بقلم: فارس حامد عبد الكريم نائب رئيس هيئة النزاهة العامة
تعتبر القرارات الادارية من المسائل الحيوية المؤثرة في سياسات الدولة العامة واسلوب تنفيذها ، وهي جوهر العملية الادارية ، لأن نظرية القيادة الحديثة لاتخرج عن كونها نظرية اتخاذ القرارات المؤثرة والفاعلة ، والقرار الاداري يخضع لمبدأ الشرعية ، اي ان تتم جميع تصرفات السلطات العامة في اطار القواعد الدستورية والقانونية والاكان التصرف معيبا وباطلا يستوي في ذلك ان يكون التصرف ايجابيا كالقيام بعمل اوسلبيا كالامتناع عن عمل يوجبه القانون ، وعدم مشروعية القرار قد ترتب المسؤولية الجنائية في حالات معينة. ويقصد بعيوب القرار الاداري ، أو حالات إلغائه ، مختلف العيوب التي تصيب القرار الإداري والتي يمكن أن تؤدي الى الغاء القرار الاداري عن طريق دعوى الإلغاء .ولما كانت عناصر القرار الاداري هي الاختصاص والشكل والسبب والمحل والغرض او الغاية ،فتكون اشكال عدم المشروعية التي تعيب القرار الاداري هي :-1ـ عدم المشروعية التي تتعلق بالجهة التي تصدر القرار ( عدم الاختصاص).2ـ عدم المشروعية التي تتعلق بالاشكال والاجراءات (عيب الشكل ).3ـ عدم المشروعية التي تتعلق باسباب القرار.4ـ عدم المشروعية التي تتعلق بمحل القرار. ( عيب مخالفة القانون).5ـ عدم المشروعية التي تتعلق بالغرض(عيب الانحراف بالسلطة).ومن ذلك تظهر لنا عيوب القرار الاداري التي يمكن الاعتماد على اي منها للطعن على القرار بالالغاء كلما كان القرار يفتقد الشروط القانونية اللازمة لاصداره بالنسبة لكل عنصر من عناصره فأن ذلك يعد سبباً كافياً لطلب الالغاء امام القضاء.وفي مصر ينص قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 ، بعد ان يعدد اختصاصات المجلس " ويشترط في طلبات الغاء القرار الاداري النهائية ان يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص او عيباً في الشكل او مخالفة القوانين او الانظمة والتعليمات او خطأ في تطبيقها او الاساءة في استعمال السلطة" ويذهب جانب من الفقه المصري الى ان هذا النص وقد تكرر وفي قوانين مجلس الدولة المصري يحدد اوجه الالغاء بالاوجه التالية:-1- عيب الاختصاص . 2- عيب الشكل . 3- مخالفة القانون. 4- اساءة استعمال السلطة .وفي العراق تنص ( م- 7 /2/هـ ) قانون مجلس شورة الدولة المعدل رقم 65 لسنة 1979 على ما يأتي :- " يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يأتي " :-اولا : ان يتضمن الامر او القرار خرقاً او مخالفة للقانون او الانظمة او التعليمات .ثانيا : ان يكون الامر او القرار قد صدر خلافاً لقواعد الاختصاص او معيباً في شكله .ثالثا : ان يتضمن القرار خطأ في تطبيق القوانين او الانظمة او التعليمات او في تفسيرها او فيه اساءة او تعسف في استعمال السلطة".خصائص دعوى الالغاء:-دعوى الالغاء دعوى قضائية بكل معنى الكلمة وهي من حيث نشأتها وتطورها من خلق القضاء ، كما ان لهذه الدعوى صفة عامة ، اي انها دعوى القانون العام يمكن ان توجه ضد اي قرار اداري دون حاجة الى نص خاص ، واذا نص القانون على ان قراراً ادارياً لا تسمح الدعوى بشأنه فأن ذلك لا يشمل دعوى الالغاء ما لم يستبعد بشكل صريح. واساس قيام دعوى الالغاء هو فكرة عدم المشروعية والتي تظهر عند مخالفة الادارة لقاعدة قانونية وتوجه نحو القرار الاداري المخالف للقانون بقصد الغائه .وتعد دعوى الالغاء من النظام العام ، اي انها قائمة دون حاجة لنص يقررها اذ يمكن رفعها ضد اي قرار اداري معيب ، كما انه لا يقبل من احد ان يتنازل مقدماً عن حقه في استخدام هذه الدعاوي وكل تنازل من هذا القبيل يعتبر باطلاً.كما انها دعوى موضوعية ،اي انها دعوى القضاء الموضوعي ، بمعنى ان هذه الدعوى لا يراد بها الاعتراف بحق شخصي وحمايته ، وانما تهدف الى حماية قواعد قانونية وتعمل على ازالة مخالفتها. ويعرف الفقية فيدل دعوى الالغاء بأنها : هي تلك الدعوى التي يستطيع كل فرد صاحب مصلحة ان يلتجأ اليها ليطلب من القضاء الاداري الغاء قرار اداري تنفيذي استناداً الى عدم مشروعيته . ونتناول بالبحث تباعا عيوب القرار الاداري .اولا :ــ عيب عدم الاختصاصيجب ان يصدر القرار من الجهة التي خولها القانون هذا الاختصاص ن ويعتبر عنصر الاختصاص من اهم عناصر القرار الاداري ويترتب على عدم مراعاته بطلان القرار والغاؤه ، والإختصاص في القرار الإداري ، هو الصلاحية القانونية لفرد او عضو او لهيئة في التنظيم الاداري لاحداث آثار قانونية معينة بإسم شخص اداري عام .وهذا يعني وجوب صدور القرار الاداري عن عضو اداري وان تكون له صلاحية التعبير عن ارادة الدولة او اي شخص اداري آخر . غير ان الوجود القانوني للعضو الاداري يرجع الى وجود سند قانوني بتعينه سواء كان هذا السند قراراً اداريا او عقداً ادارياً اذا كان هذا العضو فرداً وبالقرار الصادر بتشكيله اذا كان هيئة او لجنة او مجلس . وهذه الاعمال القانونية هي التي تسبغ على عضو ما او مجموعة من الاشخاص صفة العضو التابع للدولة او اي شخص اداري آخر كما كما يسبغ عليه قدرة التعبير عن ارادة الدولة وفي حالة عدم وجود هذا السند القانوني فأن الشخص الطبيعي لا يمكن ان يعبر عن ارادة الدولة او اي شخص اداري اخر والا اعتبر مغتصباً او منتحلاً ومن ثم تكون قراراته من الناحية القانونية لا اثر لها او منعدمة .ومصادر قواعد الاختصاص بالنسبة لمختلف الهيئات الادارية تتمثل بالدستور ومختلف القوانين و الانظمة والتعليمات هذا بالاضافة الى ان القضاء يستطيع هو الاخر ان يستخلص قواعد الاختصاص على اساس من المباديء العامة غير المكتوبة من ذلك قاعدة توازي الاختصاصات وهي قاعدة غير مكتوبة اعترف بها القضاء ومقتضاها : انه اذا وجد نص يحدد لهيئة ادارية معينة اختصاص باصدار قرار معين ثم سكت عن بيان الجهة التي تملك تعديله او الغاءه فأن هذا الاختصاص يكون لنفس الهيئة التي تملك اصدار القرار . ومن ذلك ما ذهب اليه القضاء المصري من انه اذا نظم المشرع اختصاصاً بعينه ولم يعهد به الى ادارة معينة او بيان الموظف المنوط حق استعماله فيكون ذلك للموظف الذي يتفق هذا الاختصاص وواجبات وظيفته .وقواعد الاختصاص ملزمة للادارة بشكل خاص وتبدو هذه الخاصية من اعتبارها من قبيل النظام العام ومن ثم يمكن اثارة الدفع بمخالفتها امام القضاء في اي مرحلة من مراحل نظر الدعوى كما يمكن ان يثيره القاضي من تلقاء نفسه كما لا يمكن للادارة ان تتفق مع الافراد على تعديل قواعد الاختصاص ، كذلك تتميز هذه القواعد بعدم التوسع في تفسيرها ولابد ان تفسر على نحو من التفسير الضيق كما ان عدم المشروعية الناتجة عن اتخاذ القرار من هيئة غير مختصة لا يمكن ان تصحح بتصديق لاحق من الجهة المختصة.ويعرف مجلس الدولة المصري عيب الاختصاص بقوله " ان عيب الاختصاص في دعوى الالغاء هو عدم القدرة على مباشرة عمل قانوني معين جعله المشرع من سلطة او هيئة او فرد اخر".صور عيب الاختصاص ، لعيب الاختصاص صورتان:-الصورة الاولى:-اغتصاب السلطة " العيوب الجسيمة".وذلك عندما يكون العيب جسيماً وفي هذه الحالة لا يعتبر القرار مجرد قرار غير مشروع وأنما يعتبر قراراً منعدماً اي انه قرار باطل ، يجوز لصاحب العلاقة بل عليه عدم اطاعته او الالتزام به بل له ان يقاوم تنفيذه، والادارة من جانبها وهي تحاول تنفيذه تنفيذا مباشرا انما ترتكب بذلك اعتداءاً مادياً ، كما ان هذا القرار لانعدامه ليس بحاجة حسب الاصل ان يكون موضوعاً لدعوى امام القضاء لأعلان انعدامه ، لانه مجرد واقعة مادية ولكن الاوضاع العملية و الواقعية قد تجعل من هذا القرار مع انعدامه عقبة مادية في سبيل ذوى العلاقة لاقتضاء حقوقهم او الوصول اليها لذلك جاز ان يكون محل تظلم او دعوى لإعلان انعدامه ومن دون الالتزام بموعد معين ، ومن ثم جاز للادارة سحب قرارها المنعدم بأي وقت وكذلك جاز للقضاء ان يقبل الدعوى دون ان يلتزم بشرط الميعاد هذا بالاضافة الى ان الدولة اذا كانت تأخذ بنظام القضاء المزدوج ،اي لديها قضاء عادي وقضاء اداري ، ويكون الاخير مختصاً بالغاء القرارات الادارية الباطلة دون القضاء العادي ولكن عندما يكون القرار منعدماً جاز للقضاء العادي النظر بهذه القرارات ايضاً.ويطلق اصطلاح اغتصاب السلطة على عيب الاختصاص حينما يكون جسيماً غير ان الفقه لم يتفق على العيوب التي تعتبر من قبيل العيوب الجسيمة ، غير ان اغلب الفقه و القضاء المستقر يذهب الى ان حالات اغتصاب السلطة التي تؤدي للانعدام في حالات معينة منها ما يلي:-اولا- صدور القرار من فرد عادي او بعبارة اخرى من مغتصب وذلك لان الوجود القانوني لاي موظف او مكلف بخدمة عامة يرجع الى صدور قرار بتعينه او بتكليفه وهذا القرار هو الذي يسبغ على شخص ما صفة العضو الاداري او الهيئة التابع للدولة او اي شخص اداري اخر وفي حالة عدم وجود هذا القرار او عدو وجود سند قانوني فان الشخص الطبيعي لا يمكن ان يعبر عن ارادة الدولة واذا فعل يعد مغتصباً ومن ثم تكون قراراته منعدمة ولا اثر لها الا اذا كان مما يصدق عليه وصف الموظف الفعلي ومن ثم يمكن تصحيح النتائج تلك.والموظف الفعلي هو ذلك الشخص غير المختص الذي لم يقلد الوظيفة العامة اصلا اوكان قرار تقليده للوظيفة العامة معيباً من الناحية القانونية ، والاصل اعتبار قراراته التي يتخذها منعدمة ولكن لاعتبارات اجتماعية ولاعتبارات تتعلق باستقرار المراكز القانونية يعترف القانون الاداري بهذه القرارات ضمن شروط معينة وتتخلص هذه الشروط في قيام فكرة الظاهر بأن تكون عملية تقلد هذا الشخص للوظيفة متسمة بمظهر المعقولية ، او ان يباشر الوظيفة العامة تحت الحاح ظروف استثنائية ودوافع سياسية او اجتماعية او بدافع المصلحة الوطنية وعدم توقف المرافق العامة الحيوية وخاصة في اوقات الحروب وغياب السلطات العامة او انحسارها ،معنى ذلك ان من يتولى وظيفة معينة على اساس من عمل منعدم وهو القرار المتسم بالمخالفة الجسيمة و الصارخة لا يمكن ان يكون موظفاً فعلياً ومن ثم تكون قراراته منعدمة .وقد طبق هذا المبدأ فعلاً في المانيا فيما يتعلق بالقرارات التي اتخذها مجلس الموفدين ومجالس العمال سنة 1918 في نهاية الحرب العالمية الاولى وقد قرر القضاء فيما بعد ان هذه المجالس كانت قد تصرفت بهدف حماية النظام العام والصالح العام وعلى ذلك فأن قراراتها تعتبر صحيحة ومنتجة لاثارها وتسأل الدولة عنها مدنياً .وذهب القضاء الاداري الفرنسي الى تبني هذه المباديء نفسها حينما قضى بأن المجلس البلدي وقد تولى تطوعاً ادارة المرافق العامة فأن قراراته بهذا الشأن تكون صادرة من سلطة فعلية ومن ثم يصدق عليها وصف القرارات الادارية المنتجة لاثارها ونفس هذا الحكم يصدق بالنسبة للقرارات والتصرفات الصادرة من لجان التحري التي ظهرت عقب الانزال الذي قام به الحلفاء في فرنسا سنة 1944.وقد يقوم تساءل هنا عن الحكم فيما يتعلق بالقرارات التي يتخذها الموظف بعد انتهاء خدمته بسبب من اسباب المقررة لانتهاء الخدمة ؟ من المقرر فقهاً وقضاءً ان صفة الموظف العام تبقى ملازمة للشخص الى اللحظة التي يتحقق فيها سبب من اسباب انتهاء خدمته ومن ثم اي قرار يتخذه الموظف بعد ذلك يصدق عليه وصف القرار المنعدم لصدوره من المغتصب على النحو التالي:-1- حالة العزل : تزول صفة الموظف العام بإبلاغ القرار للموظف أو بمضي مدة معينة على النشر عند غيابه.2- حالة الاستقالة : تزول صفة الموظف العام من تاريخ قبول الاستقالة او بإنقضاء المدة المحدودة قانوناً من تاريخ ايداعه.3- حالة العزل : كعقوبة تبعية لعقوبة جنائية او كعقوبة تكميلية لعقوبة جنائية تزول صفة الموظف بإصدار الحكم.4- التعيين المؤقت : بالنسبة للموظف المعين لمدة محددة فصفته تزول بانتهاء المدة.5- التقاعد : بالنسبة لانهاء الخدمة لبلوغ السن القانونية لانتهاء الخدمة فأن صفة الموظف العام تنتهي بقوة القانون بتاريخ بلوغ هذه السن حتى لو صدر قرار الاحالة الى التقاعد بعد ذلك . اما اذا صدر القرار من الجهة المختصة بمد الخدمة قبل بلوغ السن المقررة لترك الخدمة فتسمى صفة الموظف العام الى نهاية المدة الجديدة وقد يكون القرار المتخذ بمد المدة معيباً وبهذه الحالة تستمر فيه صفة الموظف العام على اساس من نظرية الموظف الفعلي في الظروف الاعتيادية اذا توفرت شروطها.6- في حالة ان يقوم سبب لانتهاء الخدمة بالنسبة لبعض الموظفين او المجالس مع وجود نص قانوني يسمح لها بالاستمرار في ادائهم لوظائفهم الى ان يعين من يخلفهم فان صفة الموظف العام تبقى ملازمة له وتبقى قراراته منتجة لاثارها الى التاريخ الذي يحل محله فيه شخص اخر او مجلس اخر.7- في حالة ان يصدر قرار اداري بفصل موظف ثم يصدر بعد ذلك حكم قضائي بالغاء قرار الفصل فان حكم القرارات التي يتخذها الموظف خلال المدة بين قرار الفصل وحكم الالغاء يرجع الى تاريخ اصدار قرار الفصل واعتباره كأن لم يكن . الاحكام السابقة تترتب عند قيام سبب من اسباب انتهاء الخدمة نهائياً ولكن قد تنقطع صفة الموظف بالوظيفة وقتياً ، فما هو الحكم في هذه الحالة؟لابد ان نقرر ابتداءً ان صفة الموظف العام لا تنقطع بالنسبة للتصرفات والقرارات الداخلة بأختصاصه والتي يأمر بها بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي المقررة . كما انها لا تنقطع في حالة تمتع الموظف باجازة مقررة قانوناً ومن ثم يستطيع الموظف العودة الى ممارسة اختصاصه قبل انتهاء مدة الاجازة ولكن شرط ان يعلن رغبته على نحو كاف من الوضوح وان تكون القرارات مما يملك اتخاذها حتى لو اهمل الموظف تلك الشكلية الخاصة بالاعلان وذلك لان الاعلان يخلق غرضاً داخلياً وهو غير موجه لعامة الناس ولكن على العكس من ذلك فان ممارسة الاختصاص ينبغي ان تتوقف اثناء الاجازة الاجبارية واثناء فترة الاحالة على الاستيداع وكذلك اثناء فترة الوقف عن العمل بسبب احالة الموظف للتحقيق او في حالة سحب يد الموظف .
ثانيا - صدور القرار ممن تتوفر فيه صفة الموظف العام لكنه لا يملك سلطة اصدار قرارات ادارية اطلاقاً.مثال :- صدور القرار من مستخدمين مناطة بهم امور كتابية او يدوية او صدور القرار من هيئات او مجالس استشارية ، من ذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي بإعتبار القرار من مدير مكتب الوزير برفض تقرير راتب تقاعدي قراراً منعدماً لصدوره من لا يملك سلطة اصدار قرارات ادارية.ثالثا- صدور القرار من جهة ادارية في نطاق الوظيفة الادارية بصورة عامة ولكنه يتضمن اعتداء على اختصاص جهة ادارية اخرى لا تمت بصلة للجهة مصدرة القرار.مثال:- صدور قرار من وزير يختص به بشكل واضح وزير اخر دون غيره .ولكن يلاحظ ان القضاء الاداري المصري قد توسع في تطبيقه لهذه الحالة حتى انتهى احياناً لادخال حالات عدم الاختصاص البسيط ضمن حالات اغتصاب السلطة من ذلك القرار الصادر نتيجة تفويض باطل والقرار الصادر من سكرتير عام المصلحة في شأن يختص به المدير العام وهذه القرارات في الحقيقة معيبة بعيب اختصاص بسيط لان هؤلاء يملكون ايضاً سلطة اتخاذ قرار فهو معيب وليس منعدم .رابعا- صدور القرارمن جهة ادارية متضمنأ اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية او السلطة القضائية.• ذهب جانب من الفقه الفرنسي الى اعتبار هذه الحالة من حالات اغتصاب السلطة الا ان مجلس الدولة الفرنسي لم يذهب الى اعتبار اعتداء السلطة الادارية على اختصاص السلطة التشريعية من قبيل حالات اغتصاب السلطة ومن ثم لم يعتبر القرارات الصادرة في هذا المجال من القرارات المنعدمة وانما اعتبرها معيبة بعيب عدم الاختصاص ومن ثم حكم بالغاءها لتجاوز السلطة.• مثال على ذلك:- انشاء جهة قضائية جديدة بنظام ، فرض ضريبة بنظام او تعليمات لم يكن قد قررها قانون .• يذهب مجلس الدولة الفرنسي الى اعتبار مثل هذه القرارات من قبيل القرارات المنعدمة من ذلك مثلاً حكمه بإنعدام قرار مدير الاقليم بابطال عملية انتخاب مجلس مدينة من المدن التابعة للاقليم لان المدير تدخل في موضوع من اختصاص القضاء الاداري لذلك يعتبر قراراًَ باطلاً ولا اثر له .• اما القضاء الاداري المصري فقد كان لا يزال يفصح في احكامه باعتبار اعتداء الادارة في قراراتها على اختصاص السلطة التشريعية او القضائية من قبيل اغتصاب السلطة الذي يؤدي بهذه القرارات للانعدام فقد جاء في احد احكامه *(ان العمل الاداري لا يفقد صفة الادارية ولا يكون معدوماً الا اذا كان مشوباً بمخالفة جسيمة ومن صورها ان يصدر القرار من فرد عادي او من سلطة في شأن اختصاص سلطة اخرى كأن تتولى السلطة التنفيذية عملاً من اعمال السلطة القضائية او السلطة التشريعية) ومن ذلك حكمها ايضاً ( ان تدخل الادارة في العلاقة بين المالك والمستأجر يجعل قرارها معدوماً).• ومن ذلك حكم مجلس الدولة المصري " ان القرار التأديبي الذي استندت عليه الوزارة في طعنها فيما قضي به من رد المبالغ التي استولى عليها المطعون ضده من اعانة غلاء المعيشة دون وجه حق لم يستحث عقوبة فحسب وانما تعداها الفصل في منازعة لا يملك الفصل فيها فأغتصب بذلك سلطة القضاء واصبح قراره بهذا الشأن منعدماً " لا اثر له" كذلك الحكم اذ نص القانون على تشكيل لجنة ما على وجه معين فأنه لا يصح تعديل هذا التشكيل الا من يملكه قانوناً وهو المشرع اما السلطة القائمة على تنفيذ القانون فلا تملك اصلاً تعديل التشكيل فأن فعلت كان من قبيل اغتصاب السلطة فيبطل بطلاناً اصلياً.• في مثل هذه الحالات المتقدمة يعتبر القرار الذي يصدر منعدما ، لانه يفقد مقومات القرار الاداري ولذا فأنه يعد عديم الاثر قانونا ولايتمتع بالحصانة المقررة للقرارات الادارية مما يعني جواز سحبه دون التقيد بالمدد القانونية للطعن كما يمكن رفع دعوى الالغاء دون التقيد بهذه المدة ايضا .الصورة الثانية – عيب الاختصاص العادي " البسيط":-اذا لم يكن العيب جسيما في موضوع الاختصاص فلا تقوم حالات اغتصاب السلطة وانما حالة من حالات عدم الاختصاص او عيب الاختصاص التي تؤدي الى بطلان القرار والحكم بالغائه شريطة ان يتم ذلك خلال المدد المحدد للطعن بالقرار الاداري ، وهذه الحالات تتمثل بعيب الاختصاص التي تؤدي الى بطلان القرار والحكم بالغائه وهذه الحالات تتمثل في عيب الاختصاص من حيث الموضوع ومن حيث الزمان ومن حيث المكان.اولا - عيب الاختصاص الموضوعي:-ويقصد به ان يكون القرار الصادر من جهة ادارية معينة هو من اختصاص جهة ادارية اخرى . ذلك ان قواعد الاختصاص تحدد مقدماً الموضوعات التي تدخل في مجال نشاط جهة ادارية معينة ومن ثم عليها ان تلتزم فيما تصدر من قرارات حدود هذه الموضوعات دون ان تعتدي على ما اختص به القانون جهة ادارية اخرى فان فعلت فان قرارها يكون معيباً بعدم الاختصاص من الناحية الموضوعية وهذا هو عيب عدم الاختصاص الايجابي وهناك عدم الاختصاص السلبي وصورته ان تمتنع سلطة ادارية عن مزاولة اختصاصاتها لاعتقادها خطأً انها لا تملك هذا الاختصاص، ويتحقق عيب الاختصاص الموضوعي في عدة اشكال وهي كما يلي:-أ – اعتداء جهة ادارية على اختصاص جهة ادارية موازية.مثال ذلك :- ان يعتدي وزير على اختصاص وزير اخر وقد بينا ان هذه الحالة قد تؤدي الى عيب اغتصاب السلطة التي تؤدي للقرار بالانعدام ولكن عيب الاختصاص البسيط هو الذي يتحقق عندما يكون هناك غموض وتداخل في الاختصاصات.مثال ذلك :- ان يصدر وزير قرار بترقية موظف اصبح تابعاً لوزارة اخرى بسبب الغموض الذي رافق نقل الموظف.ب- اعتداء جهة ادارية دنيا على اختصاص جهة اعلى منها.مثال ذلك :- ان يصدر وكيل الوزارة قرار من اختصاص الوزير وان يصدر الوزير قراراً لا يمكن اتخاذه الا من قبل مجلس الوزراء . وكذلك القرارات الصادرة من سلطة ادارية عليا لا يمكن ولا يجوز لسلطة ادنى منها ان تغيرها او تعدلها الا بتفويض من سلطة عليا.ج- اعتداء جهة ادارية عليا على اختصاص جهة ادنى منها .مثال ذلك :- ان يعتدي الرئيس على اختصاص مرؤوسيه.ولكن المعروف ان للرئيس ان يباشر اختصاصات السلطة الرئاسية على اعمال مرؤوسيه فيكون له بمقتضى هذه السلطة الرئاسية ان يعقب على الاعمال التي يصدرها المرؤوس تعديلاً والغاءً وسحباً وحلولاً ، فكيف يمكن ان يكون اعتداء من قبله على اختصاصات المرؤوس؟!• القاعدة ان للرئيس الهيمنة على اعمال المرؤوس ولكن قد تكون هناك بعض الحالات التي يخول فيها الشارع المرؤوس اختصاصاً معيناً دون ان يكون للرئيس التعقيب عليها ومن ثم اذا فعل ذلك كان منه اعتداءً على اختصاص المرؤوس فيقع قراره معيباً وكذلك اذا منح الاختصاص من قبل القانون مباشرة للمرؤوس او كان له اختصاص معين عن طريق التفويض فلا يجوز في هذه الحالة للرئيس ان يباشر هذه الاختصاصات ابتداءً وان كان له حق التعقيب على قرارات المرؤوس بعد اتخاذها.د- اعتداء الادارة المركزية على اختصاص الادارة اللامركزية .اذا كان للادارة اللامركزية مباشرة اختصاصاتها المخولة لها قانوناً على نحو من الاستقلال " لانها تستمد اختصاصها من القانون وليس من السلطة المركزية " الا ان هذا الاستقلال ليس مطلقاً وانما تباشرالادارة المركزية نوعاً من الرقابـــة ( الوصاية ) على اعمال الادارة اللامركزية وذلك بموجب ما يعطيها القانون من الاختصاصات المحددة ، كالاذن السابق والتصديق اللاحق والالغاء بالنسبة لبعض القرارات اذا كانت غير مشروعة وفي هذه الحالة على الادارة المركزية ان تلتزم حدود هذه الاختصاصات فلا تتجاوزها ( لا رقابة بلا نص ولا رقابة خارج حدود النص)( رقابة وليست سلطة رئاسية) فلا تحل نفسها محل الادارات اللامركزية لمباشرة بعض اختصاصاتها الا اذا توفرت شروط الحلول ( 1. نص القانون – 2- امتناع الادارات اللامركزية على اتخاذ قرار رغم تنبيهها فتحل محلها استثناءً) او ان تقوم بتعديل بعض القرارات التي تصدرها الادارة اللامركزية في حين ان القانون لا يخولها سوى التصديق او عدم التصديق على تلك القرارات .وقد اشار القضاء الاداري المصري في بعض احكامه الى بعض هذه العيوب التي تصيب القرارات الادارية المركزية ، ومن ذلك ما ذهبت اليه محكمة القضاء الاداري ، من ان وزير التربية وان كان الرئيس الاعلى للجامعة الا ان سلطته لا تتجاوز الحدود التي نص عليها القانون صراحةً ومن ثم فأن مباشرة وزارة التربية بداءةً لحق جامعة القاهرة في التقاضي ينطوي على مخالفة لقانون الجامعة وتجاوز من جانبها في أستعمال حقها في الاشراف على الجامعة الى حد مباشرة الحقوق التي تملكها هذه الاخيرة على وجه الاستقلال وذهبت المحكمة نفسها الى ان من المسلم به فقهاً وقضاءً ان علاقة الحكومة المركزية بالمجالس البلدية والقروية ان هي الا وصاية ادارية وليست سلطة رئاسية وبناء على ذلك فأن الاصل ان وزير الشؤون البلدية والقروية لا يملك بالنسبة لقرارات هذه المجالس سوى التصديق عليها كما هي او عدم التصديق عليها كما هي دون ان يكون له حق تعديل هذه القرارت.تفويض الاختصاص:المقصود بتفويض الاختصاص في مجال النشاط الاداري هو أن يعهد عضو اداري ببعض أختصاصاته لعضو اداري أخر ليمارس مؤقتاً هذه الاختصاصات بدلاً عنه اذا جاز القانون ذلك.والاصل ان صاحب الاختصاص لايعتبر بالنسبة لهذا الاختصاص كمن يملك حقاً يستعملة متى شاء ويتنازل عنه كما يريد وانما ينبغي عليه ان يمارسه بنفسه دون ان يكون له التخلي عنه مالم يكن هناك نص قانوني في نفس القانون الذي منحه الاختصاص او نص قانوني اخر في مستوى هذا النص او اعلى منه يجيز له التفويض (ولا يجوز بادنى).• والتفويض نوعان:الاول تفويض السلطة (تفويض الاختصاص) والثاني تفويض التوقيع.والنوع الاول يؤدي الى تعديل ترتيب الاختصاص بين اعضاء الادارة ويتثمل بأنتقال الاختصاص من عضو الى أخر.أما النوع الثاني فيهدف الى ان يتخفف صاحب الاختصاص الاصيل من بعض أعباءه المادية والخاصة بمجرد التوقيع ويعهد به الى عضو اخر ليمارسة بدلاً عنه وفي هذه الحالة يتخذ من فوض اليه التوقيع القرار باسم صاحب الاختصاص الاصيل .بما ان تفويض الاختصاص يؤدي الى تعديل ترتيب الاختصاص فمعنى ذلك انه يؤدي الى تخلي المفوض مدة التفويض عن ممارسة اختصاصة ، أما تفويض التوقيع فلا يؤدي الى فقدان المفوض لحقه في ممارسة اختصاصه. وتفويض الاختصاص يوجه الى العضو الاداري بصيغة شاغل منصب مهني ومن ثم اذا ما تغير هذا العضو فأن التفويض ينتقل الى خلفة في المنصب فلا ينتهي التفويض وعلى العكس من ذلك فان تفويض التوقيع ذو طابع شخصي ومن ثم يسقط بتغيير المفوض والمفوض اليه.تختلف قوة القرارات المتخذه بموجب التفويض في الاختصاص والتفويض في التوقيع من حيث التدرج فالقرار بموجب تفويض الاختصاص يأخذ مرتبة العضو المفوض اليه في السلم الاداري.اما القرار الصادر بموجب التفويض بالتوقيع يأخذ مرتبة العضو صاحب الاختصاص الاصيل في السلم الاداري.ثانيا - عيب الاختصاص المكاني:يقصد بعيب الاختصاص المكاني مباشرة الجهة الادارية الاختصاص خارج النطاق الاقليمي المخصص لها ، فأذا كان لجهات الادارة المركزية ان تمارس اختصاصها على نطاق اقليم الدولة كله الا انه على العكس من ذلك فأن جهات الادارة المحلية والاقليمية ينبغي ان تمارس اختصاصها في النطاق الاقليمي المحدد لها مثال ذلك: عدم جواز ان يمارس المحافظ اختصاصه الا في نطاق محافظته ومن ثم اذا اتخذ قراراً يمتد اثره الى محافظة اخرى كان قراره معيباً بعيب عدم الاختصاص من حيث المكان.ثالثا - عيب الاختصاص الزماني:يقصد به مباشرة الجهة الادارية لاختصاصها دون التقيد بالحدود الزمنية له.ويمكن النظر الى الاختصاص مقيداً من حيث الزمن من ثلاث نواحي:أ ـ أن اي جهة ادارية او عضو اداري لايمكن له ان يمارس ماهو محدد لها من اختصاص الا في الوقت الذي يتقلد فيه المنصب الذي يتيح لها ممارسة هذا الاختصاص ولا يمكن ان يحل هذا الوقت الا بتوقيع القرار الاداري بتعينه او ابرام العقد بتعيينه او بتشكيل اللجنة.ب ـ المجالس الادارية لا يمكن لها ان تباشر اختصاصها الاخلال انعقاد جلساتها كما ان مباشرة المجلس لاختصاصه مقيد بمدة ولايته ومقيده كذلك بأدوار انعقادها.ج- الاصل ان الجهة الادارية تفقد اختصاصها بانهاء تقلدها للمنصب او انهاء مدة ولايتها ومع ذلك ولتأمين الاستمرارية يمكن الاعتراف بالنسبة لبعض الجهات بمدة اضافية تستمر خلالها مباشرة اختصاصاتها الى ان يعين خلفا لها بموجب التشريع وفي حالة عدم وجود مثل هذا التنظيم التشريعي يمكن اعتماد هذا النظام الانتقالي أستناداً للمباديء العامة.مثال ذلك: ما هو متبع بالنسبة للوزراء المستقيلين والذين يستطيعون الاستمرار في انجاز الامور المعتاده او الجارية على الرغم من قبول استقالتهم لحين تعيين خلف لهم ويعترف القضاء الفرنسي بحق تحديد ما يعتبر من الامور الجارية وما يخرج عن هذا المعنى ومن ثم يحكم بالغاء القرارات والاجراءات الصادرة من قبل الحكومة المستقيلة او الوزير المستقيل التي تتجاوز مفهوم الشؤون الجارية لانها تكون صادرة من جهة غير مختصة.
https://telegram.me/buratha