نجح زعيم التيّار الصدري السيد مقتدى الصدر في إحداث نقلة نوعية في مسيرة العملية السياسية الجارية في العراق, عبر حمله لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على تقديم تشكيلة حكومية جديدة مؤلفة من وزراء من ذوي الإختصاص )تكنوقراط). العبادي وأمام الضغط الجماهيري وصرخات المعتصمين على أبواب المنطقة الخضراء, رضخ مجبرا وأعلن تشكيلته في الوقت المحدد الذي قرّره البرلمان كموعد نهائي, ألا وهو يوم الخميس الماضي.
نجح العبادي في رمي الكرة في ملعب الكتل السياسية المطلوب منها التصويت لصالح الحكومة الجديدة خلال مّدة أقصاها عشرة أيام وتنتهي يوم الأحد المقبل 10 نيسان. وتقع على عاتق الكتل البرلمانية مسؤولية كبيرة, إذ يتوجّب عليها التحقق من إستقلالية المرشّحين اولا, ومن كفائتهم وكونهم من ذوي إختصاص في مجال عملهم ثانيا والتأكّد من نزاهتهم ثالثا وأخيرا عدم ارتباطهم بقوى الإرهاب.
ولقد رشُحت خلال الأيام القليلة الماضية أنباء تفيد بارتباط بعضهم بالأحزاب ,فيما أثيرت إدعاءات حول نزاهة البعض الأخر, وارتباط آخرين منهم بقوى الإرهاب. وإن صحّت تلك الأخبار فإن البرلمان سيوافق على البعض منهم فيما سيطالب باستبدال البعض الآخر. لكنّ السؤال الأكبر الذي سيتم طرحه داخل قبة البرلمان, وهو كيف يمكن لرئيس وزراء حزبي وغير تكنوقراط وضعيف أن يتولّى رئاسة مثل هذه الحكومة؟
فحكومة التكنوقراط يجب ان يرأسها رئيس وزراء تكنوقراط أيضا ومن داخل القائمة التي قدّمها العبادي. ويبدو خير مرشّح لهذا المنصب الدكتور علي عبدالأمير علاوي, الذي شغل مناصب وزراية مختلفة في مرحلة مابعد السقوط وخاصة في وزارتي التجارة والمالية فضلا عن الدفاع.
ويبدو علاوي الشخصية الأنسب لتولي رئاسة الوزراء في الوقت الحاضر. فهو خبير إقتصادي دولي يشار له بالبنان, والعراق يمر بأزمة إقتصادية إثر إنخفاض أسعار النفط, ولا شك بأن وجود خبير مالي دولي على رأس حكومة تكنوقراط سيساعد العراق في تجاوز هذه الأزمة. ويعكس إختيار العبادي له لشغل منصب وزير المالية إيمانا منه بقدرات علاوي في هذا المجال. ومن ناحية أخرى فإن التحدّي الآخر الذي يواجه العراق في المرحلة الراهنة , هو تحدّي الإرهاب, ولا شك أن خبرة الدكتور علاوي خلال إشرافه على وزارة الدفاع سابقا تؤهله لقيادة القوات المسلحة العراقية.
ولذا فإن البرلمان مطالب اليوم بالتصويت على إقالة الدكتور العبادي باعتباره حزبيا لا تنطبق عليه صفات التكنوقراط, وأن يتم تكليف الدكتور علي عبدالأمير علاوي برئاسة الحكومة التي رشّح أعضائها حيدر العبادي. وبغير ذلك فإن بقاء العبادي على رأس حكومة تكنوقراط يعتبر ضحكا على ذقون الشعب العراقي, عبر إستبدال المحاصصة القومية والطائفية بهيمنة حزب واحد على مقاليد الحكم, وفي ذلك إحباط لمشروع الإصلاح الذي يرفع رايته اليوم السيد مقتدى الصدر, ولا أظنه يرضى بذلك, أو أن تنطلي عليه مثل هذه الألاعيب.
https://telegram.me/buratha