( بقلم : علي حسين علي )
تتدافع التوترات في العلاقات الايرانية ـ الامريكية، وتنذر الحال بحرب او بهجوم امريكي على المنشآت الحيوية في ايران.. وتذهب بعض وسائل الاعلام الغربية والبريطانية منها تحديداً الى ان خطط الهجوم قد تم وضعها ولم يتبق إلاّ تحديد ساعة الصفر. وفي العديد من تصريحات المسؤولين الامريكيين يشعر المراقب السياسي بأن الغموض التي يكتنفها انما يشير الى الحرب واقعة لا محالة. ومن جانبها، فان ايران تبدو على استعداد لمواجهة أي هجوم امريكي، وقد عبرت من خلال استعراض صواريخها الحديثة ـ بعيدة المدى ـ او من مناوراتها العسكرية في البحر وعلى الارض بأنها في حال التهيؤ لتلقي الضربة الاولى، مع اشارات بعض المسؤولين فيها الى ان المصالح الامريكية في المنطقة ستكون هدفاً لضرباتها الثأرية. في هذا الجو المشحون بالتوتر، يبدو الغرب منقسماً بين مؤيد لأمريكا في تنفيذ هجوماً جوياً على ايران، وبين محذر من مغبة هذا الهجوم على المنطقة ككل وعلى السلام العالمي ايضاً.
ومما يبدو، حسب وكالات الأنباء، وتقارير عسكرية تسربت من واشنطن وطهران بأن واشنطن تتجه نحو التصعيد، في حين تبدي طهران موقفاً غير مكترث للحملة الاعلامية والنفسية الموجهة ضدها.. لكن ما يراه المراقبون والمحللون السياسيون هو ان الوضع يتجه نحو الصدام مع ان فرص التراجع ما زالت قائمة. وما يهمنا في الأمر هو ان الحرب لو وقعت فأنها لن تكون محصورة بين الطرفين وان نيرانها ستصيب الكثير من بلدان المنطقة، وان العراق لن يكون خارجها، بل سيكون المتضرر الاول في حال وقوعها، ولا يتصور احد في المنطقة بأنه بمنأى من حرائقها. ولهذا فإننا ندعو الى تجنب الحرب، وحل المشاكل بالحوار ولا نظن ان مشكلة مهما كبرت لا تجد العقول لها حلاً.
ان ما هو مخيف حقاً ان العراق سيكون وسط ساحة المعركة، فايران لها حدود معه تمتد لمئات الكيلومترات وقوات المتعددة الجنسية ستكون حتماً هدفاً للقوات الايرانية في حال تعرض الأخيرة الى هجوم، وهذه حقيقة، لا يمكن القفز فوقها. ولهذا سيكون العراق مرغماً على ان تتم تصفية الحسابات فعلاً وليس قولاً على أرضه، مع انه ليس طرفاً فيها، بل انه الرافض والكاره الاول لها، فايران دولة مسلمة وصديقة ولها مصالح وعلاقات ثقافية وتاريخية مع العراق واكثر من مليار مسلم في العالم، وحين تتعرض الى هجوم فإن المنطقة برمتها ستكون في حال لا يمكن تصورها.. أضف الى ذلك فإن المنطقة وخلال الثلاثين سنة الماضية كانت عرضة للحروب فمن حرب صدام الطاغية عام 1980 على الجارة المسلمة ايران الى غزوه للكويت عام 1991، واخيراً الحرب على صدام عام 2003، فكل تلك الحروب لم تجلب الى المنطقة وأهلها غير الويلات والمآسي، فضلاً عن الخراب والتدمير وتحويل الانفاق باتجاه التسليح بدلاً من استغلال ثروات المنطقة للبناء والأعمار.
ان خطر الحرب يقلق الجميع، واذا كان من السهل شن حرب، فإن من الصعب جداً ايقافها في وقت محدد، وتجارب الحروب الثلاثة ينبغي ان يعتبر بها صناع القرار وزعماء الدول، وعلى أساس تلمسنا لمخاطر الحروب منذ اكثر من ثلاثة عقود فينبغي تجنبها بأي ثمن. وكما قلنا ان توسيع الحوار وتفعيله وتقدير عواقب النزاعات المسلحة يجب ان تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، فالحرب لن تكون نزهة، ولن ينتصر فيها احد بصورة مطلقة، واذا ما كان في الزمان البعيد تشن الحرب ليفرض السلام، فإن هذا الزمان يختلف تماماًً، فالحروب تلد حروباً، وكوارث، ولن تخلف أي حرب في عالمنا المعاصر سلاماً او استقراراً.
https://telegram.me/buratha