المقالات

أزمة الثقافة في العراق


( بقلم : امجد الحسيني/اعلامي عراقي )

أن العراق وخلال تاريخه الطويل مع الثقافة عاش فترات غير متشابهة من الانغلاق والانفتاح الثقافي والموت والحياة والكذب والحقيقة وإن المتابع الدقيق لتأريخ الثقافة في العراق يجد مصداق المقولة ( مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ ) وهنا اريد أن اناقش هذه المقالة فلماذا تكتب مصر فيما يقرأ العراق ذلك لأن العراقيين وخلال تأريخهم الطويل عاشوا أزمة الخوف من السلطان فكل كاتب عراقي عليه أن يراعي الحاكم قبل أن يكتب لأن هذا الحاكم سوط لايستخدم السوط لحرب الثقافة فحسب بل يستخدم معها المقاصل والسجون والزنزانات ويتفنن في التعذيب ولو طالعنا فترات التأريخ نجد أن كل سلطان يجلس على كرسي الحكم ليجعل الأمة السابقة أمة قهر واستبداد وهو الخير المطلق فما أن تقلد العثمانيون مقاليد الحكم بعد احتلالهم للعراق حتى بدأت ثقافة التتريك تغزو العراق حتى أنها ولليوم تكسوا الكثير من الكلمات العراقية مثل ( البانزين خانة والجاي خانة والسركال والسلبجة والخان وغيرها من الالفاظ ) واصبح النقيب والسعدون وغيرهما من رجال السياسة هم اصحاب الثقافة والتأريخ واصبحوا اصل العروبة وهم لايفقهون كلمة واحدة من الكلمات العربية حتى نصبت لهم الحكومات الطائفية نصبا تذكارية تشغل اهم شوارع بغداد وصار الاعتداء على هذه النصب والتماثيل أو الالهة إلى اليوم اعتداء على الثقافة العراقية وصار مصطلح الصفوية يطلق على كل عراقي اصيل يحارب التتريك وصارت الطائفة التي ينتمي لها الانسان معيارا للوطنية حتى وإن كان هذا الطائفي أو ذاك ارهابيا ومجرما بحكم القانون والشرع والمباديء الاخلاقية .

وما أن ذهب الاتراك وتقاسم الانكليز مُلكَ الرجل المريض حتى اصبحت المس بيل وغيرها هم اصحاب العروبة والتأريخ فصار على المثقف العراقي أن يعرف الانكليزية ليكون مثقفا فراح الباشا وجاء المستر وذهب الخان لتحضر لفظة الهوتيل .

وما أن جاءت الملكية حتى عاش العراق وبحق فترة من الثقافة العراقية لكن هذه الثقافة كانت تعيش فترة المرض التي عاشتها ايام التتريك والتغريب ولم تستطع أن تقدم جديدا رغم انها استطاعت أن تعالج نفسها وظهر في المجتمع ثقافة الترقيع والاجتزاء والتقليد وانا هنا لا أتكلم باطلاقية وشمولية فهناك بعض الفلتات والطفرات الذاتية المنطلقة من جهود بعض المثقفين الذاتية التي استطاعت ان تحيي الثقافة العراقية الاصيلة التي تنتمي للعروبة والاسلام وقيم عراقية اخرى استمرت حتى بدأت ومع بداية ظهور الايدلوجيات الاممية أو القومية أو العنصرية فترة جديدة من ثقافة التوتاليتارية فمرة شيوعية واخرى بعثية وثالثة قومية وبدأ القمع السياسي والثقافي يأخذ شكلا فكريا فقتل الشيوعيون جميع من خالفهم في الرأي وصارت سرقة اراضي الملاك انجازا يحسب لقاسم يجعل الشيوعيين يعتبرونه رمزهم رغم انه لا ينتمي اليهم وتأميم الصناعات الكبيرة لتجتزأ وتكون مصانع صغيرة لاتفي بمتطلبات المواطن البسيط ولاتستطيع الرقي لتصدر شيئا انجازا يحسب للقوميين رغم قتله الصناعة ؛ والمثقفون يخلدون الشيوعية مرة والبعثية اخرى كلما تسلم احدهما الحكم وما أن ذهبت دولة المشاع لتأتي ايدلوجية القومية والاشتراكية على يد حزب البعث لتُقسَّم العروبةُ وتَقتلَ الوطنية ولتصبح جامعة الدول العربية الناطق الرسمي باسم الاحتلال المقنع والمروج الرسمي لافكار التقسيم والشرق الاوسط وليقتل العراقيون ولتفتح السجون ابوابها للقمع وتعمر وتوسع على حساب الصناعة والتجارة والزراعة ولتتفاقم ازمة الثقافة والمثقف ليكتب القاص عن القادسية التي قتلت ملايين العراقين فظلا عن ملايين المعتقلين والمعاقين ولينطلق الشعراء بتزويق الشيطان قائدا اوحدا وربا يعبد في الارض وقاتلا يُشبَهُ بالرحمة حتى صارت ثقافة عسكرة الشعب العراقي ثقافة مشاع للمجتمع وقانونا يُعدُّ التطاول عليه تطاولا على العَلَمِ الذي قُتل الملايين تحت ساريته وصارت الوطنية الطائفية التي يقتل باسمها المثقفون والمعارضون شعارا للبعث ومنهاجا توتاليتاريا لايمكن الاعتداء عليه وراح المثقف العراقي يجعل من ام المهالك منجزا ومن فكر القائد الاوحد سبيلا للعيش وثقافة تقتل كل الثقافات وتنزو على كل فكر وما أن ذهبت ايام الشمولية والاعتقالات وانفتح الباب مشرعا للمثقف املا في أن يولد الافق الجديد للمثقف العراقي حتى مني الجميع بالخيبة لان المثقف العراقي ظل في عزلته وبدل أن يفكر في اصلاح نفسه استمر في قراءة الكتب المصرية والسعودية واللبنانية وغيرها ليس من اجل أن يثقف أويزرع ثقافة جديدة تعيد للعراق ثقافة الحضارة والتطور بل من اجل الكسب الذي تعوده في ظل النظام السابق وصار المثقف عالة على المجتمع يرتزق من بيع قلمه ويعتاش على التفاهات التي يبيعها على اثير هواء القنوات الاذاعية والتلفزيونية وسقط الطريق وصار المثقف يقرأ ليعرض عضلاته على شاشات الفضائيات المعادية طبعا لثقافة التحرروالانعتاق كي ينتقد الحكومة ونسي رسالته في اصلاح المجتمع والرقي به نحو التطور وصار منهج المثقف النزوح نحو السياسة فاختلط الثقافي بالسياسي وصار الفكريُّ عاطفيا ولم تتغير ادبيات البعث القديمة البالية في عقل المثقف فلا زال يعيش خيالات القائد الاوحد واحلام الخوف التي اعطت زمن النظام الدموي ديمومة الخوف والخنوع وظل شعار ( القائد القوي والكاريزما ) مفهوما يخيم على الثقافة والمثقف وصارت اليوم في ظل التغيير ثقافة المشاكسة والخلاف حتى صار الصحيح خطأ والخطأ صحيحا وصارت مؤسسات الثقافة العراقية مؤسسات للتناحر والاقصاء كحال وزيرها الذي لم يفقه الثقافة ليعيش العراق مفارقة لم يعشها خلال تاريخها الطويل أن يكون وزير الثقافة ارهبيا يخرج عن سلطة القانون الى سلطة حزبه وكتلته التي لم تخرج عن خطها التأريخي الطائفي وثقافة التقارير التي عاشتها زمن النظام المباد وليظل المثقف حبيس حزبه الا القلائل من اصحاب ثورة التغيير وفكر التحرر والانعتاق كالشاعر ابو رغيف ورحمن الشامي والفنانة عواطف السلمان وعبد الخالق الهبر وشيخ النقاد الاستاذ علي عباس علوان وعلي ناصر غالب ونزيهة الدليمي واقرانهم من الشباب والشيوخ الذين عاشوا ظلم النظام بالامس ومجافات الاعلام اليوم .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك