المقالات

الى معارضي آل سعود اعملوا على كسب حليف قوي ولا تكونوا كالمعارضة العراقية


بقلم : سامي جواد كاظم

كان هنالك شتات من المعارضة الاصلاحية في المملكة الوهابية في بداية الثمانينات ولكن ما كان لها ان تظهر بسبب ظروف المنطقة ونجاح الثورة الاسلامية الايرانية العدو اللدود لآل سعود واندلاع الحرب العراقية الايرانية ودعم دول مجلس التعاون الخليجي بدون استثناء لطاغية العراق في حربه هذه .

وجاءت الفرصة للاصلاحيين بالظهور وذلك بعد ان اجتاح صديقهم الحميم صدام الكويت وتواجد اكثر من نصف مليون جندي امريكي على الاراضي العربية في نجد والحجاز حيث استغلت هذه الاوضاع بظهور المعارضة الاصلاحية لآل سعود بسبب تواجد المشركين على الاراضي الاسلامية ، وتنامى دورها وظهورها في الافق المحلي والعربي والعالمي وبدات سلطات ال سعود باتخاذ قرارات تعسفية بحقهم مع ملاحقتهم واضطهادهم اضافة الى منعهم من السفر ناهيك عن الذين تم ايداعهم السجن ومصيرهم مجهول لحين كتابة هذه السطور .وما ان جاءت احداث سبتمبر ومعرفة المنفذين لهذه التفجيرات والذين كانوا من الجنسية السعودية حتى ضاق حنق الامريكيين بالدولة الوهابية بل حتى طالب احد اعضاء الكونغرس قصف حتى مكة هذه الاوضاع ادت الى علو شان المعارضة المطالبة بالاصلاحات الديمقراطية واجراء انتخابات حرة وليس لال سعود بيعة في عنقهم ، ولكن بعد التفجيرات والعمليات الارهابية التي تعرضت لها المملكة الوهابية ماذا حدث وكيف تاثرت مسيرة الاصلاحيين ؟.هنا استحدث ظرف كيف تعامل معه الاصلاحيون ؟ ، المعروف اقتناص الظرف عمل سياسي بلا شك، والإصلاح المنشود يفترض ان يقتنص الظرف ويبني عليه لا ان يتوقف عنده. أي ان الظرف يفترض أن يشير الى بداية الانطلاق لا الى نهايته بالضرورة، وإلا أصبح العمل السياسي الوطني (موسمياً) تتلاعب به الظروف المتغيرة بدل أن يقتنص الإصلاحيون تلك الظروف لصالح مشروعهم الإصلاحي.ولذا فإن استراتيجية العمل الإصلاحي تقوم على قراءة الظرف والإستفادة منه والإنطلاق به لصناعة ظرف آخر له ديناميكيته الخاصة التي يتحكم ببعض مفاصلها ، ولا يخفى عليهم ضرورة بل يحتم عليهم ان ارادوا النجاح في مسعاهم ايجاد علاقات مع دول خارجية ذات تاثير على الساحة الداخلية للمملكة حتى يستطيعون من احداث تغير وتحقيق ما يبغون اليه من اصلاح ، لكن الملاحظ من قبل الاصلاحيين انفسهم ان هنالك تلكؤ في عملهم وهذا يحسب عليهم ولصالح ال سعود وقراءة شبه تفصيلية لمسيرة الحركة الاصلاحية في المملكة نجد وحسب ما اوضح احد المعارضين من الاصلاحين الخلل في ادائهم كما يلي

( حدث تغير في داخل المملكة من جهة أن العنفيين التكفيريين أصبحوا يتقصدون الأجانب ولكنهم لم يتقصدوا أحداً من آل سعود. هنا أخذت الحكومة تلك الأفعال الى واشنطن كدليل على براءتها من تمويل ودعم الإرهاب، وأعلنت استعدادها ـ بعد أن امتلكت المبرر ـ أن تدخل ضمن المشروع الأميركي الجديد في مكافحة الإرهاب الاسلامي، بعد أن انتهى دورها في (مكافحة الشيوعية). في حين أن الحقيقة تقول غير هذا، الحقيقة تقول بأن ما جرى في المملكة الوهابية من تفجيرات إنما هو نتاج السياسة الخاطئة التي اعتمدها ال سعود ـ والتي لم تكف عنها حتى اليوم ـ بانحيازها الى رؤية مذهبية متطرفة منغلقة ودعمها بلا حدود. التفجيرات في المملكة كان يمكن أن تُستثمر كدليل (إدانة) للعائلة المالكة لا دليل (براءة) فهي (المجرمة) ولم تكن في يوم ما (الضحية).

الذي فعله الإصلاحيون خطأ، ليس في إعلان وقوفهم ضد العنف، بل لجهة وقوفهم مع العائلة المالكة نفسها في خندق واحد ضد العنف، والفارق بين الإثنين واضح. في الأول أنتَ تدين العنف ومن سبّبه وأدى الى انفجاره بوجه صنّاعه من آل سعود. وفي الموقف الثاني أنتَ تقف الى جانب آل سعود باعتبارهم (ضحايا) ذلك العنف الأعمى، وتبرئتهم من مسؤولية صُنعه واستخدامه ضد الآخرين قبل أن يرتدّ عليهم. هنا يكون موقف العائلة المالكة معزّزاً، فالإصلاحي في هذه المعادلة السياسية أضعف، حتى وإن قال بأن العنف لا يفيد معه الأداة الأمنية وحدها، بل الأداة السياسية (في إشارة الى ضرورة الإصلاح السياسي). وبعد أن أخذت العائلة المالكة مشروعية مواجهة العنفيين وتقوّت بالشارع بمختلف توجهاته، بمن فيه رموز الحركة الإصلاحية، عادت وارتدت على هؤلاء الأخيرين واتهمتهم بأنهم يقفون الى جانب العنف والإرهاب!

اللعبة اللاأخلاقية التي قامت بها العائلة المالكة هي اعتقال الإصلاحيون بحجة مكافحة العنف وأن لا إصلاح سياسي قبل القضاء على الإرهاب. هكذا تحولت العائلة المالكة، حليفة الإرهاب ومصنعته، وداعمة رموزه الوهابية المتطرفة، الى موقع النقيض، وبدل أن تحاسب على ما فعلته في الماضي صارت هي من يحاسب غيرها بالباطل ويستخدم أوراقه بصورة خبيثة كاذبة.

كان بإمكان الإصلاحيين أن يفعلوا ذات الامر: أن يتهموا العائلة المالكة وأجهزتها الرسمية المباشرة بأنها تدعم الإرهاب. ولديهم ألف دليل ودليل على ذلك، بما فيها عشرات المقالات التي كانت تسطر في الصحف المحلية نفسها. فالتطرف الذي اكتشفناه بعد أحداث 11/9 لم يفارق المملكة منذ تأسيسها، وكان عهد فهد، هو عهد (تسمين) التطرف والمتطرفين وتمكينهم من جهاز الدولة ومساعدتهم على القيام باعمال عنف خارج حدود السعودية.

نقول كان بامكان الإصلاحيين أن يقولوا بأن العائلة المالكة يجب أن تحاسب، فحتى الآن، تنصب الإتهامات على العنفيين أنفسهم وعلى المشايخ، دون المساس بالذوات المقدسة (آل سعود) التي سلمتهم الدولة واجهزتها، وخصصت المليارات لنشاطاتهم الداخلية والخارجية، ودافعت عنهم في كل محفل. كان بإمكان الإصلاحيين أن يقولوا بأن العنف من نتاج سياسة العائلة المالكة، وأن 11/9 كما تفجيرات الرياض وغيرها خرجت من عباءتها.. وأن ادانة العنف تعني ادانة الذين رفدوه بالأمس القريب والذين لم يصدقوا بعد أن سعوديين هم من قاموا بتفجيرات نيويورك (ظل نايف يقول ذلك حتى بعد عامين من وقوع الحدث). كان بامكان الإصلاحيين، ان يوجهوا غضب الشارع على آل سعود وعلى حلفائهم المتطرفين التكفيريين (خاصة وأن عدد آل سعود عشرين ألفاً لم يصب منهم أحد حتى الساعة بأذى، فما معنى هذا؟)، لأن الإصلاحيين كانت تحكمهم معايير أخلاقية في الممارسة السياسية، اضافة الى الخوف من قبضة آل سعود الأمنية، اتخذ خطابهم جانباً مختلفاً ووقفوا مع الاخيرين الذين لا يلتزمون بمعيار أخلاقي في السياسة. ودليلنا الصارخ على ذلك، هو أن البيانات والكتابات والتصريحات والعرائض المتعددة التي قدمها الإصلاحيون علنيا وصارت في متناول الجميع، والتي تؤكد كلها على (الوقوف الى جانب القيادة في مواجهة العنف).. هذه الأفعال كلها رغم وضوحها، فإن العائلة المالكة ـ ممثلة في نايف وزير الداخلية ـ كان لديها الجرأة بل الوقاحة والصلافة لتعتقل رموز الإصلاح وتزج بهم في السجن وأن يأتي دعمهم للإرهاب في مقدمة مواد الإتهام. هذا والمواطنون حاضرون شاهدون على الباطل السعودي، ولكن لأننا لا نتحاكم الى قاعدة أخلاقية، فآل سعود طلاب حكم وليسوا طلاب حق أو حقيقة أو أخلاق.

هذا النفاق الذي اتبعه آل سعود: اتيان المنكر واتهام الاخر به، لم يقم به الإصلاحيون. هؤلاء لو اتهموا آل سعود بالعمالة للأميركان او للغرب بمجمله ما أخطأوا! وهل جاء ال سعود الى الحكم بغير دعم بريطانيا؟ وهل استمروا بغير حمايتها وحماية الأميركان؟ الم تكن السعودية الحليف الأكبر لأميركا، قبل احداث 11/9، فكيف انقلبت فجأة الى عدو أميركا؟ لقد بقيت وصمة العمالة للغرب ثابتة في جبين آل سعود منذ فجر تأسيس الدولة السعودية نفسها) .

وهذا امر مهم يضاف الى ما جاء به الاصلاحي المعارض للمملكة الوهابية اعلاه هو تعقد وضع الأميركيين في العراق، وازدياد الحاجة الى المخزون النفطي الوهابي في تخفيف حدة ارتفاع اسعار النفط في الموضوع العراقي، بدا أن الملف العراقي منذ ابتدائه ملتهباً في غير صالح الوهابيين، وانتهى بأن الحرب الأهلية (التي كان للوهابية المتطرفة والوهابيين السعوديين) الدور الأكبر في ان تصبح قريبة من الأبواب ، ولذا فآل سعود يصيبهم الهوس بمجرد الشعور غير القائم على أدلة بشأن ارتباط النشاط الإصلاحي بالخارج (خاصة اذا كان غربياً اميركياً) ، وهنا يكمن الخطأ الذي يقع فيه الاصلاحيون كما وقعت فيه الاحزاب الاسلامية العراقية من خلال خطابها المناهض للولايات المتحدة الامريكية والتي جعلت الشعب العراقي يدفع الثمن منذ ان دخلوا الى العراق وحتى اللحظة بعد تبؤهم مقاليد السلطة في العراق . آل سعود من جانب آخر، أوحوا للأميركيين بأن لهم أوراقاً يلعبونها في العراق لصالح استقراره! وكان في الوقت الذي كانت جموع التكفيريين الوهابيين وأموالهم تنطلق من اراضي نجد والحجاز بتغاض آل سعود لتشعل النار في المساجد والشوارع العامة والأسواق والمؤسسات والمنشآت الخدمية العراقية. وهنا استطاع آل سعود من تشويه وجه المعارضة الاصلاحية ومن انها أي المعارضة لا تريد من الولايات الامريكية ان تكون حليف لها في احداث التغيرات وانها أي امريكا هي سبب البلاء في المنطقة ألم يكن العنف المحلي المستمر، كحادثة بقيق وغيرها، دلالة اخرى على أن الوضع الأمني مازال مضطرباً، وأن الحل السياسي ضرورة؟ الا يزال التطرف الوهابي يعصف بتراث البلاد وتراث المسلمين، ويخنق المجتمع؟ ألم تسلح العائلة المالكة التيار السلفي بأسلحة جديدة في مقابل دعاة الإصلاح، ألا نرى نشاط هيئة الأمر بالمعروف كيف تضاعف وتجاوزاتهم ازدادت؟ ألا نرى طغياناً للحضور السلفي في القنوات التلفزيونية الوهابية؟ بقلم : سامي جواد كاظم

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
abuali
2007-10-14
فيما يخص الملف العراقي -هل تستطيع الحكومة العراقية استقبال هولاء المعارضين لحكم ال سعود ؟كما تفعل حكومة ال سعود ؟ولم لاتفعل ذلك وال سعود يفعلون اكثر من ذلك وعلنا وتسعى وتصرح انها تتدخل بالوضع العراقي وثبت اكثر من ذلك ؟ وبذلك ايصال رسالة الى ال سعود ان يكفوا عن تدخلاتهم بالوضع العراقي التي جلب الخراب والفرقة بين ابناء الشعب العراقي الواحد وافهامهم ان الحكومة العراقية تستطبع ان تلعب نفس اللعبة الي يلعبها ال سعود واذنابهم -سؤال لماذا لايكون ذلك ؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك