البصرة / صبري حميد ظاهر
بدأ الصراع بين الحق والباطل في أول يوم من أيام التأريخ، يوم عَلمَ الحق انه حق وعَرفَ الباطل انه باطل وعَلمَ كل واحد من الخصمين أنَ له مناهج يعارضه الاخر فيها، وان له غايات يقاتله الاخر من اجلها.بدأ الصراع بينهما منذُ اليوم الأول من ايام التأريخ ولم يخمد، وتوقدت الجمرة ثم لم تنطفئ ولا يمكن أن ينتهي هذا الصراع، وان تخمد هذه الجمرة مادام الحق يعلم انه حق، وما دام الباطل يعلم انه باطل وما دام الخصمان يعلمان انهما متعارضان في المناهج ومتزاحمان في الغايات.
يستحيل ان ينتهي هذا الصراع وان تخمد هذه الجمرة الا أن ينقلب الحق باطلاً أو يعود الباطل حقاً أو يحين الوقت الموهوم الذي يصطحب فيه الضدان ويأتلف فيه النقيضان، ولنفرض أن أحد الخصمين ربح المعركة يوما ًما وفاز بالانتصار، فليس معنى الفوز أن الصراع قد انتهى وان الجمرة قد انطفأت.ان حرب الحق والباطل حرب مبدأ وفكره، وحرب المبادئ لا تنتهي بنزع السلاح واندحار الخصوم.
ذلك ان المبدأ يحاول ان يضمن لنفسه الثبات والرسوخ ثم الاستمرار والبقاء، فهو يناضل من اجل ثباته ورسوخه، يناضل من اجل بقائه واستمراره, وهو يطارد عدوه المخفي كما يناضل عدوه الظاهر. وكيف ينتهي الصراع اذا كان المنهزم يقاتل في هزيمته المنتصر. ويناضل بعد انتصاره. وقد ظهر الحق في فترات التأريخ بأشكالٍ متنوعة وكان الباطل يقابله فيها باشكالٍ اخرى.
وكانت الحرب بين الخصمين تظهر في كل يومٍ بحلةٍ جديدة وتستخدم اساليب مبتكره، فظهرت بشكل بين آدم (ع) وابليس وبين إبراهيم (ع) ونمرود، وبين موسى (ع) وفرعون، وبين محمد (ص) وابي سفيان وبين علي (ع) ومعاوية، وفي زمننا الحاضر لهذا الصراع اشكال والوان على ارض العراق الجريح، وبين اخرين من جانب الحق واخرين من جانب الباطل.
نعم لصراع الحق والباطل ألوان مختلفة وفي بعض هذه الألوان من الحرب ما يشبه السلم. فقد تتعارض الغايات في نظر الحق فيلقي السلاح فهو يهدر غاية ليتلافى غاية اخرى هي اسمى منها، وهو يلقي سلاحاً ليشهر سلاحاً اخر هو امضى منه.والحق لا يزال هو الحق والباطل هو الباطل في كل أولئك.من صراع الحق مع الباطل أن يعلن محمد (ص) دعوة الحق في مكة وليس لديه غير نزر من الانصار وغير قليل من المعاضدين، ومن صراع الحق مع الباطل أن يشهر السيف حين يجد العدة وحين تتاح له الفرصة، ثم من صراع الحق مع الباطل أن يحتجب محمد (ص) في الشعبْ ثلاث سنين في مكة.ومن صراع الحق مع الباطل أن يغمد السيف عن قريش عام الحديبية ليشهره عليهم عام الفتح.ومن صراع الحق مع الباطل أن ينظر قائد الحق وجه المصلحة للمبدأ الحق في الحركة والسكون وفي التقدم والوقوف.
ومن صراع الحق مع الباطل أن قدمَ الشعب العراقي قوافل من الشهداء خلال مرحلة صراعه مع النظام الطاغوتي العفلقي ومازال هذا الشعب المظلوم يقف ذات الوقفة بوجه الفلول المقنعة من بقايا ازلام النظام أو الذين تحالفوا معهم من القاعدة والنواصب من اجل اعادة تلك المعادلة الظالمة. وهناك الكثير من أمثلة الصراع بين الحق والباطل، ولكن هل يجوز لاصحاب الحق أن ينسحبوا من ساحة المعركة مهما بلغت التضحيات وعظمة فداحة ( الخسائر)، وهل يخلف الله وعده، وأن وعد الله هو الحق ولا يخلف الله الميعاد.(( ان الارضَ يرثها عبادي الصالحون))
https://telegram.me/buratha