسات البحثية والتطويرية التي تدعم الانشطة الابداعية والخلاقة ، ويبنى كل ذلك وفق تنظيم قانوني يدعم النظام الديمقراطي ويحميه ، وطبيعي ان ذلك لايمكن ان يتحقق في ظل نظام دكتاتوري استبدادي يقوم على فكرة ( السلطة الابوية ) ، حيث تبنى المؤسسات لاجل خدمة الفكرالسلطوي الذي يتبناه ، الجامد بالضرورة والذي يستهدف حماية الاوضاع الراهنة ، والمدعوم غالبا بقوى محافظة تقليدية ترى في التطور انهيارا لمصالحها و لمقومات وجودها ، ويجهد انصار هذا النظام ووعاظه في تنمية ثقافة شعبية عامة ترى في امر اظهاد الفكر الحر امرا مقبولا ومبررا ، ممايترب عليه قتل روح الابداع وخنق الافكار المتنورة واشاعة النفاق السياسي، ويبنى ذلك وفق نظام قانوني يبدو صارما ومشددا ومدعوما بخطاب سياسي حماسي يخاطب الغرائز لا العقول الحرة، ولكن عند الممارسة تشد قبضته لحد القسوة البالغة او ترخى لحد الاهمال او التسامح ، حسب الاحوال والظروف المحيطة بالنظام السياسي ومصالح رموزه .واذا كنا سنتناول ، بشكل مبسط ، مقومات الدولة القانونية ومعاييرها التي تجسد حقيقة وجودها ، فأن وجود هذه الدولة ليس رهنا بتعداد هذه المقومات في الوثيقة الدستورية فحسب ، بل ان وجودها رهن ايضا بمدى ايمان وتمسك النظام السياسي بها قولا وممارسة من جانب وبمدى استعداد افراد الشعب ، وخاصة النخب المثقفة منه ، للدفاع عن هذه المقومات وعدم التنازل عنها مقابل اغراءات السلطة وابدال النفاق السياسي بها لتحل المصالح الخاصة الانانية محل المصالح العامة.

الـقـســـم الاول

مفهــوم واسـس الدولـة القــانـونيــة

1 – مـعـنــى الـدولـــة الـقـانـونيــة : اجتهد مشرعو العراق القديم في وضع اسس الدولة القانونية وكان لهم السبق التاريخي في ارساء دعائم هذه الدولة من خلال وضع قوانين تنظم العلاقة بين الحاكم والرعية من جهة والعلاقة في ما بين الرعية من جهة اخرى واشتملت تلك القوانين على تنظيم اداري فذ قياسا لعصرها وكان ملوك العراق يحرصون على ان تدون القوانين على مسلات صخرية ليطلع عليها عامة الناس ، ومن الطبيعي ان تكون تلك النصوص وليدة الافكار والعلاقات الاجتماعية السائدة في حينها ، وفي عصور لاحقة اجتهد فلاسفة اليونان والرومان في وضع تصورات للدولة القانونية فقدموا للبشرية اول التصورات النظرية للدولة القانونية وجاء ذلك في كتابات ارسطو وافلاطون وتعتبر مدونة ( جستنيان ) من اشهر المدونات التي جسدت الجانب التطبيقي للافكار القانونية التي سادت في تلك العصور ، وجاءت الرسالة الاسلامية لتضع نظاما قانونيا متميزا تجسد في الشريعة الاسلامية الغراء التي استمدت احكامها من القراَن الكريم والسيرة النبوية الشريفة ومصادر اخرى ومابرحت هذه الشريعة العظيمة مصدر الهام لرجال القانون في كل عصر وزمان ومنها استمدت اعظم النظم القانونية .وفي العصور الحديثة تم ارساء المعايير والمكونات المعرفية والنظرية للدولة القانونية في عصر النهضة الأوروبية ، حيث ادى تطور الفكر السياسي الليبرالي المرتبط بالمذاهب الاجتماعية والاقتصادية على مدى القرنين السابع عشر والثامن عشر الى انهيار النظم القديمة القائمة على الحكم المطلق وهيمنة الكنيسة على ملوك أوروبا الذين زعموا ان سلطتهم قائمة على التفويض الالهي الخازج عن ارادة البشر وما يترتب على ذلك من ان الحاكم غير مسؤول عن افعاله امام الشعب ولاحساب عليه الا من قبل الاله وبهذا الصدد يقول لويس الخامس عشر ( اننا لانتلقى تاجنا الا من الله وحده ) لقد ترتب على هذه الافكار التنويرية ان دخلت الانسانية عهداً تاريخيا جديداً ارست فيه الثورات الجماهيرية الكبرى دعائم دولة القانون واسس الحكم الديمقراطي بحكم ما أعلنته من حريات ومساواة قانونية وسياسية للإنسان الفرد .اذ اهتم الفلاسفة في القرنين السابع عشر و الثامن عشر بدراسة طبيعة الدولة واساس الحكم وعنوا بتحديد المفاهيم المتعلقة بها مثل السيادة واركان الدولة وطبيعة القانون الذي يحكم العلاقات داخل الدولة ، وظهرت مدرسة القانون الطبيعي وعلى رأسها كروتيوس (Grotius )المعروف بأبي القانون الطبيعي، حيث افترض وجود قانون طبيعي يجد مصدره في ذاته، وينبع من طبائع الأشياء ، ومن ثمَّ فهو قانون ثابت لا يتغير وغير قابل للتعديل من اية سلطة داخل الدولة، لأن قواعده مستمدة من طبيعةالإنسان و معطيات العقل ، ومن هذا القانون الخالد الازلي ينبغي ان يستمد القانون الوضعي قواعده .وفي انكلترا برز كل من توماس هوبز وجان لوك، وكان هوبز من دعاة الحكم المطلق لدرجة إنكار فكرة القانون كلية. وذهب الى أن القانون أساسه القوة، فالقانون هو قانون الأقوى، وأن العدالة تتوقف على القانون الوضعي، وأنه يجب التزام قانون الدولة حتى ولو كان مخالفا للدين ، وتستند نظريته إلى افتراض وجود عقد اجتماعي اتفق الافراد بموجبه على الانتقال من الحياة البدائية الى حياة الجماعة ويتنازل بموجبه الأفراد عن حرياتهم كاملة للحاكم، الذي يتعهد بحمايتهم من بعضهم بعضا مقابل هذا التنازل ، وبما ان هذا العقد قد تم بين الافراد لوحدهم دون ان يكون هو طرفا في العقد ومن ثم لايلتزم هو من ناحيته بشي فتكون سلطته مطلقة ، ويفسر دعم هوبز للحكم المطلق انه كان يعيش في احضان العائلة المالكة البريطانية .وبخلاف هوبز كان لوك يمثل المذهب الحر ومن انصار الملكية المقيدة لا المطلقة وعلى الرغم من أنه يتفق مع هوبز في تأسيس المجتمع على وجود عقد اجتماعي الا انه يذهب الى ان الملك او الحاكم طرفا فيه ،وعليه فان ذلك العقد لايعطي الدولة سلطة مطلقة، وانما يحدد لها اهداف تتعلق بمصلحة الجماعة وتتجسد بالامن وتحقيق الخير العام. ويذهب لوك الى ان الحرية هي اساس الجماعة وهدفها، وان الجماعة ما قامت الا لحماية الحريات الفردية ، واذاتعارضت الحرية الفردية مع مصلحة جوهرية للجماعة فيضحي بحرية الفرد من اجل تحقيق مصلحة الجماعة. وفكرته الاساسية هي ان السيادة تبقى للشعب وان سلمت السلطة الى حاكم فأنه يمارسها بأسم الشعب واذا اخل بالتزاماته فللشعب عدم اطاعته والثورة عليه. وقد دخل الشعب البريطاني في صراع مر ضد الحكم المطلق، الذي اثمر عن صدور العهد الاعظم المسمى(Magna carta) في سنة 1215 التي فرضت على الملك جان سان تر (Jean sans terre)، ثم صدرت وثيقة الحقـوق ( bill of rights )في عهد غليوم الثالث سنة 1689 التي اقرت بعض الضمانات للافراد، منها عدم امكان القبض عليهم او حبسهم إلا بمقتضى حكم قضائى يصدر من هيئة محلفين وليس من محكمة إستثنائية ، كما قررت حرية الفكر وحرية التملك حيث اعترف الملك للبرلمان بحق الاجتماع وبضرورة موافقته على فرض الضرائب ورقابته على تنفيذ القوانين، الا ان هذا الصراع كان صراعا يتغلب فيه الطابع سياسي على الجوانب القانونية فلم ترد القيود على سلطات الدولة في مجموعها، وانما وزع السيادة بين الملك والبرلمان بعد ان كان ينفرد بها الملك لوحده ومن هنا نشأ المثل الانكليزي القائل بان البرلمان قادر على فعل كل شئ، الا ان يغير الرجل الى امرأة وهذا المثل يعبر عن الفكرة الانكليزية بشآن إختصاصات البرلمان غير المقيدة. وفي الولايات المتحدة الامريكية ظهرت فكرة اعلان حقوق الانسان والاعتراف بالحقوق الفردية على اثر حرب السبع سنوات(1756ـ1763) ، التي قامت بين انكلترا وبروسيا من جهة وروسيا والنمسا وفرنسا من جهة اخرى،وخرجت انكلترا من الحرب مرهقة بالديون ففرضت ضرائب ورسوم جمركية جديدة على المستعمرات الانكليزية الثلاث عشرة في امريكا. الا ان المستوطنين الانكليز نازعوا في صحة فرضها عليهم وبعد مفاوضات فاشلة مقترنة بصراعات دموية تم عقد مؤتمر يمثل المستعمرات الانكليزية في فيلاديلفيا في يوليو سنة ( 1776 ) واعلن عن استقلال تلك المستعمرات. وقد قدم لذلك القرار باعلان للحقوق اكد على تقرير المساواة بين الافراد، وتاكيد وجود حرية ثابتة وسابقة على نشاة الجماعة، ثم تلا ذلك الاعلان اعلان حقوق فرجينيا في سنة( 1787 )، وبموجب هذين الإعلانين اكدت نظرية الحقوق الفردية والحريات العامة بصفة نهائية . . اما في فرنسا القرن السابع عشر فقد ساد الحكم المطلق اذ هيمنت الملكية على جميع السلطات، وانكرت اية حقوق للافراد في مواجهة الحكام بل كان للحكام مطلق الحرية للتصرف في الافراد واموالهم . ولم يدم الامر على هذا الحال اذ سرعان برزت الافكار التنويرية على يد رجال الفكر الفرنسيين في القرن الثامن عشر وفي طليعتهم (مونتسكييه وروسو) وشكلت افكار روسو في الادارة العامة للجماعة وافكار مونتسكييه في الفصل بين السلطات الاساس الفكري الذي قامت عليه الثورة الفرنسية ( 1789 )التي تبنت فكرة الحقوق الفردية وجعلت منها هدفا للجماعة الانسانية واساسا للقانون الطبيعي وذلك في وثيقة اعلان حقوق الانسان والمواطن عام1789 الملحق بدستور عام 1791،وهذه الوثيقة التاريخية اعتبرت الفرد مصدرا للحقوق حين نادت بوجود امتيازات للفرد تسبق وجود الجماعة وتسمو عليها وعلى قوانينها، ووضعت السيادة في الفرد، ومن ثمَّ في الأمة.. وجعلت حماية حقوق الافراد وامتيازاتهم الهدف والغاية التي يصبو اليها كل نظام سياسي . وعلى هذا فان فكرة سيادة القانون وخضوع الدولة له ووجود قواعد قانونية تلتزم الدولة باحترامها من دون ان يكون لها سلطة الغائها او تعديلها قد وصلت اوجها في عهد الثورة الفرنسية، حتى ان (ميرابو) ، خطيب الثورة الفرنسية ، ذهب الى إن القانون سيد العالم. ويكاد ينعقد الاجماع اليوم على فكرة تقييد الدولة بالقانون وخضوعأ لأحكامه. فالدولة ان هي الا نتيجة توازن مجموعة قوى استقر وثبت ونتج عنها نظام له طابع الدوام، أي وجود قوى منظمة، ومن ثم فان الدولة تفترض وجود النظام، أي وجود قوى منظمة، تخضع لقواعد تحكمها وتحدد أنشطتها، ولا يمكن تصور وجودها بغير ذلك النظام ومن دون قانون يعين سلطانها، لان وجودها مرتبط بوجود نظام قانوني يحكمها . والقول بخضوع الدولة للقانون، لا يعني تحديد سلطات هيئات معينة في الدولة، بل يقصد به خضوع الدولة بكامل هيئاتها له. فليست السلطة التنفيذية او السلطة التشريعية هي المقيدة بالقانون، بل الدولة نفسها في جميع مظاهر أنشطتها سواء كانت تمارس نشاطأ تشريعيا أم نشاطا اداريا أم نشاطا قضائيا . القول بنظام الدولة القانونية معناه خضوع الدولة للقانون في جميع مظاهر نشاطها، سواء من حيث الادارة او القضاء او التشريع ، فالدولة القانونية هـى تـلك الـدولـة الـتـى يـخضـع فـيهـا جـميـع الاشـخـاص ، سـواء كـانـوا طـبيـعيـن او مـعـنـويـيـن عـامـيـن ام خـاصـيـن، لـحـكــم الـقــانــون .فالدولـة هنـا تخضع فى جميع مظاهـرهـا لحكـم القانـون سـواء مـن حـيـث التشريـع او الادارة اوالقضـاء ، وينظم القانون اساليب وانواع الرقابة على هذه السلطات جميعا ، وتعتبر الرقابة والمساءلة والشفافية من اهم الركائز التى يقوم النظام القانونى فى الدولة الديمقراطية .وذلـك بـعـكــس الـدولــة الـبــولـيـسـية حـيـث تـكـون الـسـلـطـة الاداريـة مـطلقـة الـحـريــة فـى ان تتخذ قبـل الافـراد ماتـراه من الاجــراءات محقـقـا للـغـايـة التـى تـسـعى الـيـها وفـقـا للـظــروف والمـلابـسـات، وتـتـركز جـهــودهـا فـى الـغـالـب حـول مـسـألـة حفـظ الامــن والنــظــام، ولـو بـأى وســيـلة كــانـت، ولاتوجد فيها رقابة فعالة او ان توجد فيها رقابة قاسية ولكن على مستوى معين من الدرجات الوظيفية لايتعدى صغار الموظفين أو ان تستخدم على مستوى اعلى كوسيلة لازاحة الخصوم السياسيين .التمييز بين الدولة البوليسية والدولة الاستبدادية : تقوم الدولة البوليسية على اساس ان الغاية تبرر الوسيلة وعلى هذا تكون للادارة مطلق الحرية وسلطة تقديرية واسعة فيما تتخذه من اجراءات ووسائل في مواجهة المواطنين تحقيقا للمصلحة العامة بينما لا يبغي الحاكم المستبد الا مصلحته الشخصية. ومن ثم يكون الحاكم في الدولة الاستبدادية مطلق التصرف وغير مقيد بأي قيد، لا من حيث الوسيلة ولا من حيث الغاية، أي انه يعمل وفق ماتتفتق عنه قريحته اوجنونه احيانا ولو كان في ذلك إساءة الى مجتمعه اما في الدولة البوليسية فالحاكم وان كان غير مقيد من حيث الوسيلة، فهو مقيد من حيث الغاية، لان حريته في اتخاذ ما يراه من الاجراءات مشروطة بان تكون غايته في هذه الاجراءات مصلحة الجماعة وليس مصلحته الشخصية. . 2 – عـنــاصــر الــدولــــة الـقــانــونــيــــة : لـكـى يـكتـمـل وجــود الـدولــة الـقـانــونـيــة يـنبغى ان تتوفر لها عناصر معينة اهمها مايلى :1/2 – وجـود دســتـور ( القانون الدستورى ) : يعـرف الـدســتـور بانــه ( مجمـوعــة مـن القـواعــد والاســس الـتى تبين مصـدر الـسـلطة وطـريـقـة ممـارسـتـها والعلاقـة بين سـلطـات الـدولـة، الـتـشـريـعيـة ، الـتنـفيـذيـة ، القـضـائـيـة ، وطـريـقـة انـتقـال الـسـلطـة سـلميـا، وكذلـك يبين الـقـواعـد المـتعـلقـة بـحقـوق الافـراد وحـريـاتـهـم الاسـاسية والضمانات اللازمـة لحمـايتهـا ) . أذ يجب ان يحدد الدستور بوضوح أختصاصات كل سلطة من سلطات الدولة ومدى استقلال كل منها عن الاخرى، اي الفصل بين السلطات ، لكي تكون كل سلطة رقيبة على الاخرى ، بحيث تلتزم كل سلطة حدود اختصاصاتها التي رسمها لها الدستور ، كما يجب ان يضمن الدستور المباديء العامة الخاصة بالترشيح والانتخاب في البرلمان الوطني . وبموجب الدستور تكون السلطة للشعب ، يمارسها ممثلوه المنتخبون من قبله وفقا للقواعد الدستورية ، والذي بدوره ( الدستور ) يجب ان يكون قد نشأ بموجب استفتاء عام ، وينبغي ان يكون هؤلاء مسؤولين تجاه جميع ابناء الشعب ، فكل نائب في البرلمان ممثل عن كل الشعب لامجرد نائب عن الدائرة الانتخابية التي أنتخبته . وان يقوم نظام الحكم ، على أساس مبدأ الفصل بين السلطات ، مما يوفر الرقابة المتبادلة بين سلطات الدولة ،بحيث تكون كل سلطة رقيبة على الاخرى ، وبحيث تلتزم كل سلطة بالحدود التي رسمها لها الدستور.كما وينبغي أن يتضمن الدستور ضمانات الحريات الفردية الاساسية ( الحق في الحياة الحرة الكريمة ، الحق في العمل ، الحق في التعبير والانتماء السياسي ، الحق في الامان الشخصي .....الخ) ، وان ينص على الوجود الحر للانسان ، بحيث لا يجوز توقيفه اواحتجازه أو منعه من السفر والتنقل أو انتهاك حرمة سكنه الا بموجب نصوص قانونية ، تطبقها جهات قضائية عادية. كما يجب ان يتضمن الدستور الحريات التقليدية للفرد ، كحرية التعبير والفكر والعقيدة ، وان يضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لجميع المواطنين من دون تمييز بسبب الجنس او الدين او العرق أو اللون . فينبغي أن يعكس الدستور واقع المجتمع وأمال وطموحات ابناءه المشروعة .مـبـدأ ســمـو الـدسـتور : يـراد بـمـبدأ سـمـو الدسـتور ( عـلـو الـقـواعـد الـدسـتوريـة عـلى غـيـرهـا من من القـواعـد القـانـونيـة المطبقة فى الدولـة ) . ويترتب على هذا المبدأ أن أى قانون اوقرار ادارى صادر من الـدولـة يجب ان لايكون مخالفـا للدسـتور وكـل مخـالفـة له تـوصـف بعـدم الـشـرعيـة . اذ يـعد الدسـتور بمثـابـة وثيــقة عـهـد بين القائمين على السلطة والشـعـب .فالنظام القانونى فى الدولة برمته يجب ان يكون محكوم بالدسـتور . وهناك اسـتثناء يرد على هذا المبدأ يعرف بنظرية الضرورة واصله قاعدة رومانية قديمة تقول ( سـلامـة الـدولـة فـوق الـقـانـون ) ومفادها ان المبادىء الدسـتورية شـرعت للظروف الاعتيادية الطبيعية فأذا تعرضت الدولة لخطر جسيم او ظروف استثنائية كحرب داخلية اوخارجية فيمكن وفق شروط وقيود قانونية اتخاذ تدابير استثنائية ولو خرج ذلك على بعض القواعد الدستورية. حرصا على سلامة الدولة ويخضع كل ذلك لرقابة السلطة التشريعية والقضاء لبيان مدى ضرورة الاجراء المتخذ.و في تفسير مبدأ سمو الدستور تقول المحكمة الدستورية العليا في مصر في حكم لها صادر بتاريخ 12/2/1994 "أن القواعد الدستورية تحتل من القواعد القانونية مكاناً عالياً لأنها تتوسد منها المقام الأسمى كقواعد آمرة ". ويعني هذا المبدأ أن النص الدستوري يسمو ويتقدم على ما عداه من نصوص قانونية فيتوجب أن لا تخالف تلك النصوص أي قاعدة دستورية، إذ أن "كل سلطات الدولة الحديثة من تشريعية وتنفيذية وقضائية تخضع للدستور بحسبان أن الدستور هو سند وجود هذه السلطات جميعاً وهو مصدر شرعيتها فإذا كان ذلك كذلك فإنه لا يتصور أن يصدر عن السلطة التشريعية قانون يخالف الدستور وكذلك أيضاً لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تصدر قرارات مخالفة للدستور الذي هو سند وجود هذه السلطة وهو الذي أعطاها ما تمارسه من إختصاصات" . وإعمالاً لهذا المبدأ يجب أن تكون كافة القوانين منسجمة ومتوافقة مع نصوص الدستور، وما دور المحكمة الدستورية إلا مراقبة القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية لتقرر ما إذا إلتزمت هذه السلطة بمبدأ سمو الدستور ولم تخرج عن نطاق الحدود والقيود الذي فرضها الدستور من خلال المباديء العامة التي قررها في نصوصه، وعليه فإن السلطة التشريعية تلتزم، طبقاً لهذا المبدأ، بأن لا تصدر أي قانون يخالف أو يناقض النص الدستوري .تـعـــديــل الـدســتـور : يكـتسب تعـديـل الدسـتور اهمـيـة خـاصـة ، اذ يـحـاط تـعديله بضمانات متعددة فى فى دســاتـيـر الـدول الـديـمقـراطيـة ،حتى لايكون تعديل الدستور وسـيلة القابضين على السلطة فى تكريس الحكم الدكتاتورى وكوسـيلة للانتقاص من حقوق وحريات المواطنين بحجج ومزاعم مختلفة ،كالمؤامرات الخارجية والداخلية او المصلحة العامة ....وعلى هذا الاسـاس سـاد الاعتقاد فى فقه القانون الدستورى الحديث على وجوب اسـناد مهمة التعديل الدستورى الى الهيئة التى اناط بها الدستور هذه المهمة وبالطريقة والقيود والاجراءات التى حددتها الوثيقة الدستورية ، فأذا كان الدستور قد انـشـأ بطريقة الاستفتاء الدستورى فأن مسألة تعديله يجب ان تناط بالاستفتاء الدستوري ايضا .

طــرق اقــامـــة الــدســـاتـيـر: وجدت عبر التاريخ السياسي للدول عدة طرق لاقامة الدساتير ويمكن تقسيمها الى طائفتين :الاولى : الاسلوب غير الديمقراطى فى اقامة الدساتير : وهناك طريقتين :طــريـقــة المـنحـة : وبموجبها ينفرد الحاكم بوضع الوثيقة الدستورية ويكون ذلك بتنازل الحاكم عن بعض حقوقه المطلقة وذلك لانقاذ سلطته من الانهيار فى مواجهة قوى شعبية متنامية ، ولاينسى الحاكم هنا التذكير بسلطته العليا، من ذلك ماجاء فى دستور الحبشة لعام 1931 الذى وضعه الامبراطور هيلا سيلاسى وجاء المادة(3) منه من أن ( شخص الامبراطور مقدس، وكرامته مصونة ، وسلطته لاتقبل الشك).طــريــقـة الـتـعـاقــد : ويعتبر الدستور هنا وليد ارادتين ،ارادة الحاكم من جهة وارادة الشعب عن طريق ممثليه،ولذلك سميت بطريقة التعاقد ، وتعبر هذه الطريقة عن مرحلة توازن بين قوتين، قوة الملوك التى ضعفت ولكنها لم تنهار ،وقوة الشعوب التى نمت وتعاظمت ولكنها لم تسيطر تماما .الثانية : الاســلوب الديـمقـراطــى فى اقـامـة الـدســاتير : وهناك طريقتين :طريقة الجمعية التأسيسية : وبموجبها ينتخب الشعب جمعية أو مجلس تأخذ على عاتقها مهمة وضع الدستور على هدى ا فكار سياسية واجتماعية واقتصادية معينة ، فأذا انتهت من عملها يأخذ الدستور طريقه للنفاذ ولايتوقف ذللك على ارادة احد ، فالشعب هنا يساهم في وضع الدستور بطريق غير مباشر وقد ظهرت هذه الطريقة لاول مرة عند وضع دستور الولايات المتحدة الامريكية عام 1787 ومنها انتقلت الى اوربا ، وأغلب دساتير أوربا صدرت بموجب هذه الطريقة .طـريـقــة الاســتفتاءالـدســتورى : تعتبر هذه الطريقة من اكثر الطرق ديمقراطية فى اقامة الدساتير ، ذلك لان الشعب يساهم وبشكل مباشر في وضع الدستور وأختيار شكل وطبيعة النظام السياسى الذى يرتأيه، وتتجسد طريقة الاستفتاء الدستورى بوضع مشروع للدستور ،ولايهم من هى الجهة التى تضعه ، لجنة حكومية او برلمانية او لجنة من القانونيين المختصين لانه سيعرض على الشعب لمناقشته والتوعية ببنوده فى جلسات عامة ممايجعله عرضة للتعديل والاضافة ، ومن ثم يطرح المشروع على الاستفتاء الشعبى فأذا نال موافقة الاغلبية يصبح نافذ المفعول ولايتوقف ذلك على ارادة احد . ومن امثلته دستور فرنسا الحالى الصادر عام 1958 الذى طلب وضعه الجنرال ديغول ، والذى اعتمد فى وضعه على اخصائيين فى هذا المجال ومن ثم طرحه للاستفتاء الشعبى . ويذهب الكثير من فقهاء القانون الدستورى الى انه لأعتماد هذه الطريقة ينبغى أن يكون الشعب على على مستوى متقدم من الوعى السياسى .2/2 – ســـيـادة الـقـانـون : يمكن تحديد مفهوم سيادة القانون من وجهتين :اولهما : أن سيادة القانون تعني أن يتم تطبيق حكم القانون، بعدالة ومساواة ، على كل المواطنين في المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية او الدينية او العرقية او الجنسية ، وبغض النظـر ايضا عن الدور والمراتب الاجتماعية التى يحتلونها فى الحياة الاجتماعية العامة، أو اية معايير اخرى مماثلــــة .وهذا يعنى ان القانون مثلما ينطبق على عامة المواطنين ينطبق ايضا على اصحاب السلطة والقـوة والنفـوذ . ويتحقق ذلك من خلال وضع قواعد قانونية عامة ومجردة تطبق على كل من توافرت فيه شروطها القانونية ، والمساواة القانونية ليست هي مساواة فعلية دائما ، أذ انها تعني ان اصحاب المراكز القانونية المتماثلة ينالون ذات الحقوق وعليهم ذات الواجبات ، فحقوق صاحب الشهادة العليا مثلا هي اكثر من حقوق حاملي الشهادة الادنى ، وكل يجب ان يتساوى في الحقوق مع فئـته من دون تمييز .ان عدم سيادة القانون تؤدى الى الاستبداد والطغيان والفوضى وعدم الشعور بالمسؤولية فى المجتمع ،والى تردي الاخلاق العامة وأزدواجيتها ، اذ هو مدعاة لنمو ثقافة القسوة والنفاق والدكتاتورية وأدعاء احتكار المعرفة ، وتأليه الذات البشرية، وتكون نتيجته الشاذة هي ان يستحوذ القائد الأوحد أو القادة الكبار فى الدولة ، وهم عادة غير شرعيين لانهم غير منتخبين أو مزورين للأنتخابات ، على قابلية الانفراد بأتخاذ القرار ، ومن ثم تكرس كل القوانين و القرارات فى الدولة من اجل خدمة مصالحهم وأدامة وجودهم وخلق روح الرهبة منهم ، من دون السماح للمواطنين للمشاركة ، او حتى الاطلاع على الكيفية التى يتم بها صناعة القرار ، وبمعنى أخر انعدام الشفافية والمساءلة ، وهذا ما يفتح الباب امام تفشى الفساد الاداري والمالي ، كالمحسوبية والمنسوبية والرشوة والأختلاس واستغلال النفوذ والاعتداء على حقوق المواطنين لمصلحة فئة قليلة من الناس ، حيث يسمح لذوي الولاء المقربين بأستغلال مناصبهم للاثراء غير المشروع في حين يظل تطبيق القانون عليهم سلاحا مشهرا لضمان استمرار ولائهم الكامل ، وعلى خلاف ذلك فأن لسيادة القانون طبيعة منفتحة على الشفافية وقبول الرأي الاخر ، ذلك ان مبدأ سيادة القانون يؤدي الى احترام حقوق المواطن على اختلافها ، من حيث ضمان حق المواطنبن فى المشاركة فى عملية صنع القرار فى المجتمع من خلال ممارسة حقوقه فى حرية التعبير والعقيدة والانتماء السياسي والانتخاب والترشيح والعمل والتنقل وغيرها، وهذا ما يؤدي الى زيادة الشعور بالمسؤلية والتفاعل بين المواطن ومصالح مجتمعه والدفاع عنها وكأنها مصالحه الشخصية. ومما تجدر الاشارة اليه هنا الى ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، قد اعطى لمبدأ "سيادة القانون " صفة قانونية دولية ، وكان لذلك اثرا هاما ساعدفي دعم النضال من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية .ولضمان تحقق سيادة القانون يجب ان يقيد الدستور سلطة الدولة ، ويضع الضمانات أللازمة لخضوعها للدستور و للقانون وتوفير الشروط الاساسية لمجتمع يقوم على" سيادة القانون " . اذ لا يكفي ان يكون الدستور مكتوبا، وانما يجب ان يكون جامدا من حيث تعديله ، بحيث لا يتم تعديله الا بالطريقة المحددة فيه سلفا. ليكون ذلك بمثابة قيد على سلطات الدولة تحول دون استبداد هذه السلطات . إن مجرد وجود نصوص دستورية اوتشريعية تكفل حماية الافراد من تعسف السلطة التنفيذية ، ومن تجاوزها لحدود اختصاصها ، غير كافٍ لضمان مبدأ سيادة القانون، اذ مثل ما يتطلب مبدأ سيادة القانون وجود حكومة قوية وقادرة على فرض النظام ،واحترام القانون ، و تعمل على ايجاد الظروف الملائمة لرفاهية الافراد وعلى توفير الشروط التي تضمن حماية المجتمع ، يتوجب عليها ايضا ان تحرص على إحترام حقوق الافراد وحرياتهم . وعلى ضوء ذلك يتوجب ايجاد توازن بين حرية الادارة في العمــل وبين حماية حقوق الافراد مع مراعاة احترام سيادة القانون. مما يستوجب وجود ضمانات للحفاظ على التوازن المطلوب، ويمكن إيجاد هذه الضمانات على النحو التالي : أ‌- الضمانه الاولى : وجود حكومة شرعية منتخبة عادلة تضمن سيادة القانون ، وتضع قواعد للسلوك الادراي القانوني والاخلاقي تلتزم الادارة بمراعاتها وهي بصدد اتخاذ قراراتها الادارية . وينبغي ان تحدد هذه القواعد الطريقة التي يتم بموجبها اتخاذ القرارات والتظلم منها امام السلطات الادارية او الطعن فيها امام القضاء .ب‌- الضمانه الثانية : وجود رقابة فعالة على اعمال السلطة التنفيذيه . سواء كانت هذه الرقابة برلمانية او رقابة قضائية تناط بالقضاء العادي او القضاء الاداري ، أو بهيئات مستقلة وهذه من الافكار القانونية الحديثة التي اعتمدتها اتفاقية الامم المتحدة لسنة 2004 بعد ان فشلت الاساليب والنظم التقليدية في القضاء على ظاهرة الفساد . ج- الضمانة الثالثة : استقلال القضاء.. وسنتكلم عنه لاحقا .ثانيهما :خـضـوع الادارة للـقـانـون ( مبدأ المشروعية ) : ومقتضى ذلك انه لايجوز للادارة بمختلف هيئاتها ان تتخذ اى عمل او تصدر اى امر او قرار الابمقتضى القانون وتنفيذا له . ومــرد ذلـك الى امـريـن : الاول : هو انه لكى يتحقق هذا المبدأ يلزم ان تكون الاجراءات الفردية التى تتخذها السلطات العامة منفذة لقواعد مجردة موضوعة سلفا فتتحقق العدالة والمساواة . الثانى : هو ان القانون يصدر عن هيئة منتخبة تمثل الشعب وتمارس السيادة بأسمه ، وخضوع الادارة للقانون يحقق لتلك الهيئة الهيمنة غير المباشرة على تصرفات الادارة، على انه يجب ان لا يفهم من ذلك ضرورة خضوع الجهاز الاداري بوصفه هيأة للجهاز التشريعي، وانما يكفي ان تكون الوظيفة الادارية او التنفيذية تابعة للوظيفة التشريعية. فالخضوع في الواقع هو خضوع وظيفي وليس حتما خضوعا عضويا . . ويعرف هذا المبدأ بمبدأ المشروعية فى العمل الادارى ، وبمقتضاه لايجوز للسلطات الادارية ان تلزم الافراد بشئ خارج القوانين النافذة فمن ناحية لا تستطيع الادارة حينما تدخل في معاملات مع الافراد ان تخالف القانون ومن ناحية اخرى لا تستطيع ان تفرض عليهم شيئا الا اعمالا للقانون . ومصادر المشروعية هى ( الدستور ، القانــون ، القرارات التنظيمية اى الانظمة والتعليمات ، الاحــكـــام الـقـضــائــيــة ، الــعـــرف الادارى و مبـادىء القانــون العامـــة) . وبالنظر للطبيعة الخاصة للعمل الادارى ولكى تكون للادارة حرية التصرف فى مجالات معينة وكى تتمكن من مواجهة الحالات الخاصة بمرونة وسرعة فقد اعترف للادارة فى معظم القوانين باستثناءات على مبدأ المشروعية ، كأعطاء الادارة سلطة تقديرية لتقرر هى مايجب فعله فى حالات محددة ، ولمواجهة الظروف الاستثنائية التى تمر على البلد ، كما ان هناك اعمال تقوم بها الادارة تعرف بأعمال السيادة وهذه تمس مصالح البلاد العليا ومن ثم لاتخضع للرقابة القضائية وانما تخضع للرقابة البرلمانية . 3/2 – تـدرج الـقــواعــد الـقـانـونـيـة : لكى تكون الدولة قانونية بالفعل لابد أن تأخذ بمبدأ تدرجد القواعد القانونية ، ذلك ان النظام القانونى فى اية دولة يتكون من مجموعة كبيرة من القواعد القانونية، وعند تطبيقها على الحالات الفردية فأنها قد تتزاحم وتتعارض، لذلك كان لابد من حل ينظم تطبيق هذه القواعد ويضمن وحدتها ويتجسد ذلك بمبدأ تدرج القواعد القانونية التى يتكون من مجموعها النظام القانونى فى الدولة ، ومقتضى هذا المبدأ ان القواعد القانونية فى الدولة ترتبط فيما بينها ارتباطا تسلسليا متدرجا . بمعنى اخر انها ليست فى مرتبة واحدة من حيث القيمة والقوة بل تتدرج فيما بينها مما يجعل بعضها اسمى مرتبة من البعض الاخر ، فتجد فى القمة القواعد الدستورية وتليها القواعد التشريعية الصادرة من السلطة التشريعية وهذه اسمى من حيث القيمة والقوة من الانظمة والتعليمات التى تصدرها السلطات الادارية وهذه بدورها اسمى من القرارات الفردية الصادرة من السلطات الادارية نفسها . ويترتب على مبدأ تدرج القواعد القانونية : وجوب خضوع القاعدة الادنى للقاعدة الاسمى من حيث الشكل والموضوع، اى صدورها من السلطة التى حددتها القاعدة الاسمى وباتباع الاجراءات التى بينتها وأن تكون متفقة فى مضمونها مع مضمون القاعدة الاعلى لان المناط فى الاصل عند التعارض هو ان الاعلى يسود الادنى . 4/2 - الفصل بين السلطات فى الدولة : وهذا مبدأ مهم تقوم عليه الدولة القانونية ، وترسخ هذا المبدأ بكتابات رواد النهضة ( مونتسكيو ، جون لوك ، روسو ) ، لقد ذهب مونتسكيو فى مؤلفه ذائع الصيت ( روح القوانين ) الى ان ( السلطة توقف السلطة ) ومفاد هذا المبدأ انه يجب ان لاتجتمع جميع السلطات ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) فى يد شخص واحد او هيئة واحدة ، وانما يجب ان تتوزع على هيئات مستقلة عن بعضها وأن تراقب أحداهما الاخرى، لأن اجتماعها بيد واحدة مدعاة للتسلط والتعسف والدكتاتورية المطلقة ، ويعتبر هذا المبدأ نتاج تجارب تاريخية مريرة للشعوب مع حكامها الذين كانوا يجمعون كل السلطات بأيديهم مباشرة او من خلال هيئات ضعيفة لاتقوى على مخالفة اوامر الحاكم . ذلك أن الفصل بين السلطات هو الذي يكفل اولا توزيع مصادر القوة فى المجتمع وعدم تركزها في يد شخص او فئة قليلة من الافراد ، وهو الذى يخلق حالة من التوازن الضرورى في المجتمع بين مصادر القوة الثلاث ، وذلك يوفر الاساس الذى يمنع سيطرة احدى هذه السلطات على الاخرى ، كما انه يوفر ايضا الامكانيات لكل من هذه السلطات من اجل الرقابة على عمل الاخرى .وهناك قوانين دول تاخذ بمبدأ الفصل التام بين السلطات وهو مايعرف بالنظام الرئاسى كما هو الامر فى الولايات المتحدة الامريكية وهناك دول تاخذ بالفصل النسبي وهو مايعرف بالنظام البرلماني كما هو الامر في انكلترا والعراق في ظل دستور سنة 2005 مثلا . ونحاول ادناه ان نبين وظيفة كل سلطة من السلطات بأختصار :السلطة التشريعية : وهي اهم السلطات في الدولة ، وتضم ممثلى الشعب الذين تم انتخابهم حسب متلطبات القواعد الدستورية ، وهناك تسميات مختلفة له وحسب النظام القانونى للدولة ، مثل البرلمان او مجلس الشعب او الجمعية الوطنية او المجلس الوطنى او مجلس الامة وغير ذلك،والمهم بالامر ان وظيفة السلطة التشريعية هى سن القوانين ، اذ هى السلطة المخولة دستوريا بهذه الوظيفة ووفق اجراءات شكلية محددة في الدستور ، وحسب الاصل انه لايجوز لغيرها من السلطات فى الدولة القيام بهذه المهمة الابتفويض وبناء على قانون من السلطة التشريعية . وفي المجتمعات التي تقوم على مبدأ " سيادة القانون " يتوجب على السلطة التشريعية ، تطوير الشروط الضروية لرعاية كرامة الانسان. ولا يكفي في هذا المجال الاعتراف بحقوق الانسان السياسية والمدنية ، انما يجب ضمان الشروط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللازمة لازدهار الفرد وتطوير شخصيته . وفي عدد من المجتمعات ، وبشكل خاص تلك المجتمعات التي لم تتكون فيها تقاليد ديمقراطية ،لا بد من تقييد السلطة التشريعية ، والنص في صلب الدستور على مبادىء ، تضمن سلطة القضاء المستقل لحماية هذه المبادىء ، وهي : أ‌- النص على المبادىء المقررة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وضمان تحقيقها . ب‌- تقيد السلطة التشريعية بقواعد الدستور في اعمالها التشريعية ، والامتناع بشكل خاص عن: 1- اصدار تشريعات تصادر حق الافراد في اختيار قادتهم عن طريق الانتخاب ، او ان تضع شروطا خاصة للترشيح للانتخابات العامة بهدف استبعاد فئة معينة من ممارسة هذا الحق. 2- اصدار تشريعات تحد من حرية العقيدة والعبادة ،او ان تنتقص من حرية التعبير والاجتماع اوتمنع تشكيل الاحزاب السياسية او الجمعيات الثقافية .3- اصدار تشريعات تتضمن أي شكل من اشكال التمييز بين الافراد او الطبقات او الاقليات أو أي تمييز اخر على أساس عرقي أو ديني . . 4- إصدار أي تشريعات بأثر رجعي ، وبصورة خاصة في الامور الجزائية والمالية. ج - ضمان ممارسة السلطة القضائيه لسلطاتها في الرقابة ، بصورة مستقلة فعاله ، تكفل حماية حقوق الافراد .السـلـطة التـنفيـذيـة : وهي السلطة المسؤولة عن تنفيذ القوانين التى تشرعها السلطة التشريعية. ويتمثل رجال السلطة التنفيذية برئيس الدولة ملكا او رئيسا وصولا الى ادنى مرتبة وظيفية في الدولة ، وعادة ماتفوض السلطة التشريعية السلطة التنفيذية صلاحية اصدار انظمة وتعليمات لتسهيل تطبيق القانون ، وهذه مشاركة في العمل التشريعى ، اذ يرد ذلك عادة على شكل نص قانوني فى المادة الاخيرة من القانون تقول مثلا ( .. يتولى الوزير ( او الوزراء ) المختص صلاحية اصدار انظمة وتعليمات لتسهيل تطبيق هذا القانون ) ، كأن يصدر قانون للمحافظة على البيئة من التلوث من السلطة التشريعية وعندها تتولى وزارة البيئة تحديد مايعتبر مصدرا للتلوث ام لا وتصدر به انظمة وتعليمات. وترد على صلاحيات السلطة التنفيذية قيود عديدة كما انها تتمتع بأمتيازات خاصة غير متاحة للافراد العاديين وذلك لمنحها قدرا من المرونة في العمل وفي اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب تحقيقا للمصلحة العامة ، وسنفصل ذلك لاحقا .الســلـطـة القضائيــــة : ومهمتها تحقـيـق الــعـــدل فـى المجتمع وتطبيق وتفسير القوانين على الحالات التى تعرض امامها ، ويتمتع القضاء في الدول القانونية بأستقلال عن باقي السلطات في الدولة حتى يتمكن من تحقيق مبدأ المساواة امام القانون ، ويباشر عمله بحيادية ومن دون تردد أو ضغط ، بما يضمن حسن سير العدالة . وتتكون هذه السلطة من الهيئات القضائية من المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها . ويمارس القضاء رقابة فعالة على السلطتين التشريعية والتنفيذية وكذلك الرقابة على ذاته من خلال رقابة محكمة التمييز على القرارات والاحكام الصادرة من مختلف المحاكم .أذ ان من أهم الضمانات الاساسية لقيام مجتمع مدني ، يقوم على مبدا سيادة القانون ، وجود سلطة قضائية مستقلة في عملها عن السلطتين ، التنفيذية ،والتشريعية ، بحيث يكون القاضي في ممارسته لوظيفة القضاء حرا ومحايدا في اتخاذ قراره . وليكون القاضي مستقلا ، يتوجب توفير ضمانات اساسيه له ، منها ،ان يكون هناك نظام قانوني خاص لتعيين القضاة ، ونقلهم ،وترقيتهم ،ويتولى ذلك مجلس يتم تشكيله من هيئات قضائية يتم تحديدها وفقا لاحكام القانون وأن يكون مرتبه كافيا .كما انه يتوجب تحصين القاضي من النقل والعزل ، الا وفقا للقانون ، حتى لايكون ذلك وسيلة ضغط على القاضي ، كما ويجب اختيار من يتولى القضاء بعناية خاصة ممن شهد لهم بالكفاءة العلمية والنزاهة والاستقامة ، لان جهل القاضي بالقانون وبمبادئه العامة مدعاة للظلم وضياع الحقوق .وبما ان استقلال القضاء ليس مقصودا لذاته ، بل هو شرط لضمان تحقق العدالة ، لزم الامر وجود ضمانات اجرائية ومباديء موضوعية ينص عليها في صلب الدستور تضمن تحقق العدالة ، ومن الضمانات الاجرائية : مبدأ شخصية الجريمة والعقاب ، مبدأ عدم جواز المحاكمة أو العقوبة مرتين على ذات الفعل ، مبدأ علنية المحاكمة ، حق المواجهة بين الخصوم ، حق الطعن في الاحكام ، مبدأ أن لايضار الطاعن بطعنه ، مبدأ أن تجري المحاكمة من دون تأخير ... ومن المباديء الموضوعية : قرينة براءة المتهم حتى تبت المحكمة في الدعوى ،لاجريمة ولاعقوبة الابنص قانوني يحدد بدقة ووضوح السلوك محل التجريم ، عدم رجعية القانون الجنائي ، تطبيق القانون الاصلح للمتهم ، ضمان الحق في الدفاع وحرمته ، مبدأ تناسب العقوبة مع جسامة الفعل .كفاءة نظام العدالة : لايعمل القاضي بمفرده في سبيل تحقيق العدالة أذ يقوم نظام العدالة اضافة للقضاة على جهود المحامين والمحققين والاعوان والخبراء . وترتبط مهنة المحاماة بحماية الحريات العامة وحقوق الانسان وتأمين الحق في الدفاع . وينبغي ان تتمتع الاجهزة المعاونة للقضاء بمستوى عالي من الكفاءة والخبرة والنزاهة ، فالفساد الذي يصيب مهنة المحاماة او اعوان القضاء ستكون له نتائج سلبية على امر تحقيق العدالة في المجتمع .ومن المهم ايضا ان تأتي العدالة في وقتها المناسب ، فالتأخير والبطء في التقاضي من شأنه ان يترك اثارا سلبية على الاقتصاد والمجتمع ، اذ يعتبر القضاء البطيء عائقا في وجه نمو الاستثمار الوطني والاجنبي ، ويساهم في استشراء ظواهر العنف والانتقام الفردي وقلة استعداد الناس للجوء الى القضاء .واذا كنا نتحدث عن استقلال القضاء، اواستقلال اي سطة عن الاخرى ، فأننا لانقصد الاستقلال المطلق ، فمثل هذا الاستقلال سيؤدي في النهاية الى انهيار الدولة وعجز مؤسسات الدولة عن اداء واجباتها بشكل طبيعي، اما الاستقلال النسبي فهو الذي يتيح امكانية الرقابة المتبادلة ،( فالسلطة توقف السلطة) كما يذهب مونتسكيووهو اول فقيه دعا الى الفصل بين السلطات على ان تكون هناك رقابة متبادلة بينها منعا لتعسف اية سلطة من هذه السلطات في استعمال الصلاحيات المقررة لها،و يتيح الاستقلال النسبي صلاحيات قانونية لاية سلطة من السلطات تجاه السلطات الاخرى ، كسحب البرلمان الثقة من الحكومة او حل البرلمان من قبل الحكومة واعادة الانتخابات وصلاحية القضاء في الغاء القوانين الصادرة من السلطة التشريعية المخالفة للدستور وصلاحيته في الغاء القرارات الادارية المخالفة للدستور او للقانون . وكي لايتحول القضاء بدوره الى مؤسسة دكتاتورية تؤدي الى تخريب العملية السياسية ودون ان تراعي في احكامها، ولو كانت عادلة وموافقة للقانون، المصلحة العامة وطبيعة العلاقات الدولية ، فأن رقابة السلطة التنفيذية والتشريعية على سلطة القضاء تمثل صمام الامان لذلك ، فالاستقلال نسبي لامطلق ، وهذا يمثل افضل الحلول ، ذلك ان الاستقلال المطلق لاية سلطة من السلطات يقودالى الفساد ، والى نشوء نوع من الدكتاتورية المؤسساتية التي تفقد التعاون اللازم بين هذه السلطات مرونته المتمثل بعدم اخذ اية سلطة من هذه السلطات الاعتبارات التي تهم السلطة الاخرى بنظر الاعتبار. فالرقابة المتبادلة تمثل الحد النسبي لاستقلالية اية سلطة ، فقد يصدر القضاء، مثلا ، حكما عادلا ولكنه يتعارض مع مصلحة الدولة السياسية، كأن يؤدي الى ازمة اجتماعية أو ازمة دولية ، وهنا يأتي دور رقابة السلطة التنفيذية من خلال اصدار العفو العام أو الخاص. ومن مظاهر هذه الرقابة اشتراك االسلطة التنفيذية والتشريعية في تعيين رئيس مجلس القضاء بعد ان يرشحه مجلس القضاء وكذلك الامر في حالة تعيين اعضاء المحكمة العليا ، وفي حق رئيس السلطة التنفيذية في اصدار العفو العام او الخاص وفي التوقيع على احكام العقوبات القصوى ، وفي استئذان وزير العدل بشان اتخاذ الاجراءات القضائية بالنسبة للجرائم ذات الطبيعة الدولية ، وغير ذلك من اساليب الرقابة المتبادلة .5/2- تـنظـيـم رقـابـة على سلطات الدولــة : تعد الشفافية والرقابة والمساءلة ، وفقا للأفكار القانونية الحديثة ، من أهم الركائز التي تقوم عليها الدولة القانونية الديقراطية ،ويقصد بالشفافية في هذا المجال ، حق ابناء المجتمع في أن يطلعوا على الكيفية التي تدار بها الشؤون العامة، ليتمكنوا من مساءلة السلطة التي انتخبوها وأعادة تقيمها على ضوء الوعود التي قدمتها في برنامجها الانتخابي . والشفافية من وجه اخر واجب يقع على عاتق السلطة العامة تجاه المواطنين ، فمن واجب السلطة العامة ان تتيح للمواطنين ان يطلعوا على خطط الدولة ومشاريعها ونسبة الانجاز وكفائته ومدى عقلانية الانفاق عليها ،وقد ثبت بالتجربة ان الشفافية تسهل كشف حالات الفساد وهدر المال العام وسوء استغلال السلطة والنفوذ ومعاقبة مرتكبيها ، كما ان لها دورا وقائيا مهما من خلال تصويب الاداء ومعالجة الاخطاء قبل استفحال امرها لما تتيحه من امكانية مشاركة ابناء المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني والاعلام في الجدل حول الامور العامة والنقد الذي يسهم في التنبيه للاخطاء وايجاد البدائل . وفق ماتقدم فأن المساءلة تعني ان يكون اعضاء السلطة العامة مسؤولين عن اعمالهم امام الشعب وفي حالة ثبوت فسادهم يمكن مقاضاتهم بغض النظر عن سمو مراتبهم الوظيفية او السياسية . يتضح مما تقدم ان هناك علاقة وثيقة بين الشفافية والمساءلة او الرقابة والديمقراطية ، فالديمقراطية بدون شفافية ورقابة ومساءلة مجرد وهم او خدعة أو هي اعادة انتاج للقيم التسلطية تحت اسم براق . والرقابة انواع من حيث الجهة التى تمارسها والجهة التى تمارس عليها فهناك الرقابة السياسية( الرقابة البرلمانية ورقابة الرأى العام ) والرقابة الادارية والرقابة القضائيةاولا- الرقـابـة البـرلمانية : من صميم صلاحية السلطة التشريعية فى دول الديمقراطية النيابية ، بالاضافة الى سن التشريعات ، فرض الرقابة البرلمانية على اعمال السلطة التنفيذية من سياسية ومالية وادارية ، ولها حق سحب الثقة من الحكومة وأسقاطها ، وطالما ان السلطة التنفيذية تعلم بأن اعمالها معرضة للرقابة فان ذلك يدعوها الى ان تقوم باعمالها وتصرفاتها بشكل يتفق والقواعد القانوني . ويحدد دستور الدولة طرق الرقابة البرلمانية ، وتتم بعدة وسائل منها ، توجيه الاسئلة للوزراء او استجوابهم او تشكيل لجان تحقيق لكشف الخلل والنظر فى العرائض والشكاوى التى يتقدم بها الافراد ضد الادارة . وتمارس السلطة التنفيذية الرقابة على البرلمان حسب النظم البرلمانية من خلال صلاحية حل البرلمان واجراء الانتخابات ، وتعرف هذه الرقابة في الادبيات القانونية بالرقابة السياسية.ثانيا – الرقـابــة الاداريــة : وتتم بأن تقوم الادارة نفسها بمراقبة ماتقوم به من اعمال وتصرفات ، اما بناء على تظلم الافراد ، او ان تقوم الادارة بذلك من تلقاء نفسها ، وتتم هذه الرقابة باحدى الصور الثلاث التالية : الرقابة الذاتية ( التظلم الولائي ) : وتتم بأن يتقدم المتضرر من قرار الادارة الى مصدر القرار الادارى المخالف للقانون بطلب لاعادة النظر في القرار لتصحيح ماشاب القرار من خطأ وذلك بتعديل القرار او سحبه او بأصدار قرار غيره ، بعد ان يبين له اوجه الخطأ الذى شاب القرار .الرقابة الرئاسية ( التظلم الرئاسي ) : وتتم بأن يتقدم المتضرر من القرار الاداري الى رئيس مصدر القرار ، حيث يقوم الرئيس وفقا لسلطته الرئاسية حسب قواعد التسلسل الاداري بسحب القرار او الغائه او تعديله او استبداله بحيث يصبح القرار موافقا للقانون ، كما قد يقوم الرئيس من تلقاء نفسه بممارسة هذه السلطة دون تظلم من المتضرر ، استنادا الى حق الرئيس فى التعقيب على اعمال المرؤوسين .الرقابة بواسطة لجنة ادارية : حبث تتم الرقابة بواسطة لجنة ادارية خاصة تتشكل من موظفين اداريين وقانونيين من مستوى معين ، تملك صلاحية النظر فى التظلمات التى يتقدم بها الافراد او الهيئات للطعن ببعض القرارات الادارية .ثالثا – الـرقــابـة الـقضـائـيـة : لقد اثبتت التجارب ضعف الرقابة الادارية على ذاتها ، اذ ليس من المنطق ان يكون الشخص نفسه قاضيا وخصما في نفس الوقت ، كما ان السلطة التشريعية قد تسن ، لسبب او لاخر ، قوانين تتعارض مع الدستور ، لذلك كان لابد من رقابة محايدة مستقلة ، تتمثل بالقضاء ، يمكن الاعتراض امامها على كل تجاوز على حقوق الاشخاص سواء كان صادرا من جهة السلطة التشريعية او من جهة الادارة ، وتتمثل الرقابة القضائية ، عموما ، بالانواع التالية :

اولا -الرقابة القضائية على اعمال السلطة التشريعية ( الرقابة على دستورية القوانين )1 مفهوم الرقابة على دستورية القوانين :يتمثل مفهوم الرقابة على دستورية القوانين، بأيجاز ، في تقرير حق لهيئة ما في أن تفرض رقابتها على ما تصدره السلطة التشريعية من قوانين لتحديد مدى انسجام الأحكام التي تقررها هذه القوانين مع النصوص الدستورية، فإذا ما تبين أن السلطة التشريعية قد خالفت بقانون أصدرته مبدأً أو نصاً دستورياً، فإن السلطة التشريعية تكون بذلك قد تجاوزت اختصاصاتها ويعد ما أقدمت عليه باطلاً لمخالفته الدستور. ذلك أن القواعد الدستورية "تحتل المكانة العليا في سلم التدرج الهرمي للنظام القانوني في الدولة فهي تسمو على كل ما عداها من قوانين وإجراءات تتخذها السلطات العامة بما فيها السلطة التشريعية. والدستور حين ينشئ الهيئة التشريعية، يحدد لها الاختصاصات ويضع القيود وينظم الإجراءات التي تمارس بها تلك الاختصاصات. فإذا خالفت الهيئة التشريعية الدستور، أو خرجت عن حدود الاختصاصات التي رسمها لها أو تحللت من القيود التي وضعها، تكون قد جاوزت سلطتها ويبطل كل إجراء تتخذه في هذا الشأن .وتتعدد أشكال الرقابة على دستورية القوانين وتختلف من نظام إلى آخر تبعاً لاختلاف التنظيم الدستوري لشكل هذه الرقابة وآلياتها. فهناك رقابة سياسية ورقابة قضائية، والرقابة السياسية على دستورية القوانين تتمثل في قيام هيئة سياسية بممارسة تلك الرقابة بناءً على نص دستوري يمنح تلك الهيئة السياسية ممارسة حق الرقابة على دستورية القوانين، وأبرز مثال على الرقابة السياسية هي الرقابة التي يمارسها "المجلس الدستوري" في فرنسا وهو هيئة سياسية نص على تشكيلها وتحديد إختصاصاتها الدستور الفرنسي الصادر عام 1958.أما الرقابة القضائية فهي تلك الرقابة التي تمارسها هيئة قضائية تختص بالفصل في مدى دستورية أي نص قانوني تصدره السلطة التشريعية، وأبرز مثال على هذا النوع من الرقابة هو الرقابة القضائية في ظل دستور الولايات المتحدة الأمريكية. وفي البلدان العربية يأخذ كل من الدستور المصري والدستور الكويتي بمثل هذا النوع من الرقابة. ويزخر فقه القانون الدستوري بما يؤكد مزايا الرقابة على دستورية القوانين، وبالأخص الرقابة القضائية. لما في ذلك من ضمان أن تكون كافة القوانين الصادرة من السلطة التشريعية واللوائح الصادرة من السلطة التنفيذية غير مخالفة للدستور. وتتضح مزايا هذه الرقابة وما يتولد عنها من ضمانات في الدول التي لم تقصر حق الطعن بعدم دستورية أي قانون على السلطات العامة بل قررته أيضاً كحق لكافة الأفراد، لما في ذلك من تكريس لضمانة أساسية تتمثل في حق الكافة في الدفاع عن حقوقهم المقررة لصالحهم بموجب النص الدستوري وضمان عدم تحميلهم لأعباء وواجبات تتجاوز تلك الواجبات المقررة على عاتقهم بموجب الدستور. بل ربما يكون تقرير هذا الحق للأفراد هو الوسيلة الأخيرة لهم في الدفاع عن حقوقهم إذا ما أصاب الفساد جسم الهيئة التشريعية نتيجة الصراعات السياسية والتوازنات الحزبية، وفي ذلك يقول، بحق، الدكتور عثمان عبد الملك الصالح رحمه الله "وبذلك كله تلزم السلطات حدودها فلا يصبح التشريع أداة تعسف في يد السلطة، في عصر كثرت فيه التشريعات بازدياد تدخل الدولة في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فأزداد الخوف من أن يؤدى هذا التوسع في تدخل الدولة إلى انكماش المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه العلم الدستوري، وهو مبدأ الشرعية والحكومة المقيدة" . وهذا الرأي، الذي يقرر بأن الغاية الحقيقية من تقرير حق الرقابة على دستورية القوانين وهي حماية حقوق وحريات الأفراد من خطر الاعتداء عليها من أي سلطة من سلطات الدولة بما فيها السلطة التشريعية، هو رأي يؤكد عليه معظم أساتذة القانون الدستوري ومن ذلك أن "الهدف الأساسي للرقابة على الدستورية - على إختلاف النظم القانونية التى تقررها - يتمثل في تحقيق مفهوم الدولة القانونية بإخضاع السلطات العامة في الدولة - خاصة السلطة التشريعية - للرقابة على تصرفاتها للتأكد من إلتزامها بحدود الدستور، وعدم انتهاكها للحقوق والحريات التي يكفلها للأفراد، وإلا أضحت تشريعاتها عرضة للحكم بعدم دستوريتها إذا تنكبت جادة الصواب" وطالما كانت الغاية من الرقابة القضائية على دستورية القوانين، على نحو ما سلف، هي ضمان أن تكون كافة القوانين والانظمة والتعليمات غير مخالفة للدستور، فإن أساس هذه الغاية ومفهومها يقوم على مبدأ جوهري هو مبدأ سمو الدستور ، كما اسلفنا . 2– انواع الرقابة على الدستورية : قواعد القانون الدستوري على الوجه الذي تقدم بيانه لا تجوز مخالفتها من أية جهة ولأي إجراء . لكن ما هي ضمانا ت ذلك ؟ وهنا تبنت القوانين احد نوعين من الرقابة وكما يأتي: اولا ــ الرقابة السياسية : تتمثل هذه الرقابة في هيئة مشكلة تشكيلا سياسيا وهي رقابة سابقة على إصدار القانون محل الرقابة وهذه الرقابة ميزتها أنها وقائية ومعنى ذلك أن القانون المراد تشريعه إذا كان مخالفا للدستور سوف لن يتم إصداره آلا انه يأخذ على هذا النوع من الرقابة أن أعضاء هيئة الرقابة قد لا يكونون مكونين تكوينا قانونيا يتناسب مع خطورة وأهمية هذه الرقابة ومن جهة أخرى أن الطابع السياسي لتشكيل هذه الهيئة قد لا يمنعها من التأثر بالاتجاهات السياسية وهو ما لا يتفق مع الهدف من هذه الرقابة . ثانيا ــ الرقابــة القضائيــة : من المعلوم أن وظيفة القضاء تتمثل في الفصل في الخصومات التي تحصل بين الأفراد والدولة أو بين الأفراد أنفسهم وهي وظيفة على درجة كبيرة من الأهمية حيث يتعلق الأمر بدماء الأفراد و أموالهم وحرياتهم.. الخ ومن جهة أخرى يفترض في القضاء قدر كبير من التكوين القانوني والحياد والنزاهة والاستقلالية وهذه الأمور مجتمعة تشكل ضمانة فاعلة لرقابة دستورية القوانين . وهنا تفرعت الرقابة إلى صورتين: الصورة الأولى ، الرقابة الأصلية : وتتمثل هذه الرقابة في تشكيل محكمة خاصة تحت اسم المحكمة الدستورية العليا أو تناط مهمة الرقابة بأعلى محكمة في البلاد . ومن ميزات هذه الرقابة أن قرارها يلغي القانون المخالف للدستور وان لهذا الحكم حجية مطلقة أي انه ملزم لسائر المحاكم والجهات التي تطبق القانون كذلك من ميزات هذه الرقابة أن أي فرد يرى في قانون معين مخالفة للدستور يستطيع أن يتقدم لهذه المحكمة طالبا إلغاء هذا القانون . الصورة الثانية : الرقابة عن طريق الدفع بعدم الدستورية : هذه الرقابة تعتبر رقابة فرعية ولا يحق لأي مواطن الطعن بعدك دستورية القوانين بصورة أصلية بمعنى آخر إذا رأى المواطن أن قانونا ما يخالف الدستور فلا يحق له أن يتقدم للمحكمة للطعن بهذا القانون بل ينتظر إلى أن يكون في موقف محل دعوى قضائية يطبق عليه القانون فيها وعند ذاك يبادر في الطعن في القانون . وفي هذه الحالة على القاضي النظر في صحة هذا الطعن فأذا تبين له صحته يتوقف عن تطبيق القانون فحسب ويكون قرار الحكم هنا خاصا بالقضية المعروضة فقط لذلك قيل بأن هذا الحكم حجيته نسبية أو قاصرة . ومعنى ذلك أن المحاكم الأخرى بل المحكمة نفسها غير ملزمة بالحكم الصادر في هذه القضية في قضايا اخرى ولو مشابهة ويتضح أن هذا الحكم يعتبر مجرد امتناع عن تطبيق القانون باعتباره قانونا غير دستوري بخلاف حكم المحكمة الدستورية العليا الذي يقرر إلغاء القانون. كما تلتزم السلطة التنفيذية أيضاً بأن لا تصدر قرار أو لائحة تتضمن ما يخالف الدستور. بل أن هذا الالتزام ينصرف أيضاً إلى السلطة القضائية التى يتوجب عليها الإمتناع عن تطبيق أي نص قانوني إذا ما أثير أمامها جدال يتعلق بعدم دستورية ذلك النص .الرقابة على دستورية القوانين في العراق :اناط القانون الاساسي العراقي الصادر عام 1925 في المادة الحادية والثمانون منه مهمة الرقابة على دستورية القوانين بـ (المحكمة العليا ) ونص على انها تؤلف من ثمانية اعضاء عدا الرئيس، ينتخبهم مجلس الأعيان أربعة من بين أعضائه، وأربعة من كبار الحكام، وتنعقد برئاسة رئيس مجلس الأعيان . وللمحكمة اذا ما وجدت ان قانون ما غير دستوري فلها اصدار حكمها بالغاءه من تاريخ صدور قرارها ، على ان تتكفل الحكومة بازالة الاضرار المتولدة عن الغائه. ولم يسمح للافراد في ظل القانون الاساسي بالطعن في القوانين غير الدستورية اذ حصر هذا الحق بالسلطة التنفيذية . ولم تتضمن الدساتير العراقية التالية للاعوام ( 1958 ، 1963 ، 1964 ) نصوص تتعلق بالرقابة على دستورية القوانين. الا ان المادة ( 87) من الدستور المؤقت لعام 1968 قد نصت على ان تشكل بقانون محكمة دستورية عليا تقوم بتفسير احكام الدستور والبت في دستورية القوانين وتفسير القوانين الادارية والمالية والبت بمخالفة الانظمة للقوانين الصادرة بمقتضاها ويكون قرارها ملزماً. واذا قررت المحكمة ان قانون ما قد خالف الدستور فانه يعد ملغياً من تاريخ صدور الحكم ولم يكن للافراد في ظل هذا الدستور الحق في ان يتقدموا بطعن الى هذه المحكمة وبذلك فقدت ضمانة اساسية لكفالة حقوق الافراد وحرياتهم من الاعتداء عليها وعلى العموم لم تمارس هذه المحكمة أي شكل من اشكال الرقابة على دستورية القوانين طول مدة نفاذ هذا الدستور اما الدستور المؤقت لعام 1970 فد جاء خالياً من الاشارة للرقابة وكذلك الامر بالنسبة لمشروع دستور جمهورية العراق لعام 1990 .

الرقابة الدستورية في ظل دستور جمهورية العراق لعام 2005 :اقر دستور جمهورية العراق لعام 2005 الرقابة على دستورية القوانين والانظمة وعهد بهذا الاختصاص الى (المحكمة الاتحادية العليا ) وقد نص في المادة 92 منه (اولا ــ المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة مالياً وادارياً.. ثانياً:- تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة، وخبراء في الفقه الاسلامي، وفقهاء القانون، يحدد عددهم، وتنظيم طريقة اختيارهم، وعمل المحكمة بقانون يسن باغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب)). وحددت المادة (93) من الدستور اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا ومنها: الرقابة على دستورية القوانين والانظمة، وتفسير نصوص الدستور، والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والانظمة والتعليمات والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية والى جانب الرقابة على دستورية القوانين تمارس المحكمة اختصاصات اخرى من قبل النظر في المنازعات الحاصلة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارات المحلية المجلة والمنازعات التي تحصل بين حكومات الاقاليم والمحافظات الى جانب الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب ، كما تتمتع هذه المحكمة بسلطة الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية في الاقاليم والمحافظات وبين الهيئات القضائية في الاقاليم والمحافظات. ويكفل الدستور حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الافراد وغيرهم حق الطعن المباشر لدى هذه المحكمة. ويتبين من هذا النص ان مشرعنا الدستوري قد اقر بضمانة اساسية للمواطنين توفر لهم الحماية من القوانين والانظمة الجائرة المتعارضة مع الدستور ذلك انه اتاح للافراد حق الطعن في دستورية القوانين مباشرة لدى المحكمة العليا. ثانيا - الرقابة القضائية علـى اعـمال الادارة :يمثل القانون الاداري وتطبيقاته العملية المتمثلة بالقضاء الاداري المجال الرحب للصراع الخالد بين السلطة العامة والمصلحة العامة من جانب والحرية الفردية وحقوق الفرد من جانب اخر . اذ كثيرا ماتتعسف الادارة العامة في قراراتها الموجهة للافراد وقد تغمط حقوقهم المشروعة التي قررتها القوانين او تتلكأ في تنفيذها مما تفقد القوانين الاصلاحية محتواها الانساني والاصلاحي وقد تكون صلاحياتها الواسعة تجاه الافراد وسيلة للفساد والكسب غير المشروع والمحسوبية والمنسوبية ولقد ثبت من خلال الممارسة العملية ضعف الرقابة الادارية على اعمال الادارة ، وكذلك الحال بالنسبة للرقابة البرلمانية على اعمال الادارة ، وان هذين الشكلين من اشكال الرقابة لم يفيا بالغرض المرجو منهما من تحقيق مبدأ سيادة القانون ، لكل ذلك كان لابد من اسنادالرقابة على اعمال الادارة الى القضاء ، وهو ما اصطلح شراح القانون الاداري على تسميته" الرقابة القضائية على اعمال الادارة "وتهدف الرقابة القضائية الى حماية الافراد وحقوقهم وحرياتهم، وذلك بالغاء القرارات الادارية المخالفة للقانون ، والتي الحقت ضررا بالافراد ، او بالحكم بتعويضهم عن الضرر الذي يمسهم من جراء تسيير المرافق العامة ، او بفعل الموظفين العموميين في الدولة .ميزات الرقابة القضائية : تمتاز الرقابة القضائية عن كل من الرقابة البرلمانية والرقابة الادارية ، من انها لا تقوم الا بناء على تظلم من الافراد او الهيئات . فالرقابة القضائية لا يحركها القضاء من تلقاء نفسه ، بل ترفع بها دعوى لكي يتدخل القضاء ويمارس رقابته على اعمال الادارة ، اذ القاعدة في عمل القضاء انه لايتدخل من تلقاء نفسه لفض المنازعات . اساليب تنيظم الرقابة القضائية على اعمال الادارة : . تختلف الدول في الطريقة التي تنظم بها الرقابة القضائية على اعمال الادارة ، فمنها ما يأخذ بنظام القضاء الموحد ، حيث لا يوجد بها قضاء اداري مستقل عن القضاء العادي ، فالقضاء العادي يختص في النظر في جميع النزاعات سواء كانت بين الافراد او بين الافراد والادارة ، وسواء اكانت هذه النزاعات مدنية او تجارية او ادارية . ومن هذه الدول ما يأخذ بالنظام القضائي المزدوج ، حيث توجد جهتان قضائيتان ، احداهما تختص بنظر النزاعات الادارية ممثلة بالمحاكم الادارية ، والثانية تختص بالنزاعات بين الافرا د ، وهي المحاكم العادية ، ومن الدول التي تأخذ بالنظام القضائي الموحد بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية ، وبناء على ذلك يسمى النظام القضائي الموحد بالنظام الانكلوسكسوني . ومن الدول التي تأخذ بالنظام القضائي المزدوج ، فرنسا والتي تعتبر مهد هذا النظام ، و قد سارت على نهجها دول اخرى ، منها مصر منذ صدور قانون مجلس الدولة المصري سنة1946، وسورية ولبنان . وسنعمل على استعراض النظام القضائي الموحد في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية ، والنظام القضائي المزدوج .اولا- نظام القضاء الموحد (النظـــام الانكلوسكسوني)يقصد بتعبير نظام القضاء الموحد ، وجود قضاء واحد في الدولة يشمل اختصاصه كافة المنازعات ، سواء قامت بين الافراد او بين الادارة والافراد ، وسواء تعلقت بأمور ادارية او مدنية او تجارية . وسنتكلم عن النظام القضائي الموحد في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية .1- الاسلوب الانكليزي في الرقابة القضائية على اعمال الادارة :للنظام القضائي البريطاني اسباب تاريخية فيما يتعلق برقابة القضاء على اعمال الادارة ، اذ توجد قاعدة دستورية قديمة مؤداها ان " الملك " لا يخطئ ، وحيث ان المفهوم الانكليزي يخلط بين الملك والدولة ، مما ينبني عليه ان الدولة لا تخطئ ، وحيث ان الدولة لا تخطئ فانها لا تتعرض لاية مسؤولية . وان الدولة كادارة لا تسأل عن اعمال موظفيها التي تلحق ضررا بالغير بسبب ما يرتكبونه من اخطاء . انما يسأل الموظف شخصيا ، بحيث لا يستطيع المتضرر ان يرفع دعواه على الادارة ، انما يرفعها على الموظف مباشرة . الا ان مبدأ عدم مسؤولية الادارة في انكلترا وردت عليه بعض الاستثناءات والتي يمكن ايجازها على النحو التالي :1- الدولة مسؤولة عن العقود التي تبرمها ، أي انها تسال مسؤولية عقدية .2- يقتصر عدم مسؤولية الدولة التقصيرية على اعمال الموظفين التابعين للمصالح العمومية والهيئات التابعة للادارة المركزية التي هي من فروع التاج حيث تستفيد من حصانته . الا ان الادارة تسأل عن اعمال الموظفين التابعين للهيئات المحلية لانها لا تعد فرعا رسميا للتاج . والقضاء وحده هو المختص بتقرير صفة الهيئة وذلك لتحديد مسؤوليتها من عدمها .سلطات القاضي الانكليزي تجاه الادارة : تملك المحاكم العادية في انكلترا سلطات واسعة وخطيره في مواجهة اعمال الادارة . اذ يملك القاضي الانكليزي الحكم على الموظف بعقوبة جنائية اذا وجد ان الفعل يشكل جريمة جنائية ، كما يحكم عليه بالتعويض اذا توافرت اركان المسؤولية التقصيرية. 3- والقضاء الانكليزي اسهم في مجال مسؤولية الدولة التقصيرية بالتوسع في تقريره لمسؤولية الدولة في هذا المجال ، وذلك في العديد من القضايا التي عرضت عليه . ونتيجة لتعاون الفقه والقضاء والمشرع في التضييق من نطاق عدم مسؤولية الدولة ، وذلك بتقرير مسؤوليتها في حالات محددة ، الا ان هذه الحالات لا تعدو ان تكون اكثر من استثناء من المبدأ الاساسي وهو عدم مسؤولية الدولة التقصيرية . وفي هذا الصدد يختلف القضاء الانكليزي عن القضاء الفرنسي ، حيث ان سلطة القاضي في النظام الاخير تنحصر في توجيه اوامر مكتوبة الى الموظفين تأمرهم بفعل شئ او الامتناع عن فعل شئ ، او تعديل قرار .2 - الاسلوب الامريكي في الرقابة القضائية على اعمال الادارة : كما قلنا سابقا تطبق الولايات المتحدة الامريكية النظام المطبق في انكلترا ، فالمحاكم العادية هي صاحبة الولاية والاختصاص بالنظر في جميع المنازعات من ادارية ومدنية وتجارية ، ولا تعرف الولايات المتحدة المحاكم الادارية . وتأخذ الولايات المتحدة بمسؤولية الموظف الشخصية عما يلحقه من ضرر بالافراد . ويتمتع القاضي الامريكي بنفس السلطات الواسعة التي يتمتع بها القاضي الانكليزي . ان النظام الامريكي يختلف عن النظام الانكليزي فيما يخص مسؤولية الدولة ، فالقاعدة الدستورية ان " الملك " لا يخطئ ، وبالتالي فان الدولة غير مسؤولة في انجلترا استنادا لهذه القاعدة ، بينما نجد القانون الامريكي يقرر مسؤولية الدولة عن اخطاء موظفيها . الا ان المسؤولية في القانون الامريكي لا تقرر بحكم قضائي ، اذ لا يملك الافراد مقاضاة الدولة امام المحاكم العادية ، والسلطة الوحيدة في النظام القضائي التي تملك الامر للدولة بدفع مبلغ من المال هي السلطة التشريعية . مما ادى الى حرمان المحاكم العادية من نظر دعاوى المسؤولية التي ترفع على الدولة . وعلى الفرد الذي يطالب بحق مالي من قبل الدولة كتعويض له عن ضرر الحقته به الادارة ان يرفع الامر بموجب عريضة الى البرلمان ، ولما كان يتعذر على البرلمان فحص جميع الطلبات المقدمةاليه ، فقد انشأ من داخله هيئات سماها " محاكم الطلبات " بحيث تقوم هذه الهيئات بفحص الطلبات وتقديم تقرير عنها الى البرلمان . وهذه الهيئات ليست محاكم بالمعنى المقصود بالمحاكم ، لان لها راي استشاري بحت ، والكلمة النهائية هي البرلمان ، ولقد رفضت المحكمة العليا الطعون المقدمة ضد الاحكام التي تصدرها هذه الهيئات ، لانها ليست احكاما قضائية ، بل هي مقترحات والقرار النهائي للبرلمان . الا ان محاكم الطلبات تحولت في بعض الولايات من هيئات استشارية الى محاكم قضائية ، حيث منحت اصدار احكام لا تخضع للتعقيب من اية جهة كانت . الا هذه المحاكم لا تعتبر محاكم ادارية مستقلة عن القضاء العادي ، بل هي محاكم عادية تقبل احكامها الطعن امام المحاكم العليا ثانيا - نظام القضاء المزدوج : (النظـام الفرنـسي )في نظام القضاءالمزدوج تقوم بالوظيفة القضائية جهتان قضائيتان ، جهة القضاء العادي التي تختص بالمنازعات التي تنشأ بين الافراد ، وجهة القضاء الاداري التي تنظر في المنازعات الادارية وتتكون جهة القضاء الاداري من عدد من المحاكم الادارية اهمها وعلى قمة هرمها مجلس الدولة . اما جهة القضاء العادي فتتألف من المحاكم العادية على اختلاف انواعها ودرجاتها ، وعلى رأسها محكمة النقض . وفرنسا هي مهد النظام القضائي الاداري المستقل والمتميز عن القضاء العادي ، وكانت نشأة هذا النظام وبداية تطوره خلال القرن التاسع عشر ، ولقد حقق هذا النظام نجاحا فاق كل تصور في حمايته لحقوق الافراد ضد تعسف الادارة ، كما انه استطاع تأمين حسن سير الادارة من جراء محافظته على التوازن بين الصالح العام والمصلحة الفردية مما استرعى انتباه الدول الاخرى ، التي عملت على تبنيه والاخذ به .نشأة هذا النظام واسسه :اما عن اساس هذا النظام فإنه يقوم على اساسين احدهما سياسي دستوري والاخر تاريخي : : أولا :- الاساس السياسي الدستوري : يرى مبتدعو هذا النظام بأنه ماهو الا تطبيقا لمبدأ فصل السلطات الذي نادى به مونتسكيو ، وتبناه من بعده مشرعو الثورة الفرنسية ، كما انه ومن جهة اخرى يعتبر بمثابة رد فعل لسلطة المحاكم التي تعتدي على الادارة وتعيق نشاطها . ومن الملاحظ بأن الفرنسيين قد فسروا مبدأ فصل السلطات تفسيرا خاصا بهم ، مما ادى الى فصل الهيئات الادارية عن الهيئات القضائية فصلا تاما ، وفصل السلطات وفقا للمفهوم الفرنسي استقلال احداها عن الاخرى استقلالا تاما ، مما يعني عدم خضوع الادارة للمحاكم العادية . والتفسير الفرنسي لفصل السلطات يخالف التفسير الانكلوسكسوني الذين يرى ان فصل السلطات يقصد به تخصص كل سلطة في وظيفة معينة ، لهذا طبقوا نظام القضاء الموحد ، الذي لم يجدوا فيه أي اخلال بمبدأ فصل السلطات .ثانيا :- الاساس التاريخي : لقد عرف الفرنسيون ابان العهد الملكي المحاكم التي كانت تسمى (PARLEMENTS) وهذه المحاكم كانت تتدخل في اعمال الادارة الملكية . وعند قيام الثورة الفرنسية التي كان رجالها لديهم اسوأ الذكريات عن هذه المحاكم ، ولذا كان من اول القرارات الصادرة عن الجمعية الوطنية التأسيسية قرار الغاء هذه المحاكم ، ومع ذلك لم يكن لرجال الثورة ثقة في المحاكم القضائية الجديدة التي حلت محل المحاكم القديمة ، فعمل مشرعو الثورة على فصل الادارة ومنازعاتها عن رقابة المحاكم . وصدر قانون في ( 16- 24 ) اغسطس من سنة 1790 ملبيا لهذا الغرض ، حيث نص على ان ( الوظائف القضائية متميزة وتظل دائما منفصلة عن الوظائف الادارية ) ولقد فسر هذا النص على انه يعني ما يلي: 1- لا يجوز للموظفين الاداريين مباشرة الوظيفة القضائية ، كما لا يجوز للمحاكم ان تباشر اعمالا ادارية ، حيث انه لا يجوز لها اصدار لوائح ادارية ، او تأمر الادارة او تنهاها .2- لا يجوز للمحاكم النظر في المنازعات الادارية ، حيث انه وفي نظرها للمنازعات الادارية تستطيع فحص اعمال الادارة ومراقبة تصرفاتها ، مما يجعلها هيئة رئاسية تهيمن علىالادارة ، مما حدا بالمشرع استبعاده لتعزير استقلال الادارة . يرى شراح فقه القانون ان تفسير مشرعي الثورة الفرنسية لمبدأ الفصل بين السلطات يتعارض مع المعنى الحقيقي لهذا المبدأ ، كما عرضه مونتسكيو في كتابه المشهور " روح القوانين" ، ولم يكن يقصد من هذا المبدأ انفصال السلطات احداها عن الاخرى بصفة تامة ، انما قصد استقلال كل سلطة بوظيفتها ، وعدم اعتداء أي منها على الاخرى تطور نظام القضاء المزدوج في فرنسا : لقد مر نظام القضاء المزدوج في فرنسا بثلاث مراحل: اولا ـ مرحلة الادارة القاضية : كانت هذه المرحلة نتيجة للاخذ بمبدأ استقلال الهيئات الادارية والقضائية طبقا للقانون الصادر سنة 1790 ، بحيث عهد الى الادارة نفسها بالفصل في المنازعات التي تنشأ بينها وبين الافراد ، لذا سمي هذا النظام بالادارة القاضية ، مما وضع الادارة في موضع الخصم والحكم ، وهذا الامر يتنافى مع مفهوم العدالة . ثانيا ـ الهيئات الاستشارية : استمرت مرحلة الادارة القاضية ، والتي يمارسها الوزراء وحكام الاقاليم ، حتى السنة الثامنة للثورة الفرنسية ، اذ جاءت القنصلية ، التي انشأت هيئات ادارية استشارية بجانب الادارة العاملة ، وكان اهم هذه الهيئات مجلس الدولة ومجالس الاقاليم كنتيجة للنص عليها في المادة ( 52) من دستور السنة الثامنة وانيط بهذه الهيئات النظر في قضاء الادارة، وبموجب هذه الخطوة تم فصل الوظيفة القضائية عن الادارة العاملة ، بحيث انيطت بهيئات متخصصة . والهيئات المذكورة لم تكن لتفصل كقضاء، وانما كانت تقترح حلا يقدم للرئيس الاداري لاعتماده ، الا ان الرئيس كان يعتمد هذه الحلول بصفة الية ، وتم اطلاق اسم " القضاء المحجوز " على هذه المرحلة التي استمرت حتى سنة 1872 . . 3ـ مرحلة القضاء المفوض : في 24مايو من سنة 1872 ، صدر قانون صحح الوضع القانوني ، بحيث جعل من مجلس الدولة محكمة تصدر احكاما ، وبذلك تحول الوضع من حالة القضاء المحجوز الى حالة القضاء المفوض . مما ترتب عليه ان احكام مجلس الدولة لم تعد بحاجة الى تصديق من الادارة ، بل اصبحت ملزمة للادارة بمجرد صدورها وقد صدرت بعد ذلك عدة تعديلات على قانون المحكمة عززت مكانتها كمحكمة بمعنى الكلمة. وتم انشاء محكمة التنازع وذلك لحسم تنازع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والاداري .القضاء الاداري في العراق :نص قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1989 الرقابة على اعمال الادارة من خلال انشاء انشاء مجلس الانظباط العام ومحكمة القضاء الاداري .ويختص مجلس الانظباط العام بانظر في نوعين من المنازعات الادارية الاول النظر في الطعون المقدمة ضد العقوبات التأديبية وفقاً لقانون انظباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 اما الاختصاص الثاني فيتعلق بالنظر في دعاوى الموظفين الناشئة عن حقوق الخدمة المدنية والتي يحكمها قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل والار رقم 30لسنة 2003 الصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة . والهيئة القضائية الاخرى تتمثل بمحكمة القضاء الاداري التي تختص بالنظر في صحة الاوامر والقرارات الادارية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي التي لم يعين مرجع للطعن فيها والتعويض عنها اذا ما رفع طلب التعويض تبعاً لطلب الالغاء . ونص البند ( هـ ) من الفقرة ( ثانيا ) من المادة ( 7) من القانون ( هـ . يعتبـر من اسبـاب الطعـن بوجـه خـاص ما يأتـي : 1 ـ ان يتضمن الامر او القرار خرقاً او مخالفة للقانون او الانظمة او التعليمات .2 ـ ان يكون الامر او القرار قد صدر خلافاً لقواعد الاختصاص او معيباً في شكله . 3 ـ ان يتضمن الامر او القرار ، خطأ في تطبيق القوانين او الانظمة او التعلمات او في تفسيرها او فيه اساءة او تعسف في استعمال السلطة ويعتبر في حكم القرارات او الاوامر التي يجوز الطعن فيها رفض او امتناع الموظف او الهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي عن اتخاذ قرار او امر كان من الواجب عليها اتخاذه قانوناً . وقد اورد القانون بعض الاستثناءات على ولاية محكمة القضاء الاداري ونرى عدم امكان الاخذ بها في الوقت الحاضر في ظل المباديء الدستورية التي جاء بها دستور جمهورية العراق لعام 2005 وتطبيقا للقانون رقم (17) لسنة 2005 الخاص بألغاء النصوص القانونية التي تمنع المحاكم من سماع الدعاوى .ويلاحظ ان المشرع لم يمنح هذه المحكمة ولاية النظر في في المنازعات المتعلقة بالعقود الادارية ، في حين تعتبر منازعات العقود الادارية من صميم اختصاص القضاء الاداري في الدول التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج .

القـســم الـثـا نـي

الادارة الـعــامــة والـقــــواعـــد التى تـحـكـم عـمـلـها

يتولى القانون الاداري تنظيم شؤون الادارة العامة ، ويعرف القانون الاداري بأنه ( مجموعة القواعد القانونية التي تتعلق بتنظيم وتكوين الهيئات الادارية وبيان اختصاصاتها وكذلك القواعد التى تحكم علاقة هذه الهيئات بالافراد وتنظيم اعمال الرقابة الادارية والقضائية على اعمال الادارة ) . ويوصف القانون الاداري بأنه قانون قضائى لان اغلب قواعده هى من خلق القضاء .وتعرف الادارة العامة بأنها ( ذلك النشاط المتميز ذي الطبيعة التنفيذية الذي يتمثل بأشباع الحاجات العامة ، المتعلقة بتنظيم سير المرافق العامة وحماية النظام العام ، والذي تقوم به الدوائر والمنشأت والمنظمات المملوكة للدولة ، مستخدمة اسلوب السلطة العامة في ممارسة عملها ) . وأداة الادارة العامة فى تنفيذ مهامها هى الوظيفة العامة التى تتكون من مجموع الموظفين العموميين المتوزعين فى كل اقاليم الدولة وحسب السلم الاداري للدولة .والوظيفة العامة واجب وطني وخدمة اجتماعية تشرف كل من يقوم بها ، لان خدمة ابناء الشعب وتسهيل امورهم ومساعدتهم بأخلاص على تحقيق امانيهم وتطلعاتهم المشروعة ، شرف كبير . ولكنها ليست امتياز لمن يلتحق بها او تفضلا على الجماهير ، فخدمة الموظف لللمواطنين واجب يفرضه القانون عليه ويحاسبه اذا اخل به ، وقد نص قانون العقوبات العراقى النافذ على انواع الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة والعقوبات المقررة لكل منها ، اضافة لما هو مقرر من عقوبات انضباطية بموجب القانون رقم 14 لسنة 1991 .والعمل الاداري ركيزة مهمة من ركائز التطور الحضاري وسلما لارتقاء الافاق الواسعة للبلدان ، وقد قاد رجال الادارة المخلصين بلدانهم الى افاق التطور والتقدم مما جعلها دولا عظمـى ، كل ذلك اذا ادرك رجال الادارة العامة ان الربح الحقيقي في الحياة هو مقدار مايقدمه المرء من خدمة لابناء وطنه .تمييز نشاط الادارة العامة من النشاط الخاص : يشتركان في ان لكل منهما هدف يسعى اليه وان لكل منهما وسائل معينة لبلوغ ذلك الهدف ، الا ان اهدافهما ووسائلهما مختلفة :من حيث الهدف : يهدف النشاط الخاص في الغالب الى تحقيق نفع مادي (ربح) خاص لصاحبه،اذ تحرك هذا النشاط المصالح الخاصة .بينما يهدف النشاط الاداري الى تحقيق النفع العام والمصلحة العامة ، والاجور التى يتقاضاها القطاع العام ، هي في الغالب رمزية لاتسد الا جانبا من نفقات الخدمات .من حيث الوسائل : النشاط الخاص يستخدم وسائل القانون الخاص ( القانون المدنى والتجاري ) التي تساوي بين المراكز القانونية للافراد وتعاملهم على قدر المساواة .اما الادارة العامة فانها تستخدم في نشاطها وسائل القانون العام ، التى تعطيها مركزا قانونيا خاصا ، وهي وسائل قانونية تمكنها من تحقيق اهدافها تسمى بوسائل السلطة العامة التى تغلب ارادة الادارة على ارادة الافراد لتحقيق المصلحة العامة . ومن وسائل الادارة العامة ،. القرارات الادارية ، امتياز الادارة في التنفيذ المباشر لقراراتها ولو جبرا على الافراد دون حاجة للجوء للقضاء ولكن للافراد ان يلجؤا للقضاء ، استملاك او نزع الملكية للمنفعة العامة وفقا للقانون ولقاء تعويض عادل ، حق الادارة فى تعديل عقودها الادارية بأرادتها المنفردة، عدم جواز الحجز على اموالها مقابل ديونها المستحقة للافراد ....... . الا ان هذه الامتيازات المقررة للادارة ليست مطلقة ، انما هي تخضع لرقابة القضاء من خلال الدعاوى التى يرفعها الافراد في مواجهة الادارة.

تمييز نشاط الادارة العامة من النشاط الحكومى ( اعمـال السـيادة ):أن اعمال الادارة واعمال الحكومة ( اعمال السيادة ) تمارس كلاهما من قبل السلطة التنفيذية، وقد يصعب التمييز بينهما خاصة وأن العمل الواحد قد يوصف فى احوال معينة بانه عمل اداري وفي احوال اخرى يوصف بانه عمل حكومي .العمل الحكومي : ويتمثل بالقرارات ذات الطابع السياسي والمتعلق بشأن مهم من شؤون الجماعةالسياسية . وهى قرارات تتعلق بمصيرها ومستقبلها او يفرضها الواقع السياسي او الاجتماعي او الاقتصادي ، مثل قرار وضع خطة تنمية اقتصاديه ، قرار حل البرلمان وأجراء انتخابات جديدة ، اعلان الحرب وعقد الصلح ، قرارات تعيين كبار الموظفين والدبلوماسيين ، عقد المعاهدات الدولية ..... الخ .اما الوظيفـة الاداريـة : فتتمثل بالادارة اليومية للمرافق العامة والوفاء بالحاجات الاساسية للمجتمع في الحياة اليومية ، كاعمال توريد الماء والكهرباء والخدمات البلدية ومنح رخص للعجلات والمحلات ، والخدمات الصحية والتعليمية وخدمات الاسكان وتعبيد الطرق .........وللتمييز بين الوظيفتين الادارية والحكومية اهمية كبيرة تتمثل في ان اعمال الادارة تخضع للرقابة البرلمانية والقضائية والادارية بينما اعمال الحكومة لاتخضع لرقابة القضاء الاداري وانما تخضع للرقابة البرلمانية فقط .مبدأ المشروعية في العمل الاداري : سبق القول ان على الادارة ، وهي تباشر مختلف اوجه نشاطها، ان تلتزم حدود القواعد القانونية التى تحكم هذا النشاط ، بحيث لايجوز لها ان تقوم باي عمل قانوني او مادي الا وفقا لاحكام القانون ووفق الاجراءات الشكلية المحددة فيه تحقيقا لاهدافه وهي تحقيق المصلحة العامة للمجتمع ، فمن اين يستمد العمل الاداري مشروعيته ؟مصادر المشروعية هي ( الدستور ، القوانين ، القرارات التنظيمية ، الاحكام القضائية ، العرف الاداري ، مبادىء القانون العامــة ).1–الدســــــتـــورما دام ان الدستور هو الذي اوجد السلطات في ال

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك