( بقلم : المهندس محمد علي الاعرجي )
قرر الرئيس الأمريكي بوش تعيين مبعوث خاص لتمثيل الولايات المتحدة لدى منظمة المؤتمر الإسلامي، والسبب كما قيل هو لتكون أمريكا على اطلاع بما تريده بلدان هذه المنظمة وبالتالي تتولد رؤية واقعية لدى القيادة الأمريكية تساعدها على اتخاذ قرارات مدروسة أو على الأقل تكون تلك القرارات قريبة بشكل أو بآخر من الإجماع الإسلامي وعدم إحراج أمريكا مع أصدقاءها المسلمين، والنتيجة ستكون توعية المواطن الأمريكي ورفع صورة الإسلام الإرهابي من مخيلته !
إلى هنا ليس لدينا اعتراض لو كان هذا القرار اتخذ بنية سليمة وقررت القيادة الأمريكية أن تنصف الإسلام والمسلمين وتقف إلى جانب قضاياهم وتكفر عن عدائها السابق معهم، ولكن من خلال معرفتنا ومعايشتنا لسياسة أمريكا لا يمكننا أن نصدق ذلك مطلقا ولنا كل الحق في ذلك ولأسباب كثيرة سنذكرها بإيجاز :
أولا، وقبل كل شيء لم يعد المواطن المسلم يثق بقياداته السياسية واستقلالية هذه القيادات عن المؤثر الأمريكي في معظم البلدان الإسلامية ومنها الدول العربية طبعا، فاغلب تلك القيادات هي صنيعة أمريكية لا تعدوا عن كونها روبوت يمتثل لأوامر الريموت الأمريكي .
ثانيا، على مر الفترة الزمنية التي انشئت بها عصبة الأمم ومن ثم الأمم المتحدة، لم نجد موقفا ايجابيا لأمريكا يساند مظلومية العرب والمسلمين، ويقد يقول احد أننا نسينا مساندة أمريكا لمسلمي الشيشان والبوسنة، غير أن ذلك لم يكن مساندة بقدر ما هو تصفية حسابات سابقة مع الاتحاد السوفيتي وجمهورية يوغسلافيا زعيمة دول عدم الانحياز أيام الحرب الباردة بين القطبين سابقا .
ثالثا، لم نجد أي تغيير ولو نسبي في سياسة أمريكا تجاهنا، فهي دائما مع الكيان الصهيوني العدو الأول للدول الإسلامية، والفيتو الأمريكي في مجلس الأمن الذي يعطل كل قرار أممي ضد هذا الكيان وما اقترفه من مجازر وعدوانية واضحة في فلسطين ولبنان والعراق إلى درجة نجد فيها الفيتو الأمريكي جاهزا يجهض حتى قرارات الإدانة والاستنكار الخجولة !
رابعا، نجد الانتخابات الأمريكية يسيطر عليها اللوبي اليهودي وهو لا يسمح بتولي أي مرشح للرئاسة ما لم يكن متعهدا بمساعدة وحفظ الدولة العبرية وتقديم كل ما من شأنه جعلها القوة الرادعة والضاربة الأولى في المنطقة، وكون اليهود يسيطرون على الاقتصاد وحركة المال الأمريكي لذلك كانت الحكومات الأمريكية المتعاقبة خاضعة تماما لتنفيذ بروتوكولات بني صهيون .
خامسا وأخيرا كان للازدواجية الأمريكية في تطبيق القرارات الدولية الأثر البالغ في حالة النفور والحقد التي تولدت لدى الشعوب العربية والإسلامية لكل ما هو أمريكي، ناهيك عن شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي سقطت وفشلت فشلا ذريعا بعد السياسة الأمريكية تجاه الوضع في كل من العراق وفلسطين ولبنان ووقوفها إلى جانب أنظمة ديكتاتورية قمعية كالنظام السعودي والمصري كون هذه الأنظمة تسير في فلك الإرادة الأمريكية وتطبق وتفرض تلك الإرادة على الدول العربية والإسلامية من خلال منبري الجامعة العربية والمنظمة الإسلامية،
أما الموقف من البرنامج النووي الإيراني والإصرار الأمريكي بفرض العقوبات المتتالية على إيران بالرغم من الطابع السلمي لهذا البرنامج في وقت تتغاضى الإدارة الأمريكية عن السلاح النووي الإسرائيلي وآثاره الوخيمة على هذه المنطقة القابعة على فوهة بركان، يجعلنا نتساءل عن المصداقية الأمريكية وهل إن الإدارة الأمريكية جادة في اتخاذ قرارها بتنصيب مبعوث خاص لها في المنظمة الإسلامية أم هي رغبة أمريكية لرؤية الأحداث عن قرب أم هو لفرض المفهوم الأمريكي للإسلام على المسلمين والاستفادة من الدور السعودي في هذا المجال، ثم لماذا في هذا الوقت بالذات بعد تنامي العبث السعودي بالورقة اللبنانية والعراقية على يد الأمير الطموح بندر بن سلطان وارتفاع أصوات الدعاة السعوديون بنصرة الجيش الإسرائيلي على حزب الله خلال حرب تموز 2006!!!ثم هل يعقل إن حكام السعودية ومصر والأردن وقطر وباقي فئة (يا طويل العمر) لم يعودوا يبلغون سفير أمريكا في بلدانهم بكل مادار ويدور بأروقة المنظمة العتيدة !
علينا أن ننتظر ونرى ما سيفعله هذا المبعوث وبأي هيئة سيكون، بالعباءة والعمامة أم بالصليب، ولا تستغربوا حينها فقد سبق وان حضر (طارق حنا عزيز) المسيحي ممثلا عن العراق لاجتماعات المنظمة الإسلامية تلك دون أن يثير ذلك استغراب أو استهجان بقية الحاضرين .... وصدقوا أو لا تصدقوا فان أمريكا أصبحت عضوا فاعلا في منظمتكم يامسلمين وليس بعيدا أن تكون من المؤسسين لأن السعودية كانت تحضر بالنيابة عنها.... والحر تكفيه الإشارة .
المهندسمحمد علي الاعرجي
https://telegram.me/buratha