بقلم : سامي جواد كاظم
كثيرة جدا تلك التي تحدث في العراق وتتوالى الاستنكارات والاستهجانات مع وعود المسئولين بالقصاص العادل من الإرهابيين الذين نفذوا هذه الجريمة او تلك .ومرتكبي هذه المآسي صنفان صنف مجهول يكنى بالتكفيري أو ألصدامي أو إرهابي القاعدة وما إلى ذلك من هذه التسميات ، وصنف أخر معلوم وتكون وقع جرائمه اشد قسوة من المجهول حيث بالإضافة إلى الخسائر البشرية والمادية التي تنجم من جراء أعماله الإرهابية تولد أثار نفسية لدى المواطن العراقي عندما يعلم أن هذا المعلوم هو من المسئولين الكبار في الدولة والأتعس من هذا كله يبدأ كل من كان لديه معلومة إرهابية عن هذا الصنف المعلوم بعرضها على وسائل الإعلام ،بعد ما كانوا نيام ، هنا لابد من الاستفهام ، لماذا لا يتم الكلام على هذا الإجرام لهذا المسئول عندما تكشف في لحظتها ؟!!.
والأمثلة كثيرة في العراق على ذلك منها مثلا عبد الناصر الجنابي والذي بعد إقراره بانضمامه إلى الجماعات المسلحة الإرهابية بدأت الصحف ووسائل الإعلام بذكر ما اقترف من جرائم سابقة تجاوزت الـ (150) جريمة ، أمثلة أخرى حازم الشعلان ، اسعد الهاشمي ، أيهم السامرائي ، محمد الدايني ، والقائمة تطول .وأخر مأساة حدثت في بغداد والتي إلى الساعة تتحدث عنها وسائل الإعلام وما يظهر من تصريحات وتبعات عنها هي مأساة ساحة النسور وما أقدمت عليها من جريمة شركة بلاك ووتر بقتل أكثر من عشرين شهيد عراقي مع العشرات من الجرحى من غير سبب أو سبب افتراضي منهم .
وأخر ما كتب عن إجرام هذه الشركة جاء على لسان من كان مسؤولية حمايته هي الشركة نفسها فقد كتبت جنيسا غانس الأستاذة للعلوم السياسية بكلية برينسيبيا العاملة في العراق للفترة (2003 ـ 2005 ) مقالا في صحيفة لوس أنجلوس تايمز وصفت فيه كيف كان عناصر بلاك ووتر يوفرون لها الحماية غير اَبهين بحياة العراقيين.كتبت مقالها بعد ان سمعت بالمأساة لاحظوا ـ بعد وقوع الجريمة ـ عندما سمعت أن الحكومة العراقية طلبت طرد شركة الأمن الخاصة بلاك ووتر كانت ردة فعلها (ليت ذلك كان منذ زمن). ونحن نقول لها ايضا ليت كان من زمان تكتبين ما تكتبين الان حيث تقول غانس (كانت مركبتنا تميل في الزوايا وتقفز من فوق حواجز الطرقات بسرعة تتجاوز 150 كلم/سا، وكثيرا ما عبرنا إلى الاتجاه المعاكس للشارع، وليمت القادمون عبر ذلك الشارع غما). وتضيف (كنت أقول في نفسي كم عدوا نخلقه بأصوات منبهات سياراتنا وإعاقتنا للسير ورجمنا للمارة بقنينات الماء (تكتيك مفضل لدى عناصر بلاك ووتر)، فضلا عن تهديد المارة بالسلاح’’.
تقول ذات مرة قلت للسائق لماذا هذا التعامل مع المارة في الشارع . فأجابها السائق قائلا (ماما لقد دربنا على اعتبار الجميع خطرا محتملا، فأنت لا تدرين من يمكنهم استخدامه فخا ولا أين يكمن الخطر، فالإرهابي يمكن أن يتخفى وراء أي شخص ). وتؤكد المسؤولة الأمريكية السابقة أن العراقيين الذين تعاملت معهم تعلموا كيف يفرقون بين الجيش الأمريكي وشركات الأمن الخاصة، فالجيش يخضع لقواعد انضباط معينة وهو مطالب كذلك بدفع تعويضات عن الأضرار التي يسببها، أما الشركات الأمنية فلا تبدو خاضعة لمثل تلك القواعد ولا تطالب بدفع تعويضات، فضلا عن كونها محصنة ضد مقاضاة القانون العراقي.
مأساة اخرى ننقلا عن كتاب (اقتل اقتل اقتل) للجندي الأمريكي جيمي ماسي الصادر قبل سنتين، إذ يروي كيف قتل بنفسه ومع أفراد مجموعته عشرات المدنيين العراقيين الذين يطلق عليهم تسميات من نوع (حجي) أو (هنود حمر).بالقرب من معسكر الرشيد وكيف انهم اسفوا على هروب بعض ممن اطلقوا النار عليهم ولم يتمكنوا من قتلهم اسوة باقرانهم . الألم الأخر وليس ألأخيرالذي تلقاه المواطن العراقي هو البيان الذي صدر من الحكومة العراقية بخصوص التحقيق في ماساة ساحة النسور والذي هو المهزلة بعينه ، هل هنالك في العراق من يشكك بمن هو اقترف جريمة النسور.
المشكلة الحقيقة ألان هل تعلمون إن هنالك شركات أمنية أخرى تعمل في العراق على شاكلة هذه الشركة القذرة ، وهل ستتمكن الحكومة العراقية من إخضاع هذه الشركات إلى المسائلة القانونية ، أم ننتظر إن تقترف أحداهم مأساة بحق الشعب العراقي ونبدأ بكشف جرائمهم السابقة ؟!!!
بقلم : سامي جواد كاظم
https://telegram.me/buratha