المقالات

العملية السياسية بين صحوة العشائر وتخرصات الكتل السياسية


( بقلم : طالب الوحيلي )

التقدم الكبير الذي تحرزه عملية فرض القانون واستعادة سيادته على البلاد بصورة تامة ،تتضح معالمه اليوم في انحسار القوة الغاشمة التي ظهرت عليها المجاميع الإرهابية منذ سقوط النظام السابق ،واتساع رقعة الامن في حدود واسعة من بغداد او محافظات العراق ،وهذا التقدم يشير الى عدة نقاط اهمها تنامي القوة الذاتية للدولة في مسك الارض والمبادرة في الهجوم باعتباره افضل وسيلة للدفاع عبر مداهمة الاماكن الموبوءة بالارهاب والقبض على عناصر الجريمة تمهيدا لعرضها على القضاء لتنال جزائها العادل لما اقترفته من فساد في الارض ،كذلك تطور التكتيكات العسكرية والمعلوماتية مما جعل قوات الامن على بينة من امرها في استخلاص الهدف ومن ثم القضاء عليه ،كذلك السعي المتواصل لتطوير القدرات التقنية والبشرية للقوات المسلحة من اجل تحقيق الجاهزية التامة التي يرتجا منها عبر التنسيق الجاد مع القوات المتعددة الجنسيات ان تكون بمستوى المسؤولية في استلام الملف الامني بالكامل لعموم البلاد ،وكل ذلك لابد ان يحقق النجاح الشامل في شيوع الامن العام الذي يبقى ضئيلا ومتراخيا ما لم يجد الدعم الكامل من القوى السياسية والمراجع الدينية والمواطن العراقي بالذات ،فضلا عن دعم دول الجوار وغيرها ممن اعلن عن نفسه كطرف ذي صلة بالواقع العراقي بصورة مباشرة ام غيرها ،كالدول الحاضنة للقيادات الارهابية او التي تسخر اجواءها لبث الاعلام المحرض والمنافق ،او التي لم تتوانى في تبني الدعم للحركات المناوئة للعملية السياسية كبقايا النظام الصدامي .

يمكن اعتبار ذلك مصاديق لتقدم العملية السياسية التي انفتحت وحققت الكثير من النتائج الايجابية بالرغم من العراقيل الكبيرة التي تكتنف مسيرتها كمحاولات التعمد في اساءة فهم ما يجري من تطورات وعكسه بصورة سلبية ،والتحدث عنه بسوداوية مما يثير تلك التصورات المتشائمة عن التجربة العراقية الفريدة من نوعها ،لذا نجد بين حين واخر يخرج علينا البعض بمشاريع تآمرية او مشاريع من بناة افكار جهات اعلامية وسياسية مفرطة في الحقد على هذه التجربة ،اخرها المشروع الغير ملزم لمجلس الشيوخ الامريكي في تقسيم العراق على اساس طائفي وعرقي ،وغلب ما في الظن ان المحرك لهذا المشروع هو التباكي من قبل البعض والادعاء بتهميشه وطائفته وتصوير العراق وكانه مقسم الى اقاليم قد يكون هذا البعض سبب في ترسيخه في ذهن قسم منابناء شعبنا وفي ايهام الجانب الاعلام العربي بهذا النحو.

وما دمنا نتحدث عن التطورات الكبيرة في الجانب الامني التي يشهدها العراق،فان من الضروري الاعتراف باهمية الهاجس الشعبي ودور المواطن في تحقيق الامن وبالكيفية التي تجعله حالة اجتماعية تقتضيها ضرورات العيش بامن وسلام للنسيج العراقي المتميز باصالته وعمقه ،والذي دلت الااحداث على متانته برغم الموجة المرعبة التي اجتاحته ولم تترك فرصة لمراجعة النفس بسبب طغيان الخطاب الطائفي الذي تلبس منطق القوى السياسية المعارضة التي طرحت نفسها كممثل لطائفة عراقية مهمة ،واتخذت من ميادين الارهاب وسيلة للقتل والتهجير وزرع الخوف والفتن بين اهل هذا البلد ،كما اتخذت من قبة البرلمان محفلا لها لنشر غسيلها المخضب بالدماء وادعائها تمثيل مصالح قئة او طائفة دون سواها بقصد التمسك بقضية ما ،ولو اعلنت نفسها بانها تمثل الشعب العراقي دون تمييز لحفظت ماء وجهها !فهاهم ابناء محافظة الانبار قد تأملوا اطراف الحقيقة واستعادوا رباطة جأشهم فوجدوا انهم وقعوا فريسة للارهاب التكفيري الذي جلبه الصدامييون ،حتى طغت ملامح الخوف والقتل على احيائهم ووجوههم ،ووجدوا ان السكوت على تلك الزمر التكفيرية لا ينسجم مع قيمهم العشائرية والاجتماعية والعقائدية ،فهبوا عبر مجلس انقاذ الانبار وصحوتها لتطهير تلك المحافظة المهمة،وبرغم ما قدموه من تضحيات فقد تحفزت عشائر المحافظات الاخرى التي يسودها الارهاب الى الاقتداء بهذه التجربة كما يجري ذلك في ديالى والموصل وبابل وغيرها ،فيما باركت الحكومة والقوى السياسية العراقية هذا الانتماء الجليل الى العراق والى العملية السياسية ،حيث يتواصل التنسيق مع العشائر والقوى الاجتماعية في المحافظات لتطوير هذا الانتماء ،وقد اعلنت الحكومة قبولها تسليح العشائر تحت اشراف ورعاية الدولة ،لكن المشكلة تكمن في ظهور اختلال كبير في تصرفات القوات المتعددة الجنسيات بتعاطيها مع هذا الامر حيث استقطبت المجاميع الارهابية التي تسببت بهذا الكم الهائل من القتل والخراب والتهجير ،استقطبتها وقامت بتسليحها تحت يافطة مقاتلة عصابات القاعدة دون ان تقر بان تلك الزمر هي الادوات والحواضن القذرة للقاعدة ..

ظاهرتان تطفيان على سطح الاحداث في العراق على هذا المنوال ،اولاهما التقارب الكبير بين القوى السياسية الفاعلة وبين رجال الصحوة والعشائر ،وقد ترجمته لقاءات مجلس انقاذ الانبار مع كوادر منظمة بدر والاستقبال الكبير لسماحة السيد عمار الحكيم لشيوخ الانبار ومجلسهم في المكتب الخاص لسماحة السيد عبد العزيز الحكيم وقد صرح فيه الشيخ حميد الهايس عن سروره الكبير بهذا اللقاء واصفا اياه بانه كان متأخرا وكان يجب ان يجري منذ شهور .

اما الظاهرة الأخرى فهي إصرار بعض الكتل السياسية على موقفها المناوئ لكل تطور سياسي او اجتماعي او قانوني في العراق وكأنهم مسحورون بقاعدة خالف تعرف ،من ذلك احتجاجهم على الائتلاف العراقي لانه يرفض تسليح الجماعات الارهابية من قبل (قوات الاحتلال)كما يصرون على تسميتها ،وبذلك فهم يؤكدون المخاوف التي تنتاب الحكومة والائتلاف من تسليح تلك العصابات لانها يمكن ان تكون ميليشيات جديدة تزيد من حجم الاقتتال الطائفي المؤدلج وتزيد من التمرد على القانون..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك